يعتقد محمد عباس فايد، نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر أن الفترة المقبلة ستكون مختلفة تماما عن العامين الماضيين فيما يتعلق بالوضع الاقتصادى الداخلي، استنادا إلى عدة مؤشرات أبرزها تراجع مستوى المخاطر السياسية بشكل ملحوظ، وما ترتب عليه من تراجع لمعدلات المخاطر للدولة.
واشار إلى أن نظرة العالم الخارجى للاقتصاد المصرى بدأت تتغير إيجابيا، حيث انخفض معدل المخاطر لاقراض الدولة إلى 3.5% مقابل 7% خلال الفترات السابقة.
وأرجع عباس هذا التراجع فى أسعار التأمين على الديون المصرية إلى نقل السلطة لرئيس منتخب، بينما سيساهم استكمال الدستور وانتخاب مجلس الشعب وتحقيق الاستقرار والأمن بشكل كبير فى دفع عجلة الاقتصاد، وزيادة تدفق الاستثمارات الخارجية.
لكن فايد أبدى عدداً من الأسباب الأخرى للتفاؤل فى حواره مع «البورصة»، منها النتائج التى حققها بنك مصر خلال العام المالى الماضى، التى رفعت أرباحه غير المدققة بنسبة 50% مقارنة بالأرباح المحققة خلال العام المالى 2010/2011 والبالغة 515 مليون جنيه.
وبلغ حجم المحفظة الائتمانية المصرح بها 53 مليار جنيه نهاية العام المالى 2012، وتم استخدام ما يقرب من 36 مليار جنيه بنهاية 30 يونيو 2012، موزعة على جميع القطاعات، ويستهدف البنك رفعها بنسبة 10-12% العام القادم.
وشجعت تلك الأجواء الايجابية والاستقرار النسبى الذى تمر به البلاد حالياً دفع البنك لاحياء خطة إعادة هيكلة استثماراته، التى سبق ان تم وضعها قبل الثورة، إلا أن الأحداث التى مرت بها البلاد منذ الثورة حالت دون تنفيذها.
وبالفعل بدأ البنك فى تنفيذ خطة تتراوح مدتها بين 3 و5 سنوات لإعادة هيكلة استثماراته بهدف تجويد المحفظة، وستتضمن التخارج من عدد من الشركات وزيادة رؤوس أموال شركات أخرى لتقوية مراكزها فى الأسواق والقطاعات التى تعمل بها، وربما استهداف استثمار مباشر بشركات جديدة.
ويدرس البنك عدة سيناريوهات للتخارج من الاستثمارات التى يعتزم التخلص منها من بينها طرح شرائح منها للاكتتاب فى البورصة، استغلالاً للحالة الايجابية التى يعيشها سوق المال منذ بداية العام الحالى، وكذلك اطلاق صندوق للاستثمار فى اسهم الشركات المملوكة للبنك، أو نقل جزء منها إلى أحد اذرعه الاستثمارية.
ويعكف بنك مصر حالياً على تحديد الاستثمارات التى يستهدف التصرف فيها سواء بالبيع أو بطرحها فى البورصة وتلك التى ستظل فى حوزته، سيكون لها عدة اعتبارات أهمها الربحية والعائد الايجابى منها.
وتشمل الاستثمارات التى يعتزم البنك إعادة هيكلتها الاستثمارات التى آلت اليه من تسويات مديونيات بنك القاهرة، وفى المقابل يستهدف بنك مصر زيادة محفظته الاستثمارية فى عدة قطاعات مثل الطاقة والبتروكيماويات.
ويسعى بنك مصر إلى رفع أصوله إلى 200 مليار جنيه بنهاية العام المقبل مقابل 189 مليار جنيه فى العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى.
ووضع البنك خطة من مرحلتين الاولى اعادة هيكلة فروع البنك الخارجية، وتعظيم العائد منها، وبناء نظام جديد وتم الانتهاء منها، والثانية التوسع فى مواقع أخرى قد يكون لها قيمة مضافة للبنك.
ويمتلك بنك مصر فروعاً فى الامارات وفرنسا، ومؤسسات مالية منفصلة فى لبنان، ألمانيا.
وانتهى البنك من إعادة الهيكلة الداخلية لبنك مصر لبنان وتطوير جميع فروعه وتوسعاتها لتصل إلى 18 فرعاً، وتمت زيادة رأسماله إلى 66 مليون دولار، وحصول البنك على جائزة افضل بنك تجارى فى لبنان عام 2012، وتحقيقه 8 ملايين دولار أرباحا.
وقام البنك بشراء حصة البنك الفرنسى الأهلى سوسيتيه جنرال فى بنك «مصر أوروبا» بفرانكفورت، ليصبح البنك المصرى الوحيد فى منطقة اليورو بملكية مصرية خالصة بنسبة 100%.
