منذ اندلاع موجة من الإضرابات فى مختلف أنحاء جنوب أفريقيا شوهت عناوين الصحف صورة الاقتصاد فى أكثر الدول تطوراً فى أفريقيا، ومع ذلك تمكنت أسواق الأسهم والسندات من مقاومة الاتجاه السلبى.
ومنذ نشوب الاضطرابات فى الدولة ذات الحزام الغنى بالبلاتين وقطاع التنقيب عن الذهب، ضربت بورصة «جوهانسبرج» مستويات قياسية جديدة وارتفعت لأكثر من 5% منذ مطلع أغسطس.
وفى الوقت نفسه، بقيت التدفقات الأجنبية لسوق السندات قوية، وقال ليون ميبرج، محلل فى «سيتى جروب» إنه منذ اليوم الذى ضم البنك جنوب أفريقيا لمؤشر السندات الحكومية العالمية مطلع أوائل الشهر الجارى، شهد السوق مشتريات أجنبية بلغت حوالى 11 مليار راند «1.3 مليار دولار» يومياً أي ما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط الشراء اليومى، مضيفاً أن سوق السندات جذب تدفقات أجنبية بقيمة 87 مليار راند منذ مطلع العام الجارى حتى الآن، مقارنة بـ42 مليار راند فى 2011 بأكمله.
وترجع الأسباب وراء قدرة أسواق رأس المال على تجنب العدوى من إضرابات العاملين إلى عدة عوامل محلية وعالمية، فأداء سوق الأسهم يرتبط بقوة القطاعات المالية والصناعية والتجزئة، ما يعوض الدور المتضائل لأسهم قطاع الموارد الطبيعية.
وشهدت العملة المحلية «الراند» تراجعاً طفيفاً أمام الدولار منذ أغسطس بنسبة 0.8%، بينما ارتفع المؤشر الرئيسى لبورصة العاصمة بنحو 22% خلال العام الجارى.
ويذكر تقرير لجريدة «الفاينانشيال تايمز» أن جنوب أفريقيا تعرف بأنها واحدة من أفضل الأسواق الناشئة من حيث التنظيم والسيولة، كما أنها أكبر اقتصاد فى القارة السمراء.
قال ستيفن مينتجيس، مدير الأبحاث فى بنك «إمارا» الاستثمارى، إن الاقتصاد لا يقتصر ـ فقط ـ على قطاع التعدين، فالمستثمرون يضخون أموالهم فى شركاتنا وليس فى الحكومة، خاصة أن هناك بعض الشركات تعمل بأداء جيد ومعايير عالمية.
وأوضح رايان ويبرلى، من شركة «إنفستيك» لإدارة الأصول إن الأسهم ذات الأداء القوى كانت من قطاع التجزئة وشركات مثل «بريتيش أمريكان توباكو» و«ريتشمونت» وشركة المحمول «إم تى إن».
وخلال الاثنى عشر شهراً الماضية، صعد مؤشر التجزئة بحوالى 50%، بينما ارتفعت أسهم «ريتشمونت» و«إم تى إن» بنسبة 30% تقريباً منذ مطلع العام الجارى حتى الآن، وفى المقابل تراجعت أكبر 10 أسهم لقطاع الموارد الطبيعية بنحو 9% منذ بداية 2012.
وأضاف ويبرلى أن الموقف العالمى الذى يدفع الأموال للبحث عن ملاذات فى زوايا جديدة من العالم هو الذى حمى اقتصاد جنوب أفريقيا قليلاً، وأنه رغم عناوين الصحف السلبية بشأن الإضرابات فإنها لم تتسبب بضرر كبير ومازالت جنوب أفريقيا تقدم عائدات جيدة.
كما أن جنوب أفريقيا من بين الدول الناشئة الأكثر تعرضاً لأزمة منطقة اليورو، ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.5% هذا العام، وهو رقم أقل بكثير لمعالجة المشكلات الاجتماعية الملحة مثل معدل البطالة المرتفع.
واتسع العجز فى الحساب الجارى فى الربع الثانى إلى 6.4% من الناتج المحلى الإجمالى وهى أعلى نسبة منذ 2008.
وما يزيد الصورة قتامة أن «موديز» خفضت تصنيف السندات الحكومية فى جنوب أفريقيا بدرجة واحدة من «A3» إلى «Baal» أواخر الشهر الماضى، معللة ذلك بتراجع قوة المؤسسات الحكومية وسط الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة، بالإضافة إلى المناخ الاستثمارى الأكثر سلبية.
اعداد – رحمة عبد العزيز