عادلى: المملكة غير قادرة على الاستمرار فى دعم الموازنة فى مصر دون حد أدنى لإصلاح الاقتصاد
الفقى: انخفاض أسعار النفط وزيادة الضغوط ساهما فى تغير شكل المساعدات
فرحات: تحول المنح إلى استثمار يدعم الاقتصاد بجميع جوانبه ويحسن وضعية السوق
تفتح الزيارة التى يقوم بها العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز لمصر الباب أمام تحول العلاقات بين البلدين إلى الاستثمار بدلا من المساعدات التى كانت تسير فى اتجاه واحد يبدأ فى السعودية وينتهى فى مصر.
ومن المنتظر أن يوقع الجانبان خلال الزيارة 24 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتراوح بين الاستثمار والتمويل، وهو ما يختلف عن الشكل السابق للدور السعودى الذى قام على تقديم المساعدات السخية فى مرحلة ما بعد 30 يونيو.
وكشف الرئيس السيسى الشهر الماضى عن تقديم 3 دول خليجية هى السعودية والإمارات والكويت 51 مليار جنيه مساعدات بترولية خلال العام ونصف العام الماضيين.
وقدمت المملكة بشكل معلن 7 مليارات دولار مساعدات نقدية لمصر بعد 30 يونيو منها 3 مليارات دولار منحة لا ترد، وقرض بقيمة مليارى دولار ووديعة لدى البنك المركزى بنفس القيمة، كما تعهدت بضخ مليارى دولار فى شكل استثمارات مباشرة خلال مؤتمر شرم الشيخ العام الماضى.
وتعهد الملك سلمان فى بيان من الديون الملكى ديسمبر الماضى بزيادة استثمارات السعودية فى مصر بقيمة 30 مليار ريال سعودى بما يوازى 8 مليارات دولار، فضلاً عن تقديم تسهيلات تمويلية لجزء من احتياجات البلاد من المواد البترولية لمدة 5 سنوات.
ويرى اقتصاديون أن التحول فى العلاقات الاقتصادية ناتج عن انخفاض مستويات أسعار النفط العالمية، وبعض الأزمات الاقتصادية التى تمر بها المملكة خلال العام المالى الجاري، فضلاً عن تباطؤ الإصلاحات الاقتصادية للاستثمار التى وعدت بها الحكومة المصرية خلال مؤتمر مارس العام الماضي.
وتعانى المملكة العربية السعودية أزمة انخفاض أسعار النفط ليصل سعر البرميل فى حدود 36 دولاراً خلال الشهر الجاري، فضلاً عن اقرار المملكة موازنتها العامة للدولة لعام 2016 بعجز قدره 326.2 مليار ريال، ما يعادل حوالى 87 مليار دولار.
وقال عمرو عادلى، الباحث الاقتصادى بمركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط، إن السعودية أصبحت غير قادرة على الاستمرار فى دعم الموازنة العامة المصرية دون حد أدنى لإصلاح الحكومة المصرية للاقتصاد فى ظل الأزمة التى تحد من زيادة المنح المقدمة من المملكة.
وأشار إلى أن الاقتصاد المصرى ضخم ولن يعالجه تدفق المليارات من الدولارات فقط ولابد أن يتبعه إصلاحات هيكلية فى المنظومة الاقتصادية.
وأضاف أن المملكة كانت ملتزمة بتقديم مساعدات ومنح تجاه مصر لتمويل المرحلة الانتقالية خلال السنوات الماضية، وعقب المؤتمر الاقتصادى مارس العام الماضى على الرغم من تحقيق المؤتمر الأهداف المطلوبة.
وكانت مصر قد أقامت مؤتمراً اقتصادياً عالمياً مارس العام الماضى بشرم الشيخ، وقالت الحكومة إنها استطاعت توقيع عقود ومذكرات تفاهم استثمارية بقيمة 80 مليار دولار.
وأوضح عادلى أن المملكة السعودية غيرت أولوياتها الاقتصادية مؤخراً استعداداً لمرحلة ما بعد النفط.
وذكر الباحث بمركز كارنيجى أن انخفاض أسعار النفط يشكل ضغوطاً شديدة على السعودية بالإضافة إلى الصراعات السياسية التى تعانى منها المنطقة، وأن ذلك دفع العلاقات الاقتصادية السعودية المصرية للتحول إلى استثمارات وقروض.
وأشار عادلى إلى أن السعودية لن تتوقف على دعم مصر اقتصادياً وأنها لا يمكن أن تقلل اعتمادها على مصر وستزيد الاستثمارات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.
وقال فخرى الفقى، مساعد المدير التنفيذى الأسبق بصندوق النقد، إن الظروف الاقتصادية المتمثلة فى انخفاض أسعار البترول وزيادة عجز الموازنة التى تمر بها المملكة العربية السعودية دفعتها لتغيير علاقتها الاقتصادية مع مصر من منح إلى قروض تنموية واستثمارات.
وأضاف أن المملكة عازمة على تقديم كامل الدعم للحكومة المصرية خلال الفترة الحالية، وأنها وافقت على تسهيلات ائتمانية لقطاع البترول خلال الخمس سنوات المقبلة.
وذكر الفقى أن الاستثمارات السعودية قد تواجه عدداً من التحديات فى مصر متعلقة ببيئة الاستثمار وعدم توافر بنية تحتية تساعدها على البدء فى تلك المشروعات، مشيراً إلى أن مصر تحتاج إلى الاستعداد التام لبدء الاستثمار.
وبلغ إجمالى الاستثمارات السعودية فى مصر منذ عام 1970 وحتى الآن حوالى 6.2 مليار دولار وفقاً لبيانات الهيئة العامة للاستثمار.
ويرى هانى فرحات المحلل الاقتصادى ببنك الاستثمار سى أى كابيتال، أن تحول العلاقات بين مصر والسعودية من منح ومساعدات إلى قروض تنموية واستثمارات يدعم الاقتصاد بجميع جوانبه ويحسن وضعية السوق.
وأضاف أن الاستثمارات والقروض للمشروعات التنموية تدعم معدلات التشغيل والتوظيف فى المشروعات وتسهم فى زيادة معدل النمو الاقتصادي، بخلاف المنح التى قد لا تسهم بشكل أساسى فى تحريك عجلة الانتاج.
وأشار إلى أن الاستثمارات فى مصر تواجه عدداً من التحديات، وأن زيادة الاستثمار السعودى فى مصر يتطلب حل جميع المشكلات التى تواجه المستثمرين ككل والعمل على توفير بيئة ملائمة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.