بكين المستفيد الأكبر من اتفاقيات التجارة الحرة فى الوقت الراهن
تشير تقديرات المنظمات الدولية إلى أن خطوط التجارة العالمية، سوف تشهد ازدحاماً خلال العقود المقبلة، لكن هناك 3 مخاطر أساسية تتهدد مستقبل نشاط النقل العالمى سواء البرى أو البحرى أو الجوى، بحسب تحليل اورى دادوش، خبير البنك الدولى نشره معهد كارنجى الدولي.
الخطر الأول، يتمثل فى التهديد الراهن والدائم الذى لا يخلو منه أى زمان أو ينجو منه أى مكان، وهو خطر الانكماش الاقتصادى طويل الأجل الذى يجعل الجميع يعود للنظر إلى فرص التجارة الداخلية وليس العالمية.
ويصاحب الركود الاقتصادى، دائماً، غياب شبكات الأمان الاجتماعي، كما هو الحال بالنسبة للعديد من البلدان النامية، كما يزيد من احتمال لجوء الحكومات إلى الحواجز الحمائية مثل فرض الجمارك على الواردات ورسوم الإغراق، ومنع تصدير بعض السلع.
ومن أهم الآثار السلبية للركود هو ضعف الأجور والدخل للطبقة المتوسطة لفترات طويلة كما هو الحال فى الولايات المتحدة، يكون له تأثير مماثل على تراجع الاستهلاك والطلب بشكل عام.
أصبح هذا خطر حاداً، وحدث ذلك بالفعل فى عامى 2008 و2009، ولا يمكن لأحد فى الوقت الراهن القول إنها فى مأمن منها حتى الصين الدولة الرائدة فى الأسواق الناشئة الأم أو منطقة اليورو التى يتعرض اقتصادها لانتكاسة.
قد يكون العالم أفضل بكثير، حالياً، من حيث الجاهزية للتعامل مع دورة الازدهار والكساد عما كان عليه الناس فى الثلاثينيات من القرن الماضى، حيث الكساد الكبير ولكن لكل أزمة مالية واقتصادية طبيعة مختلفة بالكلية.
والخطر الثانى، هو أن التوترات الجيوسياسية المتزايدة خصوصاً فى مناطق أساسية لمرور التجارة العالمية، حيث تمتد خريطة النزاعات من الصين واليابان حول الحدود البحرية، وكذلك روسيا وأوكرانيا حيث المعارك الانفصالية فى شرق الأخيرة، وما يرتبط بها من قضايا ذات علاقة بالأمن والنفوذ السياسى أكثر من التجارة بالنسبة لروسيا، بيد أن التجارة هى المتضرر بشكل مباشر.
ويشير بحث معهد كارنجى إلى أنه ينبغى التأكيد فى هذا الصدد على أن الاتجاه نحو الاتفاقات التجارية الإقليمية الضخمة يمكن أن يصبح إما جسراً لعبور التجارة أو مدمرة لجسور التجارة.
فعلى سبيل المثال، قد تكون التحالفات الإقليمية مصدراً لمزيد من الاحتكاكات مثل تحالف دول الميحط الهادئ «تى بى بي» أو تحالف دول المحيط الأطلنطى الذى يشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى كشريكين رئيسيين «تى تى اى بي»، وهما نوعان من التحالف يخلوان، تماماً، من دول الأسواق الناشئة، وهى الجزء الأكثر ديناميكية فى التجارة العالمية حتى لو تراجعت مؤخراً، فالصين هى المستفيد الأكبر من التجارة الحرة اليوم، ولن تنسحب من السوق الدولية.
لكن احتمال أن بلداناً مثل البرازيل والهند وروسيا، وإندونيسيا، والتى جرى استبعادها من التحالفات الكبرى سوف تصبح أكثر حمائية أو عائقاً غير قابل للعزل.
والخطر الثالث هو، التعارض فى المصالح، وهو الأثر السلبى المحتمل لزيادة الترابط التجارى بين العالم، ففى كثير من حالات توثيق الصلات وتعزيز التجارة تظهر التغيرات المناخية، والتى يتوقع العلماء على نطاق واسع أن يكون لها عواقب وخيمة كمثال واضح على الأضرار الناجمة عن تعزيز روابط التجارة.
فإذا تبنت بعض البلدان دون غيرها ضريبة على المواد الكربونية المنبعثة أو وضعت حداً أقصى للانبعثات الكربونية، فإن عدم التعاون يعنى الفشل فى احتواء انبعاثات الكربون؛ لأن الدول التى تتبنى هذه السيسات البيئية ستعانى من ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالتالى تضعف قدراتها التنافسية مع الدول المشاركة لها فى التحالف الاقتصادى، وهو ما يعنى أن حرباً تجارية ستشتعل بينها بدلاً من التعاون الاقتصادي.
وتحتاج العولمة التعاون فى عدد كبير من القضايا منها أمن المعلومات والتجارة الإلكترونية، والتجارة عبر الإنترنت لتحقيق معايير بيئية ومعايير السلامة، وأنظمة العملة وأنظمة التحكم فى رأس المال، وغيرها.
ويعتبر عدم التنسيق فى مجال واحد أو أكثر من هذه المجالات ذريعة سهلة لتقييد التجارة أو لمعارضة توثيق العلاقات التجارية.
ويمكن إجمال صورة التجارة العالمية فى أن قوة الدفع الناجمة عن التطور التكنولوجى والاقتصادى تسير بالتجارة العالمية إلى الأمام لكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة، وربما من المستغرب أن معظم هذه المخاطر يأتى من خارج النطاق الضيق لجدول أعمال التجارة.