إبراهيم: نحصل على النفايات من «جامعى القمامة» لعدم وجود شركات متخصصة
عبدالغفار: الإعفاءات الضريبية والجمركية أفضل حافز للشركات للتعاون مع المصانع
رغم أن إجمالى حجم المخلفات الإلكترونية فى السوق المحلى يصل إلى 50 ألف طن سنوياً، فإن هناك ما يزيد على %90 من هذه المخلفات لا يُعاد تدويرها ولا تستغل بشكل صحيح، وبحسب الخبراء، فإن المستثمرين لا يفضلون الدخول فى هذا المجال غيرالمربح، وأن السوق المصرى يكتفى حالياً بمصنع واحد دشن منذ 2013، إلا أن السوق يستوعب أكثر من 10 مصانع.
أكد الخبراء أن أبرز التحديات التى تواجه التوسع فى إنشاء مصانع جديدة متخصصة فى إعادة التدوير هو عدم وجود قوانين وتشريعات تلزم كافة الشركات فى التعاون مع المصانع التى تمتلك رخصة إعادة تدوير، إلى جانب عدم وجود بعض الحوافز المتمثلة فى إعفاءات ضريبية وتخفيضات جمركية للشركات التى تلجأ للتخلص من مخلفاتها بشكل آمن عن طريق المصانع المرخصة.
قال المهندس خالد إبراهيم، رئيس مجلس إدارة مصنع «ITG»، المصنع الوحيد المتخصص فى إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، رئيس غرفة تكنولوجيا المعلومات، إن أكبر التحديات التى تواجه مصنعه حالياً هو عدم وجود وعى بخطورة الأجهزة الإلكترونية القديمة فى العديد من الشركات والمؤسسات والمنازل.
أوضح أن نسبة استجابة الأفراد حالياً للتخلص من أجهزتها القديمة لا تتجاوز الـ%20، متوقعاً أن تصل إلى %30 بنهاية العام الجارى، مشدداً على ضرورة فرض بعض التشريعات والقوانين التى تلزم المواطنين والشركات بالتعاون مع المصانع التى تحصل على رخصة تدوير المخلفات الإلكترونية، وليس تجار الخردة كما يحدث فى الوقت الحالي، لافتاً إلى أن «ITG» يتواصل حالياً مع كل من وزارتى البيئة والاتصالات لإعداد الضوابط والقوانين المنظمة لعملية إعادة تدوير المخلفات.
أضاف أن شركته بدأت بتجميع المخلفات الإلكترونية من خلال «جامعى القمامة»؛ لعدم وجود شركات مختصة فى مثل هذه الأعمال، لافتاً إلى أن إجمالى حجم المخلفات فى مصر يقدر بحوالى 50 ألف طن سنوياً، وعالمياً 50 مليون طن سنوياً، ولا يُعاد تدوير سوى 15 مليون طن فقط.
أشار إلى أن التخلص الآمن من الأجهزة القديمة يعد مسئولية تقع على كافة الشركات تصنيع الإلكترونيات، متوقعاً أن يشهد السوق المصرى إنشاء العديد من المصانع الجديدة فى مجال إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية خلال السنوات القليلة المقبلة حال سن تشريعات وقوانين جديدة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
أضاف أن المؤسسات والهيئات الحكومية تنتج ما يقارب من 700 طن من المخلفات شهرياً، لكن أغلب المؤسسات تبيعها لتجار الخردة الذين لا يجيدون التعامل الآمن مع هذه المخلفات، الأمر الذى ينعكس سلباً على البيئة، مشدداً على ضرورة أن يشمل قانون البيئة معايير محددة لتعامل الدولة مع المخلفات وتصنيفها وكيفية بيعها والتخلص منها.
أشار إلى أن مصنعه بدأ منذ أواخر 2013 باستثمارات 50 مليون جنيه، بخط إنتاج لتدوير المخلفات على أربع مراحل، الأولى تبدأ بعملية «التكسير» حتى يصل سُمك المعدن إلى 4 سم، ثم تبداً عملية «طحن المعدن» ليصبح فى صورة بودرة بحجم 2 أو 3 مللي مترات تقريباً، ثم الـ«سايكلور»، وهى مضخات هوائية تعمل على تجميع الكثافة الأقل فى مكان والأكبر فى مكان آخر، والثالثة مرحلة التحليل، من خلال إدخال المادة فى «منخل vibration» هزاز، وفى المرحلة الأخيرة تفصل المعادن عن بعضها كالذهب والفضة بلاتين وغيرهما من المواد الخام النفيسة فى مكان بواسطة الشحنات الكهربائية.
من جهة أخرى، أكد المهندس هشام عبدالغفار، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للحاسبات الآلية، أن عملية إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية من المفترض أن تكون ضمن أساسيات صناعة تكنولوجيا المعلومات محلياً، مؤكداً أنه حال استغلالها بشكل إيجابى سوف تجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية، مشيراً إلى أن العالم بأكمله يتفق على أن أفضل طريقة للتخلص من الأجهزة الإلكترونية القديمة، تتمثل فى إعادة تدويرها مرة أخرى بأسلوب علمى وتقنى بأحدث التكنولوجيا والآليات لتفادى الأضرار الناجمة عن مراحل التدوير.
