استمرار 38 مستفيدًا فقط من بين 1700 استلموا وحدات بالسوق
«البائعون»: مجبرون على الوجود على أمل الانتقال لـ«الزاوية» ونتحمل الضيق من الفرج
اقتراحات بإقامة موقف ميكروباص أو أتوبيس بالمنطقة لجذب الزبائن او استبدال الترجمان بحديقة الأزبكية
تحول سوق الترجمان من مكان يجمع الباعة الجائلين إلى ما وصفوه بالمقبرة بسبب غياب المشترين وبعد السوق عن المناطق السكنية، ما دفع أكثر من 98% من البائعين للهروب منه والعودة للشارع مرة أخرى.
ورصدت «البورصة» فى جولة داخل السوق خلوه من الباعة والزبائن والبضائع أيضا وتحول السوق الذى تسارع عليه الباعة الجائلون لحفظ كرامتهم والتهديد المستمر من «البلدية» إلى منطقة مهجورة تسكنها الأشباح.
وكانت الحكومة قررت فى اغسطس 2014 نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد بالقوة الى سوق الترجمان، وتم حصر الباعة وتسكين 1700 باع متجول رغم اعتراضهم على موقع السوق.
ويستمر فى السوق حاليا 38 بائعا فقط معظمهم من كبار السن، الذين لا يستطيعون سرعة الإفلات من مطاردات الشرطة والبلدية، ويأملون فى الانتقال الى سوق الزاوية بعد الغاء منطقة «وابور الثلج»، التى تم وعدهم بالانتقال اليها حال الموافقة على سوق الترجمان خلال 4 أشهر على الأكثر وهو ما لم يحدث رغم مرور 20 شهرا.
الباعة المستمرون بالسوق والذين التقتهم البورصة قالوا: إن مشروع «سوق الترجمان» فشل وعاد أكثر من 98% من الباعة للشارع مرة أخرى، وأن السوق لا يسمن ولا يغنى من جوع.
وأضافوا أنهم يلجأون للشارع لمدة ساعتين يوميا بعد انتهاء مواعيد السوق الرسمية، التى حددتها المحافظة من اجل تحقيق ارباح تساعدهم على الحياة ومطلبتها اليومية.
واثناء الحديث مع الباعة أكدوا ان المسئولين عن إدارة السوق يمنعون دخول الصحفيين والإعلاميين، وطالبوا بإيصال أصواتهم دون ذكر أسمائهم حتى لا يتم حرمانهم من الانتقال لسوق الزاوية على حد قولهم.
وقالوا: إن الصحافة ممنوعة تماماً من دخول المكان، وأن رئاسة الحى تشدد على جميع البائعين عدم الحديث مع وسائل الإعلام.
قال البائعون: إنهم لا يريدون أكل العيش وسط الكر والفر من الحكومة، ورغم توفير الكرامة الإنسانية بإقامة مكان مخصص لهم، لكن لا توجد زبائن، وقال أحدهم: «أين العيش وسط غياب الزبائن.. وأين الحرية فى إجبار الباعة على الإمضاء حضور وانصراف مثل موظفى الحكومة».
قال أحدهم إنه مضطر لتحمل الحضور يومياً من الـ 10 صباحاً حتى الـ 4 عصراً، حتى تتأكد الإدارة بشكل منتظم من المجموعة الملتزمة فى المكان عبر تصوير كل البطاقات الشخصية وكارنيه لكل عضو، ويتحملون الضيق من أجل الفرج وكأنه الأمل الوحيد.
واصبح السوق مهجورا وعند الدخول وللوهلة الأولى تظهر نحو 1000 باكية خشبية مهجورة، يقطن أمامها ما بين 30 و40 بائعاً من كبار السن يجلسون مع بعضهم البعض يتحدثون فى أمور دنياهم، ويترقبون زبوناً ربما تقوده قدماه للشراء من هذا المكان.
وقال بائعون إن الديون أصبحت تلاحقهم بعد فشلهم فى بيع المنتجات التى اشتروها بالدين لحجز مكان فى السوق، وذكروا أن «الترجمان» لا يصلح لأى عمل تجارى، وقال: أحدهم إذا أرادت الحكومة إخلاء أحد الأماكن من الباعة الجائلين فلتبدأ بهذا المكان.
وأضاف زميله أن الحكومة غير صادقة فى وعودها بنقلهم إلى مكان أفضل، ولم تتخلص من الباعة فى وسط البلد، بعدما رجع جميع الشباب إلى العمل فى مناطقهم مرة أخرى، بعيداً عن عيون الحكومة.
وقال أحد الباعة يتجاوز عمره 50 عاما كنت أحقق صافى ربح يصل إلى 5 آلاف جنيه شهريا، فيما وصل به الحال الآن إلى تحقيق 50 جنيها فقط من خلال نحو 10 عمليات بيع طوال الشهر، مشيراً إلى انه يستكمل يومه لمدة ساعة او ساعتين مساء كمتجول لتوفير مصاريفه اليومية.
وذكر أحد الباعة صعدوا الموقف العام الماضى باستغاثة إلى رئيس الجمهوية عبد الفتاح السيسى، مطالبين بإنقاذهم من هذا السوق الوهمى، إلا أن ذلك الطلب كان دون جدوى.
وقال معظمهم: إن زملاءهم البائعين الهاربين من المكان عادوا بشكل طبيعى إلى التجول مرة أخرى فى شوارع وميادين القاهرة، متحدين قرار المحافظة بنقلهم إلى سوق الترجمان.
وأوضح بعضهم أن الحياة أصبحت أكثر أماناً فى شوارع وسط البلد ومناطق الإسعاف وطلعت حرب وقصر النيل وعبدالخالق ثروت وميدان عبدالمنعم رياض والعتبة ورمسيس والفجالة، وذلك بعد إرضاء الحكومة.
واقترح أحد الباعة أن تقيم الحكومة موقف ميكروباص أو جراج أتوبيسات داخل السوق حتى يتسنى رؤيتهم والتعرف على بضاعتهم، مع وجود أماكن استراحة ومظلة لاستقرارهم فى المكان، لافتاً إلى أن الحكومة صرفت الملايين فى السوق، ولم تنفق أى شىء على تسويقه.
واقترح أحدهم نقل الباعة الموجودين بالترجمان الى حديقة الأزبكية فقط، والتى تسع أكثر من 4000 بائع، وهى ملتقى يجمع كل الشوارع التى حولها، أو حول سور الأزبكية، والتى تسع لنحو 2000 بائع، فيما اقترح آخرون منطقة أسفل كوبرى 6 أكتوبر فى رمسيس أمام محطة سكة حديد مصر، والتى تسع نحو 2000 بائع أيضاً.
وبعد تراجع الحكومة عن إعطائهم مكان جديد على أرض «وابور الثلج» قال البائعون: إن تلك الأرض تم إلغاء تخصيصها للبائعين، وتعاقدت المحافظة على بيعها لأحد رجال الأعمال.