يبدو أن عام 2012 سيكون السطر الأخير فى أسطورة صناديق التحوط والعوائد الضخمة التى يحققها للمستثمرين، بعد أن شهدت العشر سنوات الأخيرة 2002-2012، تفوق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» على منافسه لصناديق التحوط لمدة 10 سنوات متتالية، باستثناء عام 2008 عندما تراجع كلاهما بحدة.
كما حقق صندوق استثمارى بسيط، تتكون 60% من محفظته من الأسهم والباقى من السندات السيادية، عائداً بأكثر من 90% على مدار العقد الماضي، بينما حققت صناديق التحوط 17% فقط بعد خصم الرسوم.
وبعدما كانت صناديق التحوط تتوقع أداءً مبهراً خلال 2012، لم تزد مكاسب مؤشر «اتش اف آر اكس» الذى يقدر عائدات القطاع عند 3% فقط مقارنة بـ 18% ارتفاعاً فى مؤشر ستاندرد آند بورز للأسهم.
وانتهى الأمر بمن يطلق عليهم سحرة العالم المالى بتحقيق أرباح سلبية نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، وذهبت الأرباح إلى المستثمرين فيها والتى كانت أقل من الرسوم التى حصلها المديرون أنفسهم.
وقال جون بالسون، المدير الاستثمارى الذى تنبأ فى 2007 بفقاعة قطاع الإسكان الأمريكي، إن صندوقه خسر بنسبة 17% فى العشرة أشهر الأولى من 2012، بعد تراجعه بنسبة 51% فى 2011.
والأسباب وراء الأداء الضعيف تبدو متنوعة بقدر تنوع صناديق التحوط نفسها، فبالسون عزا توعك صندوقه للتوقعات بتعثر أوروبا، بينما يرى آخرون أن السبب هو تقلبات السوق التى يقودها الساسة أكثر من القوى الاقتصادية.
وقال جيم فوس من شركة “أكسيا” للاستشارات إن الأسواق تراقب الحكومات التى تقوم بدورها بمراقبة الأسواق، مضيفا أن أكثر مختارى الأسهم براعة سوف يعانى ليحقق مكاسب إذا كان السوق متقلبا بسبب تصريحات البنوك المركزية.
واعترف الكثيرون من مديرى صناديق التحوط بصعوبة العمل فى هذه البيئة، واضطر بعضهم إلى تقليل استثماراتهم أو التصفية.
كما تغيرت الرسالة الموجهة للمستثمرين، فبينما كانت صناديق التحوط تروج لنفسها على انها محافظ استثمارية نشيطة وقوية، أصبحت تؤكد على استقرار عائداتهم على المدى الطويل.
ويذكر تقرير لمجلة الايكونوميست إنه من الأفضل لصناديق التحوط أن تروج لنفسها على أنها تقدم تقلبات منخفضة بسبب تغير قاعدة المستثمرين، ففى السنوات الأخيرة اقتحمت المؤسسات فئة أصول مقتصرة فقط على الأفراد الأثرياء، واليوم تمتلك صناديق التحوط والمنح مثل مؤسسة نوبل والمؤسسات الاستثمارية الأخرى ثلثى أصول هذا القطاع، بينما كانت النسبة 20% فقط منذ عقد.
وهؤلاء المقتحمون الجدد يركزون على تجنب المخاطرة أكثر من الملياردرات الذين دعموا صناديق التحوط فى الأصل.
وقال عمر كودمانى من مؤسسة “بيرمال” التى تستثمر فى صناديق التحوط إن المؤسسات تبحث عن المزيد من الشفافية وتجعل تنويع الأصول أولوية على العائدات المرتفعة.
كما كان الاستثمار فى الديون المدعومة بأصول مدراً لأرباح وفيرة لصناديق التحوط فى وقت من الأوقات، أما الآن فهو عند أدنى مستوى له على الإطلاق.
وبالتالى أثرت العملية الانتقائية المصاحبة لتدفق المؤسسات الاستثمارية إلى تقليل نشاط صناديق التحوط، فهؤلاء المستثمرون يريدون من مديرى التحوط الالتزام بمناطق الضيقة يمتلكون بها خبرة بدلا من التحليق بين استراتيجيات مختلفة.
ويرى سيمون لاك، مستشار استثمارى وأحد منتقدى صناديق التحوط، أن صلابة النموذج الاستثمارى الجديد تعد أحد العوامل وراء تراجع الأرباح على مدار السنوات الماضية، وأما العامل الثانى يكمن فى حجم القطاع، فتلك الصناديق تدير أصولاً بقيمة 2.2 تريليون دولار أى أربعة أضعاف حجمها فى 2000، وبالتالى أدت كثرة الأموال استثمارها فى أصول ثانوية لا تدر أرباحاً عالية.
ويقول المدافعون عن القطاع أن تخصيص جزء صغير من الأصول لدى صناديق التحوط بإمكانه حماية المحافظ الاستثمارية من تقلبات السوق، ومع ذلك، هناك طرق أخرى يمكن بها تنويع المحفظة مثل الاستثمار فى الصناديق المتداولة فى البورصة التى تتيح للمستثمرين الاستثمار فى أى شيء بدءا من الذهب والعقارات إلى الشركات الأندونيسية.
كما أن الصناديق المدرجة فى البورصة تخصم من المستثمرين نقاط أساس قليلة كرسوم من الاموال التى يستثمرونها، مقارنة بـ 2% من الأصول و20% من الأرباح التى تخصمها صناديق التحوط.
والورقة الرابحة التى تمتلكها صناديق التحوط ان الكثير منها حقق أرباحا ضخمة على المدى الطويل، ولكن هذا ينطبق أيضا على أى نوع آخر من الاستثمار.
اعداد – رحمة عبد العزيز