أضاف عبدالغفار، أن صناعة تدوير المخلفات الإلكترونية خلال الوقت الحالى غير مربحة، ولكنها صناعة ضرورية لتحقيق هدف الحفاظ على البيئة وصحة المواطنين، مطالباً بأن يكون للحكومة دور فى تشجيع وتحفيز المصانع والشركات التى تعمل فى مجال التدوير بشكل آمن، حتى تستطيع التغلب على التحديات التى تواجهها بشأن الربح الذى يقتصر على التجار الذين لا يملكون الخبرة، ويشترون هذه المخلفات من وزارتى المالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن طريق المناقصات أو المزايدات العامة التى تُعلن من وقت لآخر لإعادة تدويرها بشكل غير آمن.
أوضح عبدالغفار، أن دور الحكومة يتمثل فى إعداد قوانين وتشريعات تلزم كافة التجار أو الشركات والمصانع الراغبة فى المشاركة والاستحواذ على المناقصات العامة الخاصة بالمخلفات الإلكترونية بأن تمتلك التراخيص التى تؤكد مدى كفاءتها وخبرتها العلمية فى القدرة على تنفيذ عملية التدوير بطريقة سليمة وآمنة؛ لا تضر بصحة الأنسان، حتى يمكن تجنب الأضرار البيئية الناجمة عن قيام معظم التجار بحرق المخلفات للتخلص من النفايات الناتجة عن المخلفات.
وفى سياق متصل، أكد عبدالغفار، أن أمريكا ومعظم الدول المتقدمة تحظر استحواذ الشركات التى لا تملك التراخيص ولا الخبرة على مناقصات الأجهزة الإلكترونية القديمة، مطالباً بأن يكون هناك دور لكل من وزارتى البيئة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى إقرار القيود والضوابط على جميع التجار والشركات فى كافة القطاعات خاصة قطاع الـ«it».
لفت عبدالغفار إلى عدم وجود ممثلين من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مجلس الشعب، الأمر الذى يمثل عائقاً أمام القطاع عامةً، ونشر صناعة إعادة تدوير المخلفات خاصةً، موضحاً أن هناك العديد من القوانين التى تحتاج إلى أشخاص تعى أهمية تطبيقها للنهوض بصناعة تكنولوجيا المعلومات.
وفيما يتعلق بحجم المخلفات الإلكترونية فى السوق المحلى، أشار عبدالغفار، إلى أن نسبة إعادة تدوير المخلفات الإلكتروينة فى السوق المحلى بشكل آمن لا تتجاوز الـ%10 فقط، فى حين أن %90 لا تُستغل بشكل إيجابى وآمن، الأمر الذى يتسبب فى تلوث بيئى وانتشار العديد من الأمراض الخطيرة.
لفت إلى أن المصالح الحكومية تستحوذ على النسبة الأكبر من المخلفات الإلكترونية، وفى العادة تلجأ للتخلص من مخلفاتها عن طريق التجار الذين يستحوذون على المزايدات أو المناقصات دون وضع قيود أو شروط، الأمر الذى يُعد عائقاً أمام المصانع التى تعمل على أساس علمى ووفقاً للضوابط البيئية، حيث إنها لا تستطيع الاستحواذ على هذه المناقصات، لذلك لا يفضل أغلب المستثمرين الدخول والعمل فى صناعة تدوير المخلفات فى ظل انخفاض العائد المادى المحفز كأغلب الصناعات والقطاعات الأخرى، متوقعاً عدم وجود صناعة لتدوير المخلفات الإلكترونية خلال السنوات المقبلة حال استمرار هذا الوضع، وسوف تغلق المصانع الحالية لعدم قدرتها على مواجهة هذه التحديات.
شدد عبدالغفار على ضرورة إلزام كافة الشركات والجهات العاملة بعدم استيراد الأجهزة التى يتجاوز تاريخ إنتاجها 5 سنوات، نتيجة الأضرار والمخاطر البيئية التى تنتج عنها حال دخولها السوق المحلى، والتى تؤثر سلباً على كافة العاملين وجميع المواطنين الذين يشترون هذه المنتجات.
اقترح عبدالغفار عدة حلول لاستمرار صناعة تدوير المخلفات دون أضرار بيئية، وتتمثل فى فرض كافة التشريعات والقيود لكل من الشركات التى تمتلك مخلفات وأجهزة قديمة والمصانع التى تعمل فى إعادة التدوير، بالإضافة إلى طرح إعفاءات ضريبية وخصومات جمركية لكافة الشركات التى تقوم بالتخلص من مخلفاتها الإلكترونية بطريقة صحيحة وآمنة، الأمر الذى تسلكه معظم الدول المتقدمة.
