أبدى أصحاب المراكب النيلية “الفلوكات” قلقهم من استمرار الظروف التى يمر بها قطاع السياحة وأنشطتها المختلفة، حيث أدى الركود السياحى إلى ضعف الإقبال على الرحلات النيلية خلال الفترة الحالية، وبالتالى انخفاض كبير فى دخولهم وتسريح العمالة واتجاه المراكبية للعمل بمهن أخرى.
قال كمال خضيرى “مراكبى” بمرسى الشريف محمد على إن المرسى يحوى 7 فلوكات ولا يعمل منها سوى ثلاث فقط، نظراً لضعف الإقبال الذى تشهده جميع المراسى النيلية فى الوقت الحالى، ولا يتعدى عدد الرحلات حاجز رحلتين فقط يومياً، وفى بعض الأحيان لا يتم تسيير رحلات على الإطلاق، بعدما كانت الرحلات تصل الى ما بين 15 و20 رحلة قبل الثورة.
و أضاف أن الإقبال بشكل عام خلال الفترة الحالية لا يتجاوز 10% مقارنة بما قبل الثورة والذى وصل الإقبال فيه الى اعلى مستوياته، بسبب الأحداث السياسية والاقتصادية التى تشهدها البلاد وتؤثر سلبا على قطاع السياحة بشكل عام .
و أشار إلى أن حجم الإقبال يختلف فى الأعياد و الاجازات، حيث شهدت ليلة رأس السنة إقبالاً تجاوز 15% من قبل الأجانب، فيما تشهد الأعياد الإسلامية إقبالاً أكبر من قبل المصريين ونسبة ضئيلة من العرب.
وأوضح خضيرى أن أحداث العنف الذى تشهده البلاد أدت إلى تردد السائحين فى القدوم إلى مصر، ما انعكس على الإقبال على الرحلات النيلية وإنخفاض دخل الفلوكات الذى كان يتجاوز1400 جنيه يومياً ليصل إلى نحو 120 جنيهاً فقط حاليا، اى بمعدل انخفاض 90%.
و قال أن سعر الرحلة للمصريين يتراوح بين 50 و 60 جنيهاً فى الساعة مقابل 80 جنيهاً للأجانب و العرب، موضحاً أن الفترة الحالية تشهد تفاوتا نسبيا فى السعر، فنتيجة ضعف الإقبال يضطر أصحاب الفلوكات إلى تخفيض سعر الرحلة للأجانب لتصل لـ 50 جنيهاً كالمصريين.
و أشار خضيرى إلى أنه تم تسريح نحو10 أفراد من عمالة المرسى والذين كان يصل عددهم الى 15 فرداً و لم يتبق منهم إلا 4 أفراد حاليا، مضيفاً أن إيراد المراكب يقسّم نصفها لمالك المرسى و النصف الآخر يوزع بالتساوى على العمال.
وعبر عن استيائه من حالة الركود الاقتصادى التى تشهدها البلاد فى الفترة الأخيرة والتى أثرت بشكل كبير على حجم الإقبال على الرحلات النيلية، مما جعله يفكر بشكل جدى فى ترك العمل بالمراكب والاتجاه للعمل بمهنة أخرى كما هو الحال للعديد من عمال المراكب.
و ذكر أنه قبل 15 عاماً كانت المراكب تصنع بالخشب ولكن تم استبداله بالحديد لما يحدثه الخشب من ثقوب فى جسم المركب، وقدر متوسط سعر الفلوكة حالياً بنحو 45 ألف جنيه.
وأضاف أن هناك منطقتين لتصنيع الفلوكات فى إسنا بمحافظة قنا والقاهرة، إلا أن تصنيعها فى اسنا يعطيها شكلا مميزا، بينما تتراوح تكلفة نقلها إلى القاهرة بين 2000 و 3000 جنيه.
من جانبه، أعرب أحمد الدجوي، مالك مرسى “دقدق” للفلوكات، عن استيائه من الأوضاع الاقتصادية المتدنية التى تمر بها البلاد خاصة القطاع السياحى الذى يعتمد عليه فى كسب رزقه، مشيراً إلى استغنائه عن ما يزيد على نصف العمالة و التى لم يبق منها إلا 8 أفراد مقابل 19 فرد من العاملين بالمرسى من قبل.
و أوضح أن الدخل خلال الفترة الحالية لا يتجاوز 20% من معدلاته قبل الثورة، ولا يتخطى عدد الرحلات التى يُسيرها حاليا 3 رحلات يومياً مقارنة بـ 20 رحلة سابقاً، فلجأ إلى تخفيض سعر الرحلة من 50 إلى 30 جنيهاً مقابل الساعة.
و قال إنه بديلاً للركود السياحى الذى يظهر على المشهد الاقتصادى و عدم وجود إقبال على الرحلات النيلية يقوم بعض أصحاب المراكب باستخدامها فى أغراض أخرى كالتصوير فى الأفلام السينمائية و المسلسلات، الأمر الذى يمثل دخلاً جيداً يساعد على مواجهة أعباء الحياة.
