بقلم: جوليان لي
بدا الأمر فى غاية البساطة، فمن خلال رفع القيود على الإنتاج، ظنت السعودية أنها سوف توقف منتجى البترول بتكلفة عالية، وتردع الإنتاج الأمريكى السريع الذى كان يأكل الحصة السوقية لمنظمة أوبك، وكان هذا هو المنطق وراء قرارات نوفمبر 2014.
ولكن الأمور لم تسر وفق الخطة، وحتى عندما أعادت المنظمة القيود على الإنتاج العام الماضي، قال خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي، إنه لا يتوقع انتعاشة كبيرة فى الإمدادات من منتجى البترول الصخرى فى أمريكا فى 2017، وفى الواقع، اتضح أن الانتعاشة كانت بدأت بالفعل، وكانت أقوى من توقعات الجميع.
وارتفع إجمالى إنتاج الولايات المتحدة بأكثر من 550 ألف برميل يوميا فى العشرين أسبوعا التى قررت فيها الأوبك تخفيض الإنتاج، وفقا للبيانات الأسبوعية لوزارة الطاقة الأمريكية، وجاءت معظم هذه الزيادة من تركيبات التربة الصخرية.
وإذا استمر الإنتاج بهذا، فسوف يتجاوز الإنتاج الأمريكى آخر ذروة له عند 9.61 مليون برميل يوميا بعد فترة قصيرة من اجتماع أوبك فى 25 مايو المقبل لدراسة خطوتها القادمة.
وهذه الأنباء سيئة بما يكفى بالنسبة لمنظمة الأوبك، ولكن الصورة بدأت لتوها تصبح أسوأ للمنظمة مع كل شهر، حيث تنشر وزارة الطاقة تقريرا شهريا وتتطور توقعاتها للإنتاج المحلى فيه سريعا، ولكن ليس بطريقة ستنال إعجاب أوبك.
وفى أحدث تقاريرها المنشورة يوم 11 أبريل، توقعت وزارة الطاقة أن يصل إنتاج البترول الأمريكى إلى 9.24 مليون برميل يوميا بحلول يوليو، وهو رقم أعلى بمقدار نصف مليون برميل يوميا من توقعاتها لهذا الشهر فى تقرير نوفمبر 2016، مباشرة قبل قرار أوبك باستعادة الضوابط على الإنتاج، كما أن توقعاتها لشهر ديسمبر 2017 ارتفعت بمقدار 700 ألف برميل يوميا خلال نفس الفترة.
وترى إدارة معلومات الطاقة أن الإنتاج الأمريكى سوف يرتفع بمقدار 860 ألف برميل يوميا فى الـ12 شهر المنتهية فى ديسمبر 2017، مقارنة بزيادة قدرها 210 آلاف برميل فى توقعاتها السابقة الصادرة فى شهر نوفمبر الماضي.
ولكن الأمر الذى ينبغى أن يثير المزيد من القلق لأوبك هو أن التوقعات الأقوى للإنتاج الأمريكى لم تؤثر على توقعات ارتفاع الأسعار، ففى نوفمبر الماضي، قدرت إدارة معلومات الطاقة متوسط سعر لخام غرب تكساس عند 49.92 دولار للبرميل خلال عام 2017، ولكن هذا التقدير ارتفع إلى 52.28 دولار للبرميل فى توقعاتها الصادرة الشهر الجاري.
وقد تكون رابطة الدول المصدرة للبترول قادرة على تخفيض بعض المخزونات المفرطة من خلال تمديد تخفيضات الناتج فى الربع الثانى من العام الجاري، نظرا لأن الارتفاع فى الناتج الأمريكى لن يكون كافيا لتعويض تخفيضات أوبك لأن المصافى الأمريكية تعزز طاقتها لتلبية الطلب المرتفع على الجازولين فى الصيف.
ولكن الكثير من الدول الأعضاء فى منظمة الأوبك سوف تجد أن المزيد من خفض الإنتاج أكثر صعوبة فى النصف الثانى من العام، نظرا لأن العديد منها وصلوا إلى المستويات الدنيا المستهدفة حتى الآن من خلال تقديم مواعيد صيانة الحقول، ولن تحتاج إلى تكرار عمليات الصيانة فى وقت لاحق من العام.
كما أن السعودية ستواجه وقتا صعبا لأن تخفيض معروضها جاء فى موسم يكون فيه الطلب المحلى منخفضا، وسوف يرتفع الطلب مع ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، وبالتالي، فإن مواصلة القيود على الناتج سوف يكون لها تأثير أكبر بكثير على إيرادات التصدير التى تعتمد عليها المملكة.
كما ان مصادر القلق بالنسبة للأوبك تذهب وراء الاختلالات السوقية الحالية، فقطاع البترول الصخرى لا يزال فى مهده، وصحيحٌ ان تقنيات الحفر الأفقى والتكسير الهيدروليكى تستخدم فى قطاع البترول منذ عقود، إلا أن تطبيقها الواسع على تشكيلات التربة الصخرية لم يبدأ سوى منذ 5 سنوات.
وما يجب أن يحرم وزراء دول منظمة الأوبك من النوم حقا هو مقارنة تقدم هذه التقنية مقارنة بتقنيات أخرى، وسوف يكون درب من دروب التهور ان نفترض أن التقدم المشهود فى تكنولوجيات استخراج البترول من المياه العميقة لن يتكرر فى قطاع البترول الصخري.
حرب الأوبك مع البترول الصخرى بدأت لتوها، وتشير الدلائل الأولية إلى أنها خسرت بالفعل.
إعداد: رحمة عبد العزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»