لأول مرة يعلو الهتاف الجماعى فى سماء العاصمة الاردنية عمان بالمطالبة بإسقاط الملك عبد الله الثاني، صاحب النسب الشريف إلى الرسول الكريم بعد أن فشل فى مواجهة الازمات الاقتصادية المتتالية وارتفاع الاسعار الجنونى فى وقت مازال النظام يرفض الاعتراف بالتواجد القوى فى الشارع للتيار الأسلامى بقيادة الاخوان المسلمين غير المحظورة فى المملكة الهاشمية.
قالت وكالة الانباء بلومبيرج ان التظاهرات الكبيرة التى تحدت القيود الأمنية وبدت وكأنها فصل جديد من فصول الربيع العربى على وشك الانطلاق جاءت رغم الاعلان عن دعم نقدى سيحصل عليه نحو 37% من المواطنين بينهم موظفون حكوميون وقوات الجيش وأصحاب المعاشات والشركات وأى شخص يخضع للضمان الاجتماعي.
وأشارت الوكالة إلى أن الأردن اصغر اقتصاد فى منطقة الشرق الأوسط أفلت الصيف الماضى من موجة الثورات العربية الصاعدة التى اطاحت بالأنظمة الديكتاتورية فى مصر وليبيا وتونس.. ليستمر العاهل الأردنى ونظامه لبعض الوقت فى الحكم مع الأخذ فى الاعتبار أن عمره لم يتخط الخمسين عاما وجلس على العرش المملكة الهاشمية منذ عام 1999 بعد وفاة والده الملك حسين الذى قرر قبل وفاته بوقت قصير نقل ولاية العهد من أخيه الحسن إلى ابنه الأمير عبد الله فى ذلك الوقت ليورثه الحكم.
ودعت جماعة الاخوان المسلمين فى الأردن المواطنين للخروج فى تظاهرات ضخمة بهدف إعادة الدعم الذى قرر إلغاءه لتحقيق برنامج إصلاح اقتصادى التزم به للحصول على قروض من صندوق النقد الدولى الذى يطالب بمزيد من تحرير الاقتصاد الاردنى وخفض الانفاق الحكومي.. لكن الجماعة لم تعلن أن هدف التظاهرات هو المطالبة بتغيير النظام وإسقاط الملك.
جدير بالذكر أن الأردن يستورد جميع المواد البترولية ويعتمد على الدعم الخارجى والاستثمار الاجنبى لتغطية العجز فى الموازنة لكن الدعم الخارجى هبط بنسبة 98% إلى 25.8 مليون دينار أردنى أى ما يعادل 36.4 مليون دولار فى الأشهر التسعة الأولى من العام الجارى فى غياب تبرعات الدول العربية بحسب ما أكدته تقارير وسائل الاعلام الحكومية.
ولفتت وكالة بلومبيرج إلى ان الحكومة تفتقد بشدة السيولة النقدية بدليل أنها لا تملك الأموال الكافية لدفع ثمن شحنتى وقود توقفتا فى ميناء العقبة لعدة أيام.
وتسببت الهجمات المتكررة التى استهدفت تفجير خط الغاز القادم من مصر فى خسائر تقدر بنحو 4 مليارات دولار ما زاد من حجم عجز الموازنة فى غياب الدعم السعودى الذى غطى هذا العجز خلال عام 2011.
وتقول مجلة الايكونوميست الاقتصادية البريطانية ان الوقت بدأ ينفد من العاهل الاردنى قبيل الانتخابات العامة المقررة العام المقبل وسط تهديد من المعارضة بمقاطعتها بسبب القانون الأخير الذى شهد تعديلات اعتبرها المناوئون للنظام صورية، وتقدم نموذجا وهميا لديمقراطية عوراء.
وسط هذا الزخم السياسى على ايقاع المشكلات الاقتصادية التى تحاصر البلاد تحدث الملك عبد الله بحسب المجلة البريطانية بلغة انجليزية فصيحة التى يجيدها أكثر من اللغة العربية لاحدى المحطات الامريكية قائلا ان الاخوان المسلمين يمثلون فقط 12% من الانتماءات السياسية للشعب ويريدون استغلال اسلوب الحشد فى الشوارع من أجل فرض رؤيتهم. مؤكدا أنه لم يقع الاختيار عليهم فى إدارة البلاد لأنهم لا يملكون الكفاءة المطلوبة لتحقيق أداء جيد.
ولجأت السلطات فى الاحتجاجات الأخيرة إلى منع الإخوان من تأجير باصات كانت مخصصة لنقل المحتجين إلى قلب العاصمة عمان بدعوى مناهضة خفض الدعم الذى اقرته الدولة للحصول على قرض بقيمة مليارى دولار من صندوق النقد الدولي.
وتقول المجلة ان الملك عبد الله الثانى أفلس من الافكار على ما يبدو كما أفلست خزانته ففى كل مرة يلجأ إلى القاء اللوم فى فشل ادارة الاقتصاد على الحكومة ويقوم بتغييرها لتهدئة الشارع الغاضب حتى لا يعطى آذانه للأخوان الذين يسعون لتصعيد الاحتجاجات ضده.
تقرير – ربيع البنا