وفقاً لعبدالغفار، فإن المصالح المشتركة والفرص الاستثمارية هما اللتان تسهمان فى نشر ثقافة صناعة تدوير المخلفات الإلكترونية عالمياً ومحلياً بجانب الوعى البيئى، مؤكداً أنه لا يمكن الاعتماد على الوعى الصحى والبيئى فقط، خاصة أن المستثمرين وأصحاب الشركات يلجأون عادةً إلى المشاريع التى تحقق عائداً وربحاً أكبر.
من ناحية أخرى، أكد المهندس أسامة فواز، مدير شركة ITG للحاسبات الآلية، أن 90% من المخلفات الإلكترونية خارج نطاق عملية التدوير، مشدداً على ضرورة الاستفادة منها بشكل إيجابى خلال السنوات القادمة، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية تلزم كافة الجهات والشركات بإحلال وتجديد كافة أجهزتها فى فترة تتراوح بين 6 أشهر وعام ونصف العام كحد أقصى، على أن تتخلص من أجهزتها القديمة بطريقة آمنة من خلال التعاقد مع المصانع والشركات التى تمتلك الإمكانيات الآمنة لتدوير مخلفاتها بشكل لا يضر بالبيئة، مشيراً إلى أن العائق الأساسى فى السوق المحلى يتمثل فى الوعى المجتمعى المفقود لصناعة تدوير المخلفات.
أشار إلى أن ثقافة المجتمع المصرى ما زالت تنظر لعملية التخلص من أجهزتها القديمة بنظرة الاستفادة المالية فقط، وليس المالى والبيئى معاً، موضحاً أن أكبر تحدٍ يواجه المصانع التى تعمل فى تدوير مخلفات الأجهزة القديمة الراغبة فى دخول هذا المجال، يتمثل فى عدم استجابة الأفراد والشركات للتخلص الآمن من مخلفاتهم، مؤكداً أن الوعى سيأتى مع مرور الوقت أو الندوات والمؤتمرات والبرامج التى تهدف لنشر ثقافة التدوير بشكل آمن، مشيراً إلى أن ذلك سيستغرق المزيد من الوقت قد يصل إلى 5 سنوات.
ولفت إلى أن أغلب الشركات التى استجابت لعملية التدوير بالطريقة الآمنة من خلال تعاقدها مع مصنع «ITG»، تمتلك ثقافة غربية وليست محلية مستشهداً بشركات مثل فودافون، وIBM، وموبينيل، وHP التى تعاقدت مع المصنع خلال الأشهر القليلة الماضية، موضحاً أن هذه الشركات تعى جيداً خطورة الأجهزة القديمة، وما تسببه من أضرار وتلوث للعمل البيئى، وأن الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة لا تمتلك هذا الفكر ولا تلتفت إلى الجانب البيئى أكثر من الناحية الاقتصادية.
أكد أن السوق المصرى يستوعب أكثر من 10 مصانع فى مجال تدوير المخلفات وليس مصنعاً واحداً، كما هو الحال الآن، وأن أرباح هذه الصناعة ضخمة تصل إلى %40.
وفى سياق متصل أكد، أن هناك بعض التشريعات والقوانين التى توضح أهمية التخلص من الأجهزة القديمة «المخلفات الإلكترونية»، لكنها تحتاج إلى ضوابط مكملة تجبر جميع الشركات والمصالح والهيئات والمؤسسات بتنفيذ هذه القوانين والتخلص من مخلفاتها بشكل علمى وآمن، موضحاً أن وزارة البيئة أقرت قوانين تلزم الشركات باستيراد بعض الأصناف الإلكترونية المستعملة التى تجاوز تاريخ إنتاجها الـ10 سنوات، ثم تراجعت إلى 5 سنوات، وحالياً لا تزيد على الـ3 سنوات فقط.
أضاف أن المشكلة الكبرى تتمثل فى آلية تنفيذ وتطبيق القوانين، مقترحاً فرض عقوبات رادعة على الذين يلجأون للطرق غير المشروعة وغير الآمنة فى التخلص من المخلفات، بالإضافة إلى منح حوافز للشركات التى تستجيب للضوابط.
أكد فواز أن عزم مصنع ITG على إنشاء خط إنتاج ثان يعمل على فصل المعادن النفيسة عن بعضها بدلاً من إرسالها للخارج ثم تعود مرة أخرى إلى مصر، لتوفير ما يقارب من %20 مما ينفقه المصنع حال تصديره المنتج، ومن ثم يعود على الناتج القومى بشكل إيجابى.
وشدد على ضرورة فرض رقابة مشددة على مختلف قطاعات الدولة مثل تكنولوجيا المعلومات والبترول والصناعات الغذائية وغيرها للتعرف على كيفية التخلص من أجهزتها القديمة، مشيراً إلى أن حجم المخلفات الإلكترونية لا يمكن حصره لأن بطبيعة الحال الأجهزة الإلكترونية تستخدم حالياً فى كافة المجالات بأعداد متفاوتة لا يصعب حصرها، إلا أن ما يعاد تدويره لا يتعدى 5% من إجمالى حجم المخلفات الإلكترونية.