دخل المهندس عبدالله غراب، وزير البترول والثروة المعدنية، السابق، حكومة الدكتور عصام شرف، فى شهر مارس من العام 2011، عقب الثورة، وذلك خلفا للمهندس محمود لطيف، الذى تولى الوزارة بعد الثورة مباشرة بدلاً من المهندس سامح فهمى، واستمر فى حكومة الدكتور الجنزورى حتى رحيلها.
طوال هذه الفترة شهدت البلاد عدداً من أزمات نقص البنزين والسولار والبوتاجاز، وما تبع ذلك من استجوابات وتساؤلات فى مجلس الشعب الذى تم حله بقرار المحكمة الدستورية، بالإضافة إلى مراجعات لاتفاقيات التصدير لاسيما مع اسرائيل، وأخيراً الحديث عن ضرورة هيكلة الدعم وتوصيله لمستحقيه.
خرج الوزير السابق عبدالله غراب من الوزارة بقناعة رئيسية، أن الأزمة الحقيقية طوال العامين السابقين، هى استمرار حالة فقدان الثقة بين الحكومة والمواطنين، وربما أيضا خوف الحكومة من مصارحة الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادى والضرورات التى تحكم عملها فى الوقت الحالى.
قال غراب فى حوار مع ” البورصة ” ان الحكومات السابقة فى عهد النظام الماضى كانت ” مستكبرة “، ولا تسعى إلى التواصل مع الشعب وتوضيح الموقف الاقتصادى واشراكه فى اتخاذ القرار، مشيرا إلى أن الوضع فى مصر تحول إلى أن الشعب يعمل عند الحكومة، التى صورت للشعب أنها ” تصرف عليه”، رغم أنها فى الحقيقة ” خادمة ” للشعب، وتدير أمواله.
و أشار إلى أن المسئول فى دولة مثل بريطانيا يطلق عليه ” خادم الشعب “، وهو المفهوم الذى يجب أن تتعامل به الحكومة، فقضية الدعم على سبيل المثال، لابد فيها من شرح الموقف كاملا، وترك المواطن يحدد اختياراته وأولوياته، وما اذا كان يفضل وضع كل موارد الدولة – التى هى ملك المواطنين – فى دعم الطاقة فقط، مقابل انهيار فى الخدمات الأخرى من تعليم وصحة ومرافق.
قال ان الدولة تنفق 120 مليار جنيه فى دعم المنتجات البترولية، ورغم ذلك لم يستفد المواطن الذى يحتاج هذا الدعم.
و أكد أنه ليس مع تخفيض الدعم لسد العجز فى الموزانة العامة، وإنما يفضل التعامل وفق نظرية ” الأوانى المستطرقة “، بحيث يتم استقطاع جزء من الدعم وتحويله إلى بنود أخرى فى الانفاق مثل تطوير التعليم والمرافق والطرق.
أضاف” لا توجد مشكلة فى حجم العجز فى الموازنة العامة، فهو ليس عيبا طالما يتم انفاقه فى أنشطة إنتاجية وتنموية تستطيع بعد عدد معين من السنوات أن تعوض وتسد هذا العجز، بينما تتمثل المشكلة الحقيقية فى أن العجز الحالى ناتج عن الانفاق فى سد الاحتياجات الاستهلاكية”.
وقال ان الشعب دائما يسأل أين تذهب الحكومة بأموال الضرائب والايرادات المختلفة، ولماذا لا تنعكس هذه الموارد فى تحسين الخدمات والمواصلات، فى حين أن هذه الموارد تذهب إلى دعم البنزين والسولار والبوتاجاز، لذلك على الشعب الاختيار بين استمرار هذا الوضع أو مساعدة الحكومة فى تنفيذ برامج لترشيد الدعم وتوصيله لمستحقيه.
و ضرب مثلا بأزمة النقل العام قائلا: كيف يمكن للحكومة تطوير النقل العام وحل مشكلة الازدحام المرورى، بينما تدعم البنزين وحده بـ 20 مليار جنيه سنويا، بالإضافة إلى تسهيل وتشجيع النقل الفردى، بينما يتجه العالم كله إلى النقل الجماعي، حيث يمكن حل مشكلة النقل الجماعى من خلال توفير مبلغ من دعم البنزين على سبيل المثال، لتوفير وسائل نقل آدمية ومريحة، وبالتالى لا يحتاج المواطن إلى شراء سيارة أو استعمال سيارته طوال الوقت واستهلاك بنزين.
و أضاف أن البنزين لا يستخدمه سوى السيارات الخاصة وزيادة سعره لن يكون لها تأثير على تكلفة النقل وبالتالى أسعار البضائع، كما يمكن الاستمرار فى دعم 30% من السيارات الخاصة التى لا تزال تحتاج إلى دعم مؤقت لحين توفير وسائل النقل العامة الجيدة، ومن ثم توجيه الجزء الباقى من الدعم لتطوير وسائل النقل والطرق.
