«إذا لم يكن لديك سوى مطرقة، فستبدو كل المشكلات على أنها مسمار».. طبقا لهذا المثل تنظر البنوك المركزية حول العالم إلى المطرقة على أنها القدرة على خلق الأموال لشراء الأصول وعلى حل جميع المشكلات.
ويذكر تقرير للفاينانشيال تايمز أن الاحتياطى الفيدرالى تحول إلى مطرقة ثقيلة بعدما حول الجولة الثالثة من برنامج شراء السندات إلى برنامج شراء لا نهائى فى محاولة منه لحل مشكلات البطالة، حيث يخطط المركزى الأمريكى لشراء سندات الرهن العقارى فى الأسواق حتى يبدأ الاقتصاد فى خلق فرص عمل، على ألا يتجه لتضييق السياسة النقدية فور رؤيته لبوادر انتعاش.
ولم يتحرك البنك المركزى البريطانى ولا اليابانى باتجاه برنامج طباعة غير محدود للأموال بعد، ولكنهما يحاولان التوصل لسياسة نقدية غير تقليدية، حيث يحاول البريطانى تسهيل الائتمان بينما يشترى اليابانى السندات وشركات الاستثمار فى العقارات.
وكانت تلك السياسات النقدية المفاجئة بالنسبة للمستثمرين أنباء جيدة، وساعدت على دفع الأسهم والأصول الخطرة الأخرى للارتفاع، كما كان أداء الاقتصادات الطرفية فى منطقة اليورو أفضل بكثير.
ويكمن السؤال هنا عما إذا كانت سيولة البنوك المركزية قد فصلت الأسواق المالية عن الواقع، وفى حالة الإجابة بنعم، فإن النتيجة المتوقعة هى تكرار ما حدث فى 2010 و2011، وبداية هذا العام عندما بدأت آثار المحفزات النقدية فى الاختفاء، وهبطت الأسواق، ولم تنتعش إلا عندما وعدت البنوك المركزية باتخاذ المزيد من الخطوات.
ويجادل بعض المستثمرين بأن التقلبات فى أسعار الأسهم دليل مبكر على ضعف النمو، كما يرون أن معظم آثار الخطوات التى اتخذتها الولايات المتحدة وأوروبا ظهرت قبل الإعلانات الرسمية، ولم يحدث الكثير بعد تنفيذ هذه الخطوات.
ومع ذلك، فإن الاختبار الحقيقى للتجارب فى السياسات النقية سيقع تأثيره على دائرة الائتمان والاقتصاد الحقيقي، فالبنوك المركزية بإمكانها طباعة الأموال ولكنها لا تستطيع إجبار الناس على إنفاقها، فإذا احتفظت بها الأسر التى تسدد الديون ورفضت الشركات استثمارها، فإن الانتعاش غير محتمل الحدوث حينها.
ويعد الهدف الئيسى لبن برنانكي، رئيس الاحتياطى الفيدرالي، هو دفع الأسهم وأسعار المنازل للارتفاع حتى يشعر الأفراد أنهم أكثر ثراء وبالتالى ينفقون المزيد، ويخلقون وظائف للفقراء، ولا يخشى المستثمرون من فشل هذه السياسة وإنما من أن تعمل بشكل جيد لأنها تؤدى إلى قتل البائعين على المكشوف.
وتختلف هذه الجولة من برنامج التيسير الكمى عن التدخلات السابقة للفيدرالى منذ الأزمة، فالأولى جاءت عندما توقعت أسواق السندات حدوث انكماش، كما انها دفعت المستثمرين لتوقع معدلات تضخم طبيعية فى المستقبل، أما الجولة الثانية فقد جاءت عندما كانت توقعات التضخم منخفضة للغاية.
فى الخريف الماضي، شهدت عملية «التويست»، وهى تهدف إلى مبادلة السندات قصيرة الأجل بأخرى طويلة الأجل، انخفاضاً أقل فى توقعات التضخم، ولكن هذه المرة كانت توقعات التضخم طبيعية للغاية قبل تدخل الفيدرالي، لذا يعتقد المستثمرون بشكل متزايد أن الفيدرالى لم يعد قلقا بشأن التضخم، ويسعى لدفع النمو بشكل أسرع، ما يدفع المستثمرين للخوف من ارتفاع التضخم.
ويرى وزير المالية البرازيلي، جويدو مانتيجا، أن الفيدرالى تحرك لأن القبضة السياسية جعلت الإجراءات المالية مستحيلة، وقال إن الملاذ الأخير أمام الفيدرالى كان اتخاذ إجراءات التيسير الكمى التى يرى أن لها تأثيراً ضئيلاً جدا فى الولايات المتحدة لأنها لا تعانى من نقص فى السيولة مثل أوروبا.
وفضلا عن مخاطر ركود الاقتصادات الأوروبية، يواجه المستثمرون مخاطر فشل الساسة الأمريكيين فى التوصل إلى حل قبل يناير المقبل لوقف استمرار ارتفاع الضرائب وتخفيض النفقات ما قد يدفع الدولة لركود.
كما يضيف تغير القيادة السياسية فى الصين، فى نوفمبر القادم، إلى عدم اليقين السياسى وسط التباطؤ الحالى فى الاقتصاد والجهود المتعثرة فى تحويل الاقتصاد من استثمارى إلى استهلاكى فى الدولة.
اعداد – رجمة عبد العزيز