و أضاف أن اللجوء لاستخدامها فى الأفلام مقبول نوعاً ما لأنه يعوض أصحاب المراكب عن خسائرهم، حيث يتراوح أجره بين 1000و 3000 جنيهً تبعاً لعدد أيام التصوير وعدد المراكب المستخدمة.
و أكد أن معدل إقبال الشركات السياحية التى تتعاقد معهم بصفة دورية انخفض بنحو 90%، مضيفاً أن الشركات التى كانت تتعاقد معهم فى السابق يصل عددها نحو 20 شركة بواقع 3 – 4 اتوبيسات سياحية فى الإسبوع، فى حين أن حجم الإقبال حالياً لا يتجاوز اتوبيسين شهرياً.
و قال محمد الدجوى “مراكبى” إن تكلفة إستخراج تصريح المركب تصل لـ 700 جنيه و يتم استخراجه من خلال المحافظة التابع لها المرسى ووزارات السياحة و الزراعة و الرى و الملاحة النهرية، وتصل الرسوم السنوية التى يتم سددها للجهات الحكومية إلى نحوة 7 آلاف جنيه.
و أوضح أنهم يواجهون صعوبة فى استخراج التصاريح اللازمة للمراكب من قبل الجهات الحكومية، بالإضافة إلى عرقلة الشرطة النهرية لهم كالسؤال عن الترخيص الخاص بالمركب.
وذكر أن المراكب حالياً تصنع جميعها من الحديد و تغطى بطبقة من الخشب فى حين انها كانت تصنع كاملة من خشب الكافور، و ذلك نظراً لإختفاء عمالة تصنيع المراكب فى الوقت الحالى.
وأضاف أن تكلفة تصنيع المركب تتحدد تبعاً لطول المركب و حجمها و سعر طن الحديد الذى يتجاوز 4 آلاف حالياً، بجانب المواد الأخرى المستخدمة فى التصنيع كالخشب و الحبال و الشراع.
وأوضح الدجوى انه يمكن تصنيع المراكب فى عدة أماكن أخرى كحلوان و جزيرة الدهب كما يوجد مصانع فى جميع المحافظات خاصة إسنا التى تشتهر بصناعة الفلوكات.
و من جهة أخرى، قال محمد علام “مراكبى” أن الإقبال من قبل الأجانب إنخفض بنسبة 90%، حيث تعمل بالمرسى فلوكة واحدة من أصل 4 فلوكات،،مضيفاً أن الدخل قبل الثورة كان يتجاوز الـ 5 آلاف جنيه يومياً اما الآن فلا يتعدى 500 جنيه.
وأشار إلى أن دخل العامل من الفلوكات أصبح غير كاف لمواجهة الأعباء الحياتية، ما دفع الكثيرين منهم إلى التوجه للعمل بمهنة أخرى أو إلى عمل إضافى بجانب الفلوكات.
و ذكر أن عدد المراسى المرخصة فى القاهرة يتجاوز 10 مراسٍ فى حين يوجد نحو 10 مراس أخرى تعمل بدون ترخيص، خاصة ان الجهات الحكومية لا تهتم بإصدار التراخيص لهم، ما يمثل صعوبة لأصحاب المراكب التى تود ترخيصها.
و أوضح علام أنه يتم تجديد التراخيص كل 3 سنوات للعامل وكل سنتين للمركب و يتم سداد رسوم ضريبية بقيمة 60 جنيهاً يومياً، بينما لم تجمع الحكومة الرسوم منذ قيام الثورة وحتى الآن.
وأشار علام إلى أن 90% من الإقبال على الفلوكة فى موسم الشتاء يكون من قبل الأجانب الذين يفضلونها لطبيعتها الهادئة، بعكس العرب الذين يفضلون المراكب التى تعمل بالموتور، أما المصريون فيقبلون على النوعين فى موسم الصيف والأعياد نظراً للاجازات.
و أشار إلى أن تصنيع الفلوكات فى الوقت الحالى لا يقتصر على مكان محدد و لكن يتم تصنيعها فى جميع المحافظات و كل محافظة تضيف شكلاً و طابع مختلفاً على الفلوكة، موضحأ أن متوسط تكلفة المركب يبلغ نحو 30 ألف جنيه.
و على جانب آخر، قال حاتم صلاح مدير عام الشركة المتحدة الدولية للسياحة إن الرحلات النيلية “الفلوكة” لا تعد بندا أساسيا فى البرامج السياحية بالنسبة للقاهرة والأقصر، ولكنها اختيارية و بحسب الطلب، اما بالنسبة لمدينة أسوان فهى تعد رحلة ثابتة ومدرجة ضمن البرنامج السياحى سواء كان منخفض أو عالى التكلفة.
و أشار إلى أن التعاقد مع أصحاب المراكب يكون بسعر منخفض عن السعر الأساسى للرحلة مقابل توريد أفواج سياحية لهم بصفة دورية بواقع 30 جنيهاً للرحلة، وهو ما يقابل باستحسان من اصحاب المراكب نظرا لزيادة عدد الرحلات.
كتبت – بسمة رجب