بقلم: توماس بودين
سعت شركة كريستلاكس الكندية للتعدين منذ عدة سنوات للحصول على تصريح من حكومة فنزويلا لبدء الحفر، واستخراج الذهب فى مناجم “لاس كريستيانس” جنوب البلاد، الا أن الشركة توقفت عن الانتظار بعد تأميمه لأن المنجم كجزء من برنامج عمليات الاستحواذ الاشتراكية طويل الامد للديكتاتور هوجو شافيز، رئيس فنزويلا، حيث قال وزير الصناعات والمناجم الفنزويلى رودولفو سانز: «هذا المنجم سوف يصادر ويدار من قبل ادارة الدولة بمساعدة الروس».
ليس من الغريب ان يرغب حاكم غاشم مثل شافيز فى الاستيلاء على منجم “لاس كريستيانس” الذى يبلغ احتياطه 16.9 مليون أونصة من الذهب، ولكن السؤال الذى يثير الحيرة ما هو السبب وراء تأميم مناجم الذهب ومنصات ومصافى تكرير البترول من قبل الحكومات مثل فنزويلا وروسيا ولا يكون للشركات المطرودة حق الاعتراض، لتقوم فقط بتقييم الاضرار فى صمت.
السبب باختصار يكمن فى ان تلك الموارد كالذهب والبترول تعتبرهما تلك الدول ممتلكات عامة لا يمكن استخراجها بواسطة شركات خاصة الا بتصريح من الحكومة ويكون هذا الامتياز قابلاً للالغاء وفقا لارادة الحكومة، قال صحفى فنزويلى: «لن تقبل الدولة ان تملى عليها المنظمات الأجنبية ما يجب ان تفعله مع مواردها الخاصة».
ولكن الموارد الطبيعية لا يمتلكها احد وليست ملكية عامة، فلا يمكن ان تكون حقوق هذه الموارد تحت سيطرة انسان واحد، فالديكتاتور لن يتمكن بمرسوم من جلب الذهب والبترول المدفونين تحت الارض الى السطح، رجال الاعمال والمهندسون ورجال الحفر فقط الذين يستطيعون تحويل تلك الطاقات الكامنة الى ثروة حقيقية، والملكية هى اعتراف القانون بأن هؤلاء المنتجين هم الذين يجب ان يتمتعوا بالحق القانونى فى السيطرة على تلك الثورات التى استخرجوها وليس أى شخص على وجه الأرض لم يستغل تلك الامكانية.
على سبيل المثال، عاش العرب قروناً عديدة فوق اراضٍ صحراوية تخفى تحتها كميات هائلة من البترول ولكن المستثمرين الغربيين هم من حولوا بترول الشرق الاوسط إلى سلعة ذات قيمة، فتلك الشركات نقبت عن البترول فى مساحات برية شاسعة وتعرضت لمخاطر الفشل الذريع والانهيار المالي، وبفضل ابداعها وشجاعتها ومثابرتها غُمرت الاسواق العالمية بالبترول، وبدلا من ان تعترف حكومات الشرق الاوسط بالملكية الخاصة ادعت ان هذه الموارد ملكية عامة للدولة ليس بناءً على شيء سوى سيادتها على المناطق الجغرافية الغنية بالبترول، ولكن كل ذلك يعد انحرافا عن حقوق السيادة، التى هى اساس لحماية الملكية الخاصة وليس تدميرها.
واليوم، لم تعترف دول العالم الثالث فقط بالتأميم بل أيدته من قبل الأمم المتحدة التى أعلنت فى عام 1962 ان الحق السيادى لكل دولة بالتصرف بحرية فى ثرواتها ومواردها الطبيعية يفوق اهمية المصالح الخاصة والفردية، حتى إن ضحايا التأميم صدقوا على هذا التصريح حيث قال احد رؤساء شركات التعدين، اننا لا نرى قضية التأميم انتهاكا للقانون ولكنه حق للدولة.
لذلك بات من حق الطغاة امثال هوجو شافيز وفلادمير بوتين، رئيس روسيا، معاملة المستثمرين الاجانب بنفس طريقة معاملة مواطنيهما أى كالماشية المساقة داخل القطيع تحلب أو تذبح من اجل المجتمع، لذلك عندما تجرأت شركة البترول الامريكية “اكسون موبيل” واقامت دعوى أمام المجلس التحكيمى للبنك الدولى اعتراضاً على المبلغ الزهيد الذى عرضته عليها فنزويلا تعويضاً عن تأميم أصول الشركة وصفهم شافيز بالعصابة واعلن انهم لن يسرقوا البلاد مرة اخرى.
يعد التأميم المجرد من العقلانية بمثابة سرقة، وسيستمر الديكتاتوريون الذين يعرفون جيدا انهم سيفلتون من العقاب فى انتهاك حقوق الشركات مثل شركة “كريستالكس” بمقتضى هذا التأميم.
المصدر: آين راند سنتر