وبلغت حصة البنك الحالية 71% من أسهم أكبر مصرف مصرى فى منطقة اليورو، بما يسهم فى تدعيم التبادل التجارى بين مصر ودول المنطقة الأوروبية خاصة ألمانيا، وباقى النسبة البالغة 29% تمتلكها بنوك الأهلى المصرى والقاهرة والاستثمار القومى الحصة المتبقية التى تقدر بـ 29%.
وكشف لـ «البورصة» عن أنه فى اطار الخطة الموضوعة للفروع الخارجية، يقوم البنك حاليا باعادة هيكلة فروع الامارات وتدريب العاملين به، ويعتزم البنك زيادة رأسمال الفرع وفقا للاحتياجات، وطرح منتجات جديدة نهاية العام الجارى.
ويدرس بنك مصر الربط بين الفروع الخارجية، وذلك فى اطار الاستراتيجية الموضوعة لها، وفى اطار الاستغلال الامثل لمواردها ومساهمتها فى زيادة ارباح البنك الأم.
واشار عباس إلى أن البنك يدرس التوسع فى الفروع الخارجية، إلا أنه رهن ذلك بالاستقرار السياسى والأمنى فى أسواق المنطقة التى تشهد ربيعا أطاح بأنظمتها الحاكمة حتى يتسنى للبنك الانطلاق فى الأسواق الخارجية.
وعن أسعار العائد.. قال فايد انها مناسبة وفقا لمعدلات السوق والتضخم، وان ارتفاع أسعار الصرف متوقف على زيادة الانتاج وآليات العرض والطلب، حيث إن هناك ارتباطا وثيقا وعكسيا بين معدلات الانتاج وأسعار الصرف والعائد والتضخم، فكلما زاد الانتاج وموارد الدولة انخضت معدلات الاسعار.
واستبعد فايد أن يقوم بنك مصر باطلاق شهادات ادخارية للشركات، لأن معظم الشركات لا تعمل على توظيف اموالها فى استثمارات طويلة الأجل، بينما يسعى الافراد إلى مثل هذه الشهادات طويلة الأمد، لافتا إلى ان الشركات تعمل على توفير السيولة السريعة لزيادة انتاجها وتوسعاتها.
وقلل نائب رئيس بنك مصر من تأثير سعى البنوك الأجنبية للتخارج من السوق على الاقتصاد المصرى، لأنها قرارات تتخذها الأم ليس بالضرورة لضعف اقتصاد الدولة، ولكن هناك مقاييس تعتمد عليها البنوك الأم فى قراراتها تعود لها وحدها حسب ظروفها الكلية.
وعن استغلال البنك اعادة اعمار ليبيا اشار نائب رئيس بنك مصر إلى أن ليبيا تعتبر الامتداد الاقليمى لتوسعات الشركات المصرية من ناحية الغرب. والشركات المصرية لابد ان تستغل ذلك، ودور البنوك يعمل على توفير التمويلات اللازمة للشركات لتلبية احتياجاتهم وبما يعود بالمنفعة المتبادلة بين البلدين.
وكشف عن سعى البنك للتحول إلى مركز للتميز فى تقديم خدمات مالية واستشارية وفنية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر والشرق الاوسط.
ووقع البنك عقدا مع الصندوق الاجتماعى للتنمية العام الماضى بقيمة 120 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة، تم استخدام 80 مليون جنيه من قيمة القرض، وبحلول عام 2013 سيتم استنفاد باقى قيمة القرض، ويدرس البنك منح تمويلات جديدة لمشروعات SMEs خلال الفترة القادمة.
وبلغ حجم الديون غير المنتظة ببنك مصر 10.6 مليار جنيه، وتم تحصيل 85% من التسويات التى تم إعدادها، ويستهدف 1.5 مليار جنيه تسويات خلال العام المالى القادم .
وقال عباس انه تم الانتهاء من تسويات قطاع الاعمال، وتم نقل اراض من بنكى الأهلى ومصر، ويدرس البنكان طرح بعض من هذه الاراضى للبيع خلال الفترة القادمة.
من جهة أخرى، أشار نائب رئيس بنك مصر إلى أن البنك ينتظر تلقى العرض المناسب لبيع حصته فى بنك «سامبا».
ورهن فايد مشاركة البنك فى مشروع «مالتى استيرادا» بالانتهاء من الدراسة الكاملة للمشروع وتحديد الاحتياجات المالية له ونحن فى انتظار ذلك.
وعن المساعدات الخارجية لدول الخليج اوضح فايد أنها تعكس رؤية جيدة للدول الخارجية للاقتصاد المصرى، لافتا إلى ان السوق يحتاج إلى مزيد من الاستثمارات الخارجية سواء القطرية أو السعودية أو غيرهما، وان مصر لديها سوق واعد وكبير يشجع أى مستثمر جاد على الاستثمار.
