لايزال قطاع البنوك المصرى من أكثر القطاعات جاذبية فى السوق بدفع من صلابة القوائم المالية للبنوك، حيث يمثل حجم الودائع المرتفع وانخفاض الائتمان واعداد السكان الكبيرة والهيكل السكانى صغير السن الركائز الاساسية لقطاع البنوك المصرى خاصة انه ستتم ترجمته إلى معدلات نمو عالية على العوائد.
المعروف ان مستويات الائتمان فى مصر ضمن اقل المستويات مقارنة بدول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ففى ديسمبر 2011 كانت البنوك المصرية تواجه حوالى 49% من اجمالى قيمة ودائعها – بعد ان كانت 40% فى العام السابق – إلى الحكومة من خلال شراء اوراق الدين الحكومى فيما يتم توجيه 11% من الودائع إلى الاشخاص والاسر الذين يمثلون 70% من الناتج المحلى الاجمالي.
وذلك يعنى أنه يتم توجيه حوالى 69% من ودائع البنوك إلى التمويل بنود منخفضة المضاعفات فى الموازنة العامة مثل نسبة 19.4 % التى يتم انفاقها على مدفوعات الفائدة للجهات المحلية غير الحكومية (مثل البنوك التى تحمل اذون وسندات الخزينة) والتى تزاحم القطاع الخاص فى الحصول على التمويل. ترى بلتون ان التكيفات الهيكلية طويلة الاجل فى قطاع البنوك ستحدث عندما يتم توجيه الرأسمال البنكى إلى المحركات الرئيسية للناتج المحلى الاجمالي، وذلك سيكون له اثر ايجابى كبير على صافى هامش الفوائد والرسوم والكميات.
ووفقا لبلتون فان عدد افرع البنوك مازال اقل من مستويات الاسواق المنافسة على الرغم من وصولها إلى 3.613 فرع بنهاية مارس 2012، كما ان انخفاض التركيز على التجزئة (22% من القروض و8% فقط من الاصول بنهاية مايو 2012) اضافة إلى الكثافة السكانية الكبيرة فى القاهرة بعد ان وصل عدد سكانها إلى ثلث اجمالى عدد سكان مصر يسهم فى تفشى فكرة عدم كفاية افرع البنوك.
اوضح التقرير ان البنوك فى حاجة إلى الاستثمارات فى مجال البنية التحتية لتتماشى مع تنامى قطاع التجزئة كما ان ادارات البنوك اكدت ان وصول عدد الفروع للمستوى المستهدف يحتاج من 2 إلى 3 اعوام والذى من شأنه زيادة الضغط على معدلات الكفاءة فى الاجل المتوسط.
ويبدو ان النمو السريع فى عمل مكتب استعلام ائتمان القطاع الخاص المعروف بـ iScore – والذى تم تأسيسه فى 2008 وتمكن من تحقيق تغطية بنسبة 14% بنهاية 2011 ليغطى 8.5 مليون شخص اضافة إلى 90 الف من الشركات الصغيرة والمتوسطة – سيسهم بصورة كبيرة فى اخراج النظام الائتمانى من عنق الزجاجة ليسمح للبنوك بتغطية جانب اكبر من العملاء مسبقاً وخفض مشكلة تباين المعلومات التى لطالما واجهت البنوك مع مخاطر التسعير.
اوضح التقرير انه يفضل القوائم المالية الخاصة بالبنوك المصرية لعدة اسباب ابرزها ان البنوك المصرية تستخدم الائتمان بصورة اقل بكثير من اقرانها العالمية نتيجة الاستثمار الكثيف فى الأوراق المالية الحكومية، كما ان جودة اصول الثلاثة بنوك الكبرى المقيدة متوسطة ومعدلات التغطية صحية ورأس المال مرتفع مقارنة بكل الدول باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي. واخيراً فان العائد على الاصول فى البنوك المصرية جيد جداً مقارنة بالبنوك العالمية باستثناء دول الخليج كما اصبحت تلك العوائد مثيرة للاعجاب خاصة بعد التحول السياسي، كما ان العائد على حقوق المساهمين قوى الا انه يعتمد على الاستدانة بصورة اكبر من بقية البنوك المقارنة.
