تعمقت أزمات الاقتصاد المصرى على مدار العام الماضى و تجاوزت مؤشراته حدود الخطر فى كثير من القطاعات لكن القطاع المصرفى كان المستفيد الأول من تلك الأزمات.
وتعانى الحكومة منذ عامين ارتفاع معدلات العجز المالى الأمر الذى ضغط على مستوى السيولة فى السوق ورفع تكلفة الاقتراض الحكومى لمعدلات غير مسبوقة.
وبالرغم من تراجع التصنيف الائتمانى لمصر لمستويات عالية الخطورة ووصولها إلى نفس تصنيف بلد على حافة الهاوية مثل اليونان وفقا لتصنيف «ستاندر آند بورز الأخير»، إلا أن البنوك استمرت فى زيادة الوزن النسبى للأوراق المالية الحكومية من إجمالى أصولها.
وقفزت معدلات الفائدة على إصدارات الأوراق المالية الحكومية بما يزيد على أربع نقاط مئوية بعد الثورة، وبلغت ذروتها فى شهرى يونيو ويوليو الماضيين، الأمر الذى ترك أثره الواضح فى أرباح البنوك فى الربع الثالث من العام.
وتعد البنوك أكبر مشتر للأوراق الحكومية، وتستحوذ على 65% من الأرصدة القائمة من أذون الخزانة، وبلغت تلك الأرصدة 377 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى، كما تستحوذ على نسبة كبيرة من أرصدة السندات الحكومية.
وفى مسح أجراه «بنوك وتمويل» لمستوى النمو فى ربحية البنوك فى الربع الثالث من العام الماضى سجلت البنوك معدلات نمو قوية، وكان أكثرها نموا بنك فيصل الاسلامى الذى نمت أرباحه 217%.
قال سعيد زكى، عضو مجلس الإدارة بالبنك المصرى الخليجى، إن ارتفاع معدلات نمو الأرباح بالبنوك يرجع إلى قرار البنك المركزى بتخفيض نسبة الاحتياطى الإلزامى على البنوك 4%، وأدى ذلك إلى توفير سيولة لدى البنوك يتم استثمارها لتدعيم الأرباح.
وقال إن كثيراً من البنوك وظفت الفائض لديها فى أذون الخزانة والسندات الحكومية نظراً لارتفاع العائد وندرة المخاطر، وحرصت البنوك على تطبيق سياسة تحوطية مما يقلل من عمليات تجنيب مخصصات وهذا أيضا دعم الأرباح.
قال تامر مصطفى، نائب المدير العام ورئيس قطاع تمويل الشركات الكبرى ببنك القاهرة، إن أرباح البنوك ارتفعت نظراً لاتباعها سياسة تحفظية فى منح الائتمان، أدى إلى تجنب البنوك لوضع مخصصات جديدة واستثمار هذه الأموال فى أذون الخزانة والسندات الحكومية التى تحمل عائداً كبيراً.
قال محسن رشاد، الخبير المصرفى ورئيس القطاع المالى بالبنك العربى الافريقى الدولى، إن زيادة معدل أرباح نمو البنوك العاملة بالسوق المصرى يرجع إلى تطبيق سياسات متحفظة خلال العام الماضى نظراً للأحداث التى لحقت بالسوق المصرى من اضطرابات سياسية.
وحرصت البنوك على وضع خطط تهدف إلى تغطية الربحية وتكلفة مصادر الأموال من خلال قنوات توظيفية مختلفة ومتعددة جزء منها فى الأذون والسندات التى تصدرها الدولة، ولجأت البنوك إلى ذلك لانخفاض منح الائتمان للعملا نظراً لارتفاع المخاطر.
وأشار رشاد إلى أن هناك توظيفات فى محافظ استثمارية مختلفة للبنوك، وذلك يرجع إلى سياسة كل بنك وطريقة توظيفة للأصول التى يمتلكها، وان مصادر العائد التى حققته البنوك فى أرباحها لايقتصر إلى توظيفات الأذون والسندات فقط بل تمتد إلى تكلفة الأموال فى القطاعات الخدمية.