وقال ان هناك بعض المشاكل الفئوية قد تحتاج الدولة إلى وقت طويل للقضاء عليها، ولابد من زيادة الانتاج وبذل جهد كبير من العمل لمواجهة عجز الموازنة الناتج عن وجود فجوة بين الايرادات والمصروفات بمقدار 170 مليار جنيه، وضرورة وضع ارتفاع اسعار السلع عالميا فى الاعتبار لانها تعمل على زيادة العجز، ولابد من تعظيم عائدات الدولة من الخدمات والسلع لمواجهة عجز الموازنة.
وفيما اعتبر فايد الاقتراض الخارجى يلبى احتياجات الدولة على المدى القصير فى توفير السلع الغذائية وتنمية الاقتصاد، لكنه على المدى الطويل يساعد فى زيادة ثقة المستثمر الاجنبى ورفع قدرة الاقتصاد على التعافى، حيث يرفع الجدارة الائتمانية للدولة وبالتالى زيادة الثقة فى السوق المصرى ليصبح جاذبا للأموال التى تساهم فى دفع عجلة الاقتصاد.
وحول الخطة الاستراتيجية للبنك قال نائب رئيس بنك مصر: استطاع البنك خلال الثلاث سنوات الماضية تطوير الخدمات بشكل كامل، وإعادة هيكلة الفروع وتطوير النظام التكنولوجى.
كما يعمل البنك على زيادة الاستثمار فى الموارد البشرية من خلال تحسين الكفاءة الفنية للعاملين، من خلال برامج تدريبية للمساهمة فى توفير احتياجات العملاء بطريقة أسرع وأكفأ.
ويمتلك بنك مصر حوالى 477 فرعاً ومكتب تمثيل، ويعتزم افتتاح 6 فروع جديدة قبل انتهاء العام الحالى.
وقال عباس إن الطلب على الصيرفة الاسلامية فى السوق المصرى لايزال ضعيفاً.
ويعد بنك مصر من اول البنوك التى عملت فى مجال الصيرفة الاسلامية منذ عام 1980، ولديه شبكة فروع منتشرة بجميع أنحاء الجمهورية لخدمة عملاء هذا القطاع تصل إلى 33 فرعا.
ووضع البنك خطة لقطاع المعاملات الاسلامية منذ عام 2009 على مرحلتين تبدأ الأولى بإعادة الهيكلة الداخلية من حيث تجهيز وإعداد المنتجات وشكل الفروع الاسلامية وتكوين هيئة رقابة شرعية معتمدة، وتدريب العاملين على المنتجات المتوافقة مع الشريعة، حتى يتواكب مع حاجة العميل، وقد تم الانتهاء منها بالفعل.
والمرحلة الثانية تتمثل فى طرح البنك منتجات جديدة وبدء تطبيقها مطلع الشهر الماضى بطرح منتج «مرابحة السيارة» بآليات متوافقة لاحكام الشريعة الاسلامية.
ويعتزم البنك اطلاق بطاقة ائتمانية جديدة مطابقة لأحكام الشريعة بنهاية العام الجارى، بالاضافة إلى أكثر من منتج آخر سيتم طرحها بالتوالى خلال عام 2013.
وقال فايد إن ضعف الفرص التمويلية خلال الفترة الماضية، وارتفاع حجم الفائض فى السيولة، أدى إلى لجوء البنوك لتوظيف الفائض فى أدوات الدين قصيرة الأجل «الاذون» لكى تدر عائدا.
وبلغ حجم استثمارات البنك فى ادوات الدين «الاذون والسندات» 85 مليار جنيه، ورغم ارتفاع العائد خلال الفترة الماضية فإن البنك حرص على التوازن فى أحجام التوظيفات وجميع الأدوات.
واوضح عباس ان حجم الودائع بالبنك لم يتأثر باحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير بل ارتفع بمعدل 6% ليصل إلى 162.5 مليار جنيه بنهاية العام المالى الماضى، ويستهدف معدل زيادة 5% العام الحالى.
أرجع ارتفاع الودائع إلى قيام البنك بطرح منتجات طويلة الأجل، شهادات ادخارية وشهادات التمييز طويل الأجل يصل إلى عشر سنوات بالعملات المحلية والدولار واليورو، مما ساهم بشكل كبير فى ارتفاع الودائع، ويعمل البنك على الموازنة بين الودائع والتوظيفات وبما يعكس الاستخدام الامثل للموارد والاستخدامات.
وبلغ حجم الودائع الاسلامية بالبنك 14% من اجمالى الودائع، ويستهدف البنك زيادة بمعدل 8%، من خلال طرح منتجات استثمار وادخار جديدة.
وقال إن البنك استطاع بناء محفظة ائتمانية جيدة، موزعة على جميع القطاعات، ويعتمد سياسة لادارة المحفظة بكل دقة، ونسب تركز لكل صناعة وعلى جميع المشروعات بكل القطاعات.
حوار/ وليد عبدالعظيم