تحول الحرم اليونانى فى ميدان التحرير، والذى كان مقراً للجامعة الأمريكية من قبل، إلى حديقة للتكنولوجيا ومكان للعمل المشترك وإلى واحد من المراكز التى تشكل المشهد التكنولوجى فى مصر، ورغم أنه من المبكر تشبيهه بسيليكون فاللى، إلا إنه يكشف مدى الطموح المحلى.
وتقول صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن المشهد التكنولوجى يعد أحد النقاط المضيئة فى الدولة.
وقالت إميلى رينى، مدير الحرم اليونانى: «على الأرجح تشعر بالأمر بمجرد أن تدخل الحرم، فأجوائه مختلفة تماماً عن الخارج، وتسمع فيه زقزقة العصافير بدلاً من أبواق السيارات، وأيضاً تسمع همهمة أشخاص يخططون، ويبدعون، ويبنون أشياء».
وتم افتتاح الحديقة التكنولوجية التى تديرها شركة «Tahrir Alley» فى 2013، بعد أشهر من الإطاحة بالرئيس الإخوانى المنتخب ديمقراطياً، محمد مرسى، ويقول مؤسس الشركة، أحمد الألفى: «جعلنى التوقيت أتوقف قليلاً لأفكر، ولكن توصلت لاستنتاج ان هناك طلباً كافياً، وإذا أسست الحديقة التكنولوجية، فسوف يأتى الناس».
وكانت هذه مقامرة ناجحة، واليوم توجد اكثر من 100 شركة فى الحديقة بدأ من مشروعات يؤسسها شخص واحد إلى الشركات المحلية الأكبر والمؤسسات العالمية مثل «أوبر» و«جوبزيللا».
وانتقل الألفى، رائد المشروعات المشتركة، من كاليفورنيا إلى القاهرة منذ 10 سنوات، ووصفه مدير تنفيذى لشركة رقمية محلية رائدة باعتباره «عرّاب ريادة الأعمال» فى مصر، كما أنه مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «صوارى كابيتال» للمشروعات المشتركة، و«فلات 6 لاب»، التى تدعم الشركات الناشئة، وساعدت على إطلاق 46 شركة مصرية جديدة منذ 2011.
وارتفع عدد المؤسسات التى تدعم رواد الاعمال بشكل كبير فى السنوات الكبيرة، مثل حاضنات الأعمال (وهى الشركات التى تدعم رواد الاعمال من خلال مجموعة من الخدمات او من خلال شبكة معارفها)، وأماكن العمل المشترك، وممولى المشروعات الجديدة.
وتعد شركة «ومضة» واحدة من تلك المؤسسات التى وصل عدد الشركات التى ساعدت على إطلاقها 47 شركة فى 2015.
وأطلقت الحكومة المصرية أيضا مجموعة من البرامج مثل مركز الإبداع التكنولوجى وريادة الأعمال، حاضن الاعمال وممول المشروعات الجديدة.
ومع ذلك، فإن بيئة الأعمال فى مصر صعبة، ويصنف البنك الدولى الدولة فى المركز 131 من 189 من حيث سهولة ممارسة الأعمال، كما ان الوصول إلى تمويلات تتخطى التمويلات التى تقدمها الشركات التى تدعم المشروعات الجديدة عند 50 ألف دولار صعباً فى معظم الأحيان.
ويقول كون أو دونيل، رائد اعمال ومستشار ومستثمر فى «كايرو أنجيلز» لتمويل المشروعات الجديدة: «فيما يتعلق بالتمويل المحلي، لايزال حجم الاموال المتاحة صغير جدا».
وهذا يجعل النجاحات المحلية اكثر وضوحا، وتمكنت شركتان محليتان مؤخراً من الحصول على دعم من مؤسسات دعم الشركات الجديدة فى سيليكون فاللى، وهما موقع «وظف» للتوظيف وتطبيق «انستابج» الذى يوفر للمطورين فرصة التواصل مع المستخدمين لمتابعة أى أخطاء تحدث للبرامج.
وتُحدث الشركات الأخرى ذات الأجندات الاجتماعية القوية تأثيراً محلياً، وتهتم بتمكين المرأة العاملة، أو معالجة مشكلات التعليم الحكومى، والقيادة المتهورة، والتحرش الجنسى.
وتبتكر العديد من الشركات أشياء لجعل الحياة فى المدينة الكبيرة شديدة الازدحام وفقيرة التخطيط أكثر سهولة، فعلى سبيل المثال، تسبب الازدحام المرورى فى ظهور سوق تنافسى لتوصيل الطعام من خلال تطبيقات مثل «اطلب»، و«كذا أوردر» و«المنيوز».
كما يوجد تطبيقات لمشاركة السيارات وللجراجات، وفى أوائل عام 2015، عندما اجتاحت مصر مجموعة من الانفجارات، وفر تطبيق «بيقولك» خاصية للتحذير من احتمالية وجود قنابل.
ويوجد حالياً 160 مليون مستخدم عربى للإنترنت، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، وفى العقد الماضى ارتفع استخدام الانترنت فى العالم العربى من 11% إلى 45%، ما فتح الفرص أمام المصريين المولعين بالتكنولوجيا.
ويقول الألفى: «يقود الشباب الديناميكيين مشهد الشركات الصاعدة فى مصر.. واعتقد أن الجميع سينجح ويجد طريقه رغم الكثير من العقبات، والمصريون مبدعون بطبيعتهم، ولديهم أفكار كبيرة».