اشار التقرير ان التحدى الاساسى الذى واجه البنوك المصرية على مدار الـ 18 شهراً الماضية هو تباطؤ الانفاق الرأسمالى وحجم الائتمان بالعملات الاجنبية، وأرجع التقرير تراجع الانفاق الرأسمالى إلى حالة عدم التيقن على المستوى الاقتصاد الكلي، فيما تراجع حجم الائتمان بالعملات الاجنبية مع تزايد التوقعات بتدهور قيمة الجنيه المصري. الا انه فى الوقت نفسه تمكنت بعض المؤشرات التشغيلية مثل الهوامش والتكاليف وجودة الاصول ونمو اقرض التجزئة من التحسن.
توقع التقرير ان يصل نمو القروض فى المتوسط خلال العام المالى 2012 إلى 7.6% ليحقق المزيد من الصعود بنسب 13.1% و14.2% خلال عامى 2013 و2014 على التوالى بدفع من تحسن ثقة الاعمال وعودة احجام الانفاق الرأسمالي.
كما توقع التقرير تراجع تكلفة المخاطر COR من مستوى 79 نقطة اساس خلال عام 2011 لتصل إلى 65 نقطة فى 2012 ثم إلى 50 نقطة فى 2013، ومع ذلك فان نمو القروض قد يؤدى إلى تراجع جودة الاصول والذى سيدفع مؤشر تكلفة المخاطر إلى مستوى 40-60 نقطة.
اضاف انه فى ظل ضعف قطاع الاقراض للشركات قامت البنوك المصرية بفتح الباب امام قروض التجزئة، خاصة انها تمثل 22% من اجمالى قيمة القروض فى مصر بينما وصلت ودائع الافراد إلى حوالى 69% من اجمالى الودائع.
الجدير بالذكر، ان اجمالى القروض التى تم توجيهها للتجزئة خلال الـ 15 شهراً التالية للثورة وصل إلى 41% فيما كانت 34% فى الـ 15 شهراً السابقة للثورة.
توقع التقرير ان يواصل اقراض التجزئة فى قيادة قطاع البنوك للنمو فى الاجل القصير فيما تعاود الانفاق الرأسمالى والتمويل بالعملات الاجنبية للتعافى بحلول النصف الثانى من 2013.
اوضح التقرير ان جميع التوقعات حول جودة الاصول مازالت متشائمة وخاصة مع النمو الكبير فى قروض التجزئة وبالتالى ارتفاع تكاليف مخاطر الاصول، وذلك على الرغم من تراجع محافظ القروض المتعثرة طبقاً لبيانات البنك المركزى إلى 10.7% فى مارس 2012 بعد ان كانت 13.6% فى ديسمبر 2010.
ومن ناحية اخرى تمكنت مؤشرات الربحية العائد على الاصول من الارتفاع لتقترب من مستوياتها خلال فترة الربع الاخير من عام 2010 ويرجع التعافى الكبير فى تل
ك المؤشرات إلى تكلفة المخاطر المحكمة اضافة إلى ارتفاع صافى هامش الفوائد بدفع من ارتفاع عوائد سندات الخزانة، ونمو ائتمان التجزئة، وانخفاض الدولرة، ومع ذلك يستبعد التقرير استمرار صافى هوامش الفائدة عند مستوياتها الحالية بعد النصف الاول من عام 2013 وخاصة ان معظم المحافظ مدتها اقل من عام اضافة إلى التوقع بتراجع العوائد، الا ان ارتفاع الدخول من شرائح اصول التجزئة وتجديد الانفاق الرأسمالى قادران على تعويض تراجع عوائد اوراق الخزانة المتوقع تراجعها. وعلى المدى الطويل يتوقع التقرير مواصلة صافى هوامش الفوائد الارتفاع بصورة طبيعية بدفع من نمو التجزئة واصول البنوك الاسلامية.
وتشير التوقعات إلى ان تداخل البنوك الاسلامية مع الاتجاه العام للتجزئة وبالتالى يرجح ظهور بعض المنتجات الاسلامية والتى قد يؤدى لدخول الكثير من الاشخاص إلى عالم الاقتراض لأول مرة.
وكانت اللجنة الاقتصادية فى البرلمان قد اقترحت قبل حل البرلمان بعض التشريعات والتى تهدف لزيادة حصة المصارف الاسلامية من مستوى 4% حالياً إلى 35% خلال خمس سنوات.
واستبعد تقرير بلتون ان يتم بيع حصص البنوك العامة فى الاجل القصير أو المتوسط مع الاعتماد الشعبى الحالى على الحكومة وخاصة فى ظل معدلات البطالة المرتفعة.
خاص البورصة