فى ظل اتجاه العديد من الحكومات حاليا لتأميم شركات الموارد الطبيعية مثل بوليفيا والمجر وفنزويلا والبرازيل، قامت مجلة “فورين بوليسي” بتحليل الخطوات المشتركة التى تتخذها الحكومات عندما تشرع فى تأميم شركاتها.
وتتمثل الخطوة الأولى فى اختيار التوقيت، فقد أظهر التحليل أن تأميم شركات البترول عادة يحدث عندما ترتفع أسعار البترول وضعف المؤسسات السياسية، وكان التأميم فى دول مثل العراق وليبيا شائعا أثناء السبعينيات ثم هدأ فى الثمانينيات والتسعينيات، ثم عاد بقوة فى العقد الماضى فى دول مثل بوليفيا والإكوادور وفنزويلا وروسيا.
هذا كله لأن خام البترول لا يعد مجرد سلعة وإنما أصل استراتيجى أيضا لذا يرجع تاريخ التأميم إلى عمر القطاع نفسه، ففى 1938، صادرت المكسيك نصف مليار دولار من أصول البترول الأجنبية بعدما فشلت الشركات فى التوصل لاتفاق مع نقابات العمال بشأن ظروف العمل.
أما الخطوة الثانية فهى وضع إطار قانونى قبل البدء فى تأميم الممتلكات الخاصة، فبعد عامين من تولى هوجو تشافيز، الرئيس الفنزويلي، السلطة، أصدر قانوناً جديداً بشأن البترول والغاز رفع بموجبه الضرائب على الشركات الأجنبية المنتفعة بالموارد البترولية، وعزز السيطرة الحكومية على شركة النفط الفنزويلية الوطنية التى كانت تعمل ككيان مستقل نسبياً تحت الحكومات السابقة.
وعلى مدى سنوات عديدة بنى تشافيز قضيته ضد شركات البترول الأجنبية حتى بدأ فى الاستيلاء على حصصهم فى عام 2007.
والخطوة الثالثة هى تقديم عروض للشركات الأجنبية لا يمكن رفضها، فمعظم عمليات تأميم شركات البترول لا تكون فى شكل استيلاء صريح، فالحكومات تتبنى شعارات مثل تعويض الملاك السابقين عن خسائرهم، حتى ان الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة أصدرت قرارا ينص على وجوب تعويض الشركات الأجنبية بتعويض مناسب فى حالات التأميم القائم على أسباب مثل المصلحة العامة أو الأمن الوطني.
وبالطبع لا أحد يستمع للأمم المتحدة، وهناك خلافات كبيرة بشأن القيمة الحقيقية لحصة المالك السابق، وتقدر شركة “ريسبول” الاسبانية – التى كانت تمتلك 57% من شركة “يو بى إف” – قيمة حصتها بـ 18 مليار دولار، والحكومة الأرجنتينية مجبرة بقوة القانون على تعويضها، ولكن تحديد التعويض من قبل محكمة حكومية قد يأخذ سنوات لتقرر، وفى الغالب سيكون المبلغ أقل بكثير من الحصة المقررة للشركة.
أما الخطوة الرابعة التى حددها تحليل المجلة فى اتخاذ القرار بشكل سريع واستخدام القوة أحيانا لتنفيذه، ففى عام 2009 استخدم هوجو تشافيز القوات للمساعدة فى تأميم 60 شركة خدمات بترولية كجزء من خطته التدريجية لتأميم القطاع بأكمله.
وفى 2006، أمر الرئيس البوليفى إيفو مورالز شركات البترول الأجنبية بإعادة مناقشة عقودها مع الحكومة خلال ستة أشهر أو ترك البلاد، وأرسل قوات لتحتل 56 موقعا بتروليا وغاز طبيعى عبر البلاد.
وتتمثل الخطوة الخامسة والأخيرة فى أن تضمن الحكومة عدم الإطاحة بها وتتجنب الغضب الشعبي، فتأميم الشركات الدولية قد يكسب الحكومة الشعبية لدى الناخبين ولكنه قد يتسبب فى تكوين أعداء أقوياء.
فبعد عامين من تأميم إيران لشركة البترول البريطانية الإيرانية، أطيح برئيس الوزراء محمد مصدق فى انقلاب دعمته وكالة الاستخبارات الأمريكية، ودفعت حكومة الشاه تعويضا بقيمة 70 مليون دولار للشركة فى 1954، بينما نجا تشافيز من محاولة إطاحة بعد شهور من تمريره لقانون البترول والغاز.