كشف أحمد بدر الدين الشريك الرئيسي في مجموعة أبراج عن توقعاته ورؤيته للعام الجديد في حوار مع نشرة إنتربرايز عن أن 2017 سيكون عام القلق في بعض المجالات .
أحمد بدر الدين هو المسؤول عن استثمارات أبراج بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكان بمثابة القوة الدافعة التي مكنت المجموعة الإماراتية من الدخول في قطاع الرعاية الصحية بمصر (من خلال الاستحواذ على مستشفى كليوباترا وشركة التشخيص المتكاملة القابضة)، وقطاع التعليم (من خلال الاستحواذ على الشركة المالكة لمدارس المستقبل). كما أن مجموعة أبراج كانت من طليعة من قام بالاستثمار في شركات وسائل النقل التشاركي وذلك من خلال استثمارها في شركة كريم. وانضم بدر الدين لأبراج عام 2008 بعد أن قضى ثماني سنوات في شركة باركليز كابيتال بلندن، وعمل قبل ذلك بشركة “بيكر هيوز” لخدمات حقول البترول. ودرس بدر الدين الهندسة الميكانيكية وإدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
2017 سيكون عام القلق في بعض المجالات. فالمشكلة الأساسية بالنسبة للشركات التي لدينا استثمارات بها ستكون ارتفاع التكلفة والأجور، والتي يعقبها حالة من عدم اليقين من ناحية الصرف الأجنبي. من المحتمل أن نبدأ في رؤية النتائج الإيجابية لقرار التعويم في النصف الثاني من 2017 عندما تبدأ العملة في التحسن وتتجه نحو الاستقرار.
مما لا شك فيه أن أسعار الفائدة ستجعل اتخاذ القرارات الاستثمارية أكثر صعوبة بالنسبة لبعض الشركات. فعندما تجد أسعار الفائدة على الودائع في بعض البنوك تتراوح بين 19 إلى 20% لمدة 18 شهرا، فإن لاتخاذ قرار بالاستثمار الرأسمالي وإضافة طاقات الجديدة يجب أن يكون العائد على الاستثمار أعلى من فائدة الودائع في البنوك. ومع ارتفاع أسعار الفائدة لجذب الاهتمام للجنيه، فمن غير المرجح أن تنخفض الأسعار بشكل كبير إلى أن يتحقق استقرار سعر صرف العملة الأجنبية.
مع أنه أمر غير متوقع، إلا أننا بحاجة إلى أن نسأل ما الذي يمكن أن يحدث إذا تم تخفيض أسعار الفائدة كوسيلة لتحفيز الاستثمار. فلنفترض أن التضخم في ازدياد في الوقت الحالي بسبب تأثير قرار التعويم. لن تكون أسعار الفائدة وسيلة فعالة – وستؤثر على الشركات بشدة، فمعظم الشركات تقوم بالاقتراض بسعر فائدة عائم – فكلما ارتفعت أسعار الفائدة، ازداد ما يقومون بدفعه، وهذا من شأنه أن يجعل اتخاذ القرارات الاستثمارية أكثر صعوبة ويدفع إلى اتخاذ بعض القرارات الصعبة حول كيفية زيادة رأس المال.
تعتبر التأثيرات السلبية للتضخم وسعر الفائدة أكبر العوائق التي تحول دون إبداء توقعات متفائلة بشأن الطروحات. عاد المستثمرون الأجانب في السوق للاهتمام بمصر بعد أن زال التفاوت بين سعر الصرف في السوق الموازية والسوق الرسمية. وهم يعتقدون، من المنظور الكلي، أنه لا يجب تفويت فرصة الاستثمار في مصر. ولكن السؤال هو ما إذا كان من الأرخص الحصول على رأس المال من خلال الاكتتاب العام أو من خلال البنوك. فإذا ظلت فائدة الإقراض بالبنوك مرتفعة أو ازدادت ارتفاعًا، فإن هذا سيجعل الشركات تفضل الطرح العام الأولي. وعلى الجانب الآخر، فإذا كنت مستثمرا بالبورصة، فلابد أن تكون واثقا أن بإمكانك تحقيق أرباح بأكثر من 20-25% سنويًا لكي تستثمر أموالك في الأسهم المصرية، وذلك مقابل الفرصة البديلة المتاحة وهي إيداع الأموال بالبنوك المحدودة المخاطر.
وعلينا أن نتذكر أيضًا أنه، ومع ارتفاع التضخم، فسوف تنخفض التقييمات، إذ أن هناك علاقة عكسية بين مضاعف الربحية والتضخم. فإذا نظرت إلى الأسواق الأخرى مثل البرازيل، فسترى أنه عندما كان لديهم معدلات تضخم مرتفعة، كانت مضاعفات الربحية أقل من 10. وهذا مصدر قلق رئيسي.
هل من المتوقع حدوث تضخم حاد؟ في حقيقة الأمر أن الاقتصادات التي يصل فيها التضخم إلى 20% عادةً ما يواصل الارتفاع إلى 30% إذا لم يتم إدارة الموقف – إنها حلقة مفرغة، وخاصةً بالنسبة لدولة تعتمد على الاستيراد وقامت للتو بتعويم عملتها. يتعين خلق فرص عمل جديدة، مما يعني أنك بحاجة إلى قيام القطاع الخاص بالاستثمار. وإذا كانت هذه الاستثمارات في خلق طاقات وفرص عمل جديدة، فستحتاج إلى التمويل. ويمكن أن يكون ذلك التمويل على شكل أسهم أو قروض، وسوف يتوقف الاختيار على تكلفة الاقتراض. فإذا رأت الحكومة أن ارتفاع التضخم كان سببه الرئيسي التعويم، فقد يكون الحل هو خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار.
