قال صندوق النقد الدولي إن المملكة العربية السعودية بحاجة لإجراء تعديلات كبيرة ومستدامة وبسرعة ملائمة في المالية العامة لتحقيق الميزانية المتوازنة على المدى المتوسط.
جاء ذلك في بيان أصدره صندوق النقد الدولي، حصلت “البورصة نيوز” على نسخة منه، بناء على تقرير فريق من خبراء صندوق النقد الدولي قام بزيارة المملكة العربية السعودية على مدار الفترة من 30 إبريل إلى 11 مايو الجاري ، في سياق مشاورات المادة الرابعة.
تنويع الاقتصاد
وقال البيان إن المملكة العربية السعودية شرعت في برنامج جريء للإصلاح في ظل “رؤية السعودية 2030 “، وهي إصلاحات تهدف إلى تنويع النشاط الاقتصادي، واعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، وزيادة عدد الوظائف التي يشغلها السعوديون في القطاع الخاص، وتعديل سياسة المالية العامة لضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي.
إصلاحات طموحة
ووصف الصندوق الإصلاحات التي تجري في المملكة بأنها إصلاحات طموحة، ودعا إلى بذل مزيد من الجهود لكي تتوافر لها أقصى فرص التنفيذ الناجح، من خلال الدقة في تحديد أولوياتها وتسلسلها وتنسيقها والإفصاح عنها.
وبحسب التقرير، تعمل الحكومة السعودية، وفقا لتقرير خبراء الصندوق،على تعديل سياسة المالية العامة بما يتوافق مع انخفاض أسعار النفط.
اصلاحات تدريجية
وفي هذا السياق، تتوخى الحكومة هدفا ملائما على صعيد المالية العامة يتمثل في تعديل كبير ومستدام وبسرعة ملائمة بغية الوصول إلى ميزانية متوازنة، غير أن هدف الميزانية المتوازنة لا يتعين تحقيقه بالضرورة في عام 2019 حسبما ورد في “برنامج تحقيق التوازن المالي”، نظرا لمركز الأصول المالية القوي في المملكة وانخفاض مديونيتها.
وتابع التقرير قائلا :”إن إتباع منهج أكثر تدرجا في الضبط المالي يحقق توازن الميزانية بعد الوقت المحدد في البرنامج ببضع سنوات سيكون أقل تأثيرا على النمو في المدى القريب وسيتيح الحفاظ على هوامش أمان في المالية العامة تساعد على إدارة المخاطر المستقبلية”.
وتشكل إعانات الأسر خطوة جديرة بالترحيب وأداة قوية لدعم الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، بينما ينبغي أن يكون دعم الصناعة محدودا ومؤقتا وعلى أساس من الشفافية.
وتعلق الحكومة السعودية أهمية كبيرة على نجاح تنفيذ الإصلاحات ذات الصلة بالإيرادات غير النفطية، مثل الضرائب الانتقائية على السلع وضريبة القيمة المضافة.
وقال التقرير :”تعد إصلاحات أسعار الطاقة من أهم الأولويات، إلا أن تنفيذها يمكن أن يتم بالتدريج لإمهال الأسر والأعمال وقتا أطول للتكيف معها.”
الشفافية
ورحب التقرير بالخطوات التي اتخذتها المملكة مؤخرا لزيادة شفافية سياسة المالية العامة عن طريق نشر “برنامج التوازن المالي” و”تقرير الربع الأول لأداء الميزانية العامة للدولة”، وقال إنه من شأن زيادة الشفافية أن تساعد الأعمال الخاصة والمستثمرين على التخطيط بصورة أفضل لقرارات الاستثمار وتوظيف العمالة.
القطاع الخاص
وتابع أن حكومة المملكة بدأت تحقيق تقدم طيب نحو تحديد وازالة العقبات أمام نمو القطاع الخاص، بما في ذلك تقصير فترات التخليص الجمركي، وتيسير بدء المشروعات، والاقتراب من استكمال القانونين الجديدين بشأن الإفلاس والرهن التجاري. وينبغي مواصلة هذه الجهود بالتعاون مع مجتمع الأعمال.
وتوقع إعلان مزيد من الإصلاحات في الشهور القادمة لدعم القطاع الخاص، بما في ذلك برنامج طموح للخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف تقليص دور الحكومة في الاقتصاد، وشدد على أهمية توفير مزيد من الوظائف للمواطنين السعوديين في القطاع الخاص، كما ينبغي النظر في تعزيز تنافسية العمالة السعودية في القطاع الخاص.
ودعا التقرير إلى السماح للعمالة الوافدة بمرونة أكبر في الحركة داخل الاقتصاد، مما يمكن أن يساعد في سد فجوة الأجور بين المواطنين والوافدين.
عمل المرأة
كما طالب بمزيد من تشجيع عمل المرأة نظرا لأثره الإيجابي على الاقتصاد. فالنساء يحصلن على نفس التعليم الذي يحصل عليه الرجال، ومشاركتهن في سوق العمل بدأت تزداد في السنوات الأخيرة، غير أن مستوى المشاركة لا يزال منخفضا، مما يعني أن مساهمة مهاراتهن وجهودهن في نمو الاقتصاد وانتاجيته لم تصل بعد إلى المستوى الممكن.
المصارف وسوق المال
وبالنسبة للقطاع المصرفي، قال تقرير خبراء صندوق النقد الدولي إن البنوك تخضع في المملكة لمستوى جيد من التنظيم والرقابة، حيثن جحت مؤسسة النقد العربي السعودي في إدارة ما نشأ من مخاطر في القطاع المالي على مدار العام الماضي.
كما تبذل هيئة السوق المالية جهودا لتطوير أسواق رأس المال المحلية،من شأنها إتاحة فرص أكبر للتمويل والادخار في الاقتصاد المحلي.
كان صندوق النقد الدولي، قد خفض في إبريل الماضي توقعاته للنمو الاقتصادى فى المملكة العربية السعودية العام المقبل 2018، بسبب خفض إنتاج البترول والتدابير التقشفية اللذين يؤثران على أكبر اقتصاد فى المنطقة العربية.
وتوقع صندوق النقد نمو الاقتصاد السعودى بنسبة 1.3% فى 2018 مقارنة مع توقعات بنسبة 2.3% فى يناير الماضى.
وأبقى الصندوق توقعات النمو الاقتصادي بالسعودية للعام الحالي دون تغيير عند 0.4% فيظل انخفاض انتاج البترول والانضباط المالى المستمر.