وأضاف أن قطاعات التجزئة والاعتمادات المستندية وتحصيل الشيكات لعبت دوراً فى ارتفاع أرباح البنوك، نظراً لوجود لجان تعمل على وضع الاستراتيحيات للبنوك فى توظيف الفائض لديها، وفقا لما يمكن توظيفه يحقق العائد الأفضل للبنوك.
كان البنك المركزى قد خفض الاحتياطى الإلزامى مرتين متتاليتين خلال العام الماضى لأول مرة منذ سنوات، لتعزيز مستويات السيولة فى السوق ودعم معدلات الربحية فى القطاع، وتم خفض الاحتياطى الالزامى أربع نقاط مئوية ليصل إلى 10% بدلاً من 14%، وأتاحت هذه الخطوة 20 مليار جنيه تقريبا للبنوك استغلتها فى تعزيز أرباحها.
أرجع حسين الرفاعى رئيس القطاع المالى بالبنك الاهلى المصرى ارتفاع معدل نموالبنوك خلال العام الماضى إلى ارتفاع العائد على الأذون والسندات، مشيرا إلى أن أحداث الثورة وتعطل عجلة الإنتاج وانخفاض معدلات منح القروض كلها أدت إلى اتجاه البنوك إلى توظيف الفائض فى أدوات الدين الحكومى.
لكنه نوه إلى أن البنوك لم تعتمد فى زيادة أرباحها على التوظيف فى الأذون والسندات الحكومية فقط، بل هناك قطاعات أخرى مثل التجزئة والقروض والاعتمادات المستندية دعمت أرباح البنوك.
وشهدت أسعار العائد على أدوات الدين الحكومى ارتفاعات تاريخيه خلال العام الماضى دفعتها إلى كسر حاجز 16% على بعض الأجال، وهو ما يجعلها قناه التوظيف الأعلى عائد مقارنه بغيرها من أليات التوظيف الأخلى، فضلا عن كون ضمانتها من الحكومه يزيد من إقبال البنوك عليها.
كما نشط سوق الاستثمار الثانوى فى أدوات الجين الحكومى على خلفية تزايد استثمارات المتعاملوين الرئيسيين فى أذون وسندات الخزانه لاسيما من الشركات التى توقفت استثماراتها ووجدث فى استثمار أدوات الدين الملاذ الامن من الخسائرالمحتمله وتوقعات السوق القاتمة.
وبلغ إجمالى أرصده استثمارات القائمة فى أذون الخزانة نهاية سبتمبر الماضى 377.6 مليار جنيه مرتفعة بقيمة 21.5 مليار جنيه خلال التسعه شهور الاولى من العام الماضى.
قال محمد البيك، مسئول خزانة بأحد البنوك العامة، إن استثمارات أدوات الدين الحكومى خاصة أذون الخزانة ساهمت فى إنقاذ معدلات الربحية بالبنوك فى ضوء تخوفات التوسع فى التمويل وارتفاع المخاطر وتراجع الطلب على الائتمان من جانب العملاء فى نفس الوقت، كما أنها أنقذت ايضا معدلات التكلفه من الارتفاع الشديد.
أضاف ان إرتفاع اسعار العائد على أدوات الدين الحكومى شجع البنوك ايضا على الدخول لتغطية العطاءات المتتالية سواء من خلال السيولة المتاحة أو اعتماداً على آلية الريبو من جانب آخر التى أتاحها البنك المركزى لها، مشيراً إلى أن أدوات الدين الحكومى حققت فائدة متبادلة بينها وبين البنوك، حيث ساهمت فى تغطية جزء كبير من عجز الموازنة ووظفت السيولة المكدسة بالبنوك وبهامش ربح كبير.
كتب – وليد عبد العظيم وسحر الزرقانى