ما هي القطاعات التي سيتراجع أداؤها؟ في البداية، من الممكن أن تكون بعيدًا عن القطاعات المنظمة، التي يمكن أن تواجه مشاكل بسبب التعويم. سيشهد قطاع الأدوية تراجعًا في الأداء ما لم يتم تخفيف ضوابط التحكم في الأسعار، خاصة وأنه يتم استيراد جميع المواد الخام تقريبًا. شركات الأدوية تحتاج لمساحة لالتقاط الأنفاس. وقد يشهد قطاع الإسكان والتشييد تأثيرات سلبية، نظرًا لتراجع القوة الشرائية وارتفاع أسعار مواد البناء. بخلاف ذلك، فيجب النظر إلى القطاعات التي ترتفع بها تكلفة العمالة، والتي تستحوذ فيها الأجور على نسبة كبير من تكاليف الإنتاج، وفي نفس الوقت يكون لديها قدرة محدودة على تحريك الأسعار.
من المرجح أن يواصل قطاع خدمات الرعاية الصحية التفوق. قد يكون هناك بعض الضغوط التضخمية على جانب الأجور، إلا أن التسعير يخضع للسوق. ومن المتوقع أن يشهد قطاع الأدوية أداءً جيدًا في حالة تخفيف القيود التنظيمية وتم السماح بزيادة الأسعار. نجد أيضًأ أن الهوامش في قطاع المواد الغذائية تتعرض لضغوط، ولكنها سوف تتحسن نظرًا لقوة ونشاط الطلب. ومن المتوقع أيضًا أن يشهد قطاع توليد الطاقة والقطاعات ذات الصلة أداءً جيدًا، وكذلك قطاع البنية التحتية، كل ذلك متعلق بالتحفيز المالي القوي.
سنقوم بالتأكيد بالاستثمار في مجال الرعاية الصحية. نرى أن قطاع خدمات الرعاية الصحية به إمكانات للاستثمار في التكنولوجيا الطبية وتنمية الطاقة الاستيعابية مع التركيز على رعاية المرضى ومعدلات الأمان. ونرى أيضًا إمكانية للاستثمار في تنمية الطاقات الاستيعابية في مجال التعليم. وندرس أيضًا الاستثمار في قطاع الأدوية، وهذا يتوقف على الفرص التي تظهر والتطورات الخاصة بالتسعير والأمور التنظيمية.
صندوق الاستثمار التابع لنا والمخصص للاستثمار بمنطقة شمال أفريقيا موزع بالتساوي تقريبًا بين مصر وتونس والمغرب مع بعض الاستثمارات في السوق الجزائري. ومما لا شك فيه أن مصر لديها أكبر حجم من الصفقات، على الرغم من أن من معوقات الاستثمار في عام 2016 كانت سببها اختلاف سعر الصرف في السوق الرسمي عن السوق الموازية. ومن المتوقع أن تزداد جاذبية السوق لضخ استثمارات هذا العام بعد قرار التعويم. كانت تونس في العام الماضي هي السوق الأول من حيث عدد الصفقات، في حين كانت مصر الثانية.
هناك تفاوت كبير بين شركات الاستثمار المباشر في مصر فيما يتعلق بعدد الصفقات المبرمة. فبعض أصحاب تلك الشركات يحصلون على عدد كبير من الصفقات، والبعض الآخر يكافح للعثور على بعضٍ منها. ولم يكن الأمر الذي يعنينا هو الحصول على صفقات، ولكن ما كان يثير اهتمامنا هو أن التقييمات في كثيرٍ من الحالات لا تعكس الواقع على الأرض، لاسيما عند النظر لمعدلات التضخم وحجم العرض والطلب في بعض القطاعات. تعد مصر إحدى الاقتصادات الإقليمية القليلة التي تمتلك مثل هذا العدد المتنوع من القطاعات، فهذا من أكبر العوامل الإيجابية. كما أن الكيانات الوسيطة، وخاصةً البنوك الاستثمارية، قد أبلت بلاءً حسنا من حيث توفير فرص الدمج والاستحواذ، وتطوير الأفكار الخاصة بالصفقات. وعمومًا، يمكن القول بأن مصر واحدة من أهم الأسواق الواعدة لشركات الاستثمار المباشر في المنطقة.
الأسئلة الأكثر شيوعا التي نتلقاها من شركائنا: ما هي تطورات الوضع بالنسبة لسعر صرف الدولار؟ إلى أن يذهب الجنيه؟ وماذا عن التضخم وتأثيره على الأجور وأرباح الشركات.
ما هو السؤال الذي كنت تود أن أوجهه لك؟ أنت لم تسألني أين وصلت الأمور في مجال سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. قد تسمع كل هذه الثرثرة حول كيف أن الأمور صعبة بمصر وكيف تعاني من البيروقراطية. من واقع خبرتنا التي تمتد لأكثر من 10 سنوات، نرى أن الأمور تسير في اتجاه إيجابي، وبأمانة لا أستطيع أن أقول أننا واجهنا صعوبات. الحكومة الآن تعمل على تحسين كفاءة عملية منح الموافقات، ونحن نجد بالتأكيد أن واضعي السياسات على استعداد للاستماع واتخاذ الإجراءات اللازمة ووضع إطار عمل مناسب للمستثمرين. ونشاطنا في مصر دليل على ذلك.