وتساءل غراب عن سر اقبال المواطنين على شراء اسطوانة البوتاجاز بـ 25 و30 جنيهاً وأكثر، رغم أن الحكومة تبيعها بـ 2.5 جنيه، بينما يرفض توصيلها حتى منزله أو الحصول عليها بالبطاقة التموينية بـ 5 جنيهات أو 10 جنيهات، وذلك مقابل طرحها فى السوق بحيث لا يتمكن من الحصول عليها سوى الأقوى والأقدر على دفع ثمنها و«الخناق» عليها بين المواطن البسيط ومصانع الطوب أو غيرها من المنشآت التى تستخدم البوتاجاز.
و أكد أنه من غير المنطقى أن يستمر سعر اسطوانة البوتاجاز ثابتا عند 2.5 جنيه منذ عشرين سنة، فلم يعد ممكنا الاستمرار فى توفيرها بهذا السعر مقارنة بـ 70 جنيهاً تكلفتها الحقيقية.
وأوضح أن تكلفة تعبئة اسطوانة الغاز تتراوح بين 30 و40 جنيهاً على الطن الذى يمثل 80 اسطوانة ما يعنى 30 و40 قرشاً لكل اسطوانة، وقدر ما توزعه الحكومة يوميا بنحو 1.2 مليون اسطوانة من خلال 3 آلاف مستودع حصة كل منها ما بين 350 و400 اسطوانة، ويحصل المستودع على 10 قروش لكل اسطوانة ما يعنى 40 جنيهاً يوميا و1200 جنيه فى الشهر، بينما يتكلف 5 آلاف جنيه لتشغيل المستودع، مما يدفع أصحاب المستودعات لعدم الالتزام بالسعر المحدد لبيع الاسطوانة البالغ 2.5 جنيه.
قال انه كان يسعى لبيع الاسطوانة بـ 10 جنيهات حتى يمكن زيادة العلاوة التى يحصل عليها الأطراف المختلفة بهذه الصناعة بدلا من استنزاف الوسطاء للدعم وأموال المواطنين الذين يحصلون عليها بـ 40 و50 جنيهاً.
و عن المخاوف من ارتفاع الأسعار بسبب رفع الدعم عن المنتجات البترولية المختلفة، شدد على ضرورة وجود منظومة رقابية ومظلة ضمان اجتماعى تحمى المواطنين من استغلال البعض لرفع أسعار المنتجات البترولية فى رفع أسعار منتجاتهم رغم عدم وجود تأثير حقيقى.
و أكد وزير البترول السابق أنه ليس مع الابقاء على الوضع الحالى فى تقديم الدعم بسبب الخوف من استغلاله فى رفع أسعار السلع والخدمات المختلفة وانما لابد من العمل فى مسارين متوازيين، بحيث يُرفع الدعم مع تشديد الرقابة على الأسواق ومحاربة الاستغلال والاحتكار.
و أشار إلى دراسة أجرتها وزارة البترول عام 2005 لبحث تأثير زيادة أسعار السولار 25 قرشاً، حيث ان السيارة تستهلك لتر سولار للسير مسافة 12 كيلو متراً أى من الدقى إلى العباسية على سبيل المثال وبافتراض عدد الركاب 12 أو 14 راكباً، فإن السائق الذى يقوم برفع الأجرة 25 قرشاً يتحصل على فرق فى السعر 3.25 قرش وليس 25 قرشاً فقط قيمة الزيادة، وتساءل لماذا نقبل ان نستغل بعضنا البعض ونرفض أى خطوة فى اتجاه الاصلاح؟!.
قال غراب انه أول من أكد أهمية هيكلة الدعم وايجاد حلول عاجلة لتوصيله لمستحقيه، رغم النصائح التى تلقاها عند دخوله الوزارة بعدم فتح هذا الملف الذى يثير المشكلات، مشيرا إلى أن بداية هذا الحديث عن ضرورة ترشيد الدعم كان فى اجتماع مع مجلس الوزراء لمناقشة الاعتمادات التى تحتاجها الوزارات المختلفة، حيث تم تخصيص 95 مليار جنيه دعما للطاقة، بينما وقف وزير التعليم يطلب 3 مليارات جنيه لبناء وتجديد المدارس لاستيعاب الطلاب الجدد ولم تجد الحكومة موارد لتلبية هذا الطلب، لافتا إلى أنه طالب مجلس الوزراء بتخصيص هذه الأموال لوزارة التعليم من دعم الطاقة.
وأرجع غراب عدم تحقيق نتائج ملموسة فى هذا الملف خلال فترة ولايته الوزارة أو فى الحكومات المختلفة بعد الثورة، إلى أن الظروف وقتها لم تسمح للحكومة باتخاذ قراراتها بحرية، ورأى أنه لا يمكن الحكم على الحكومة الحالية أو التى سبقتها لصعوبة الظروف التى تعمل فيها.
و أشار إلى أنه لابد من اعادة التفكير فى الغرض الأساسى من الدعم والذى تعرفه المواثيق العالمية بأنه ” اجراءات مؤقتة لحماية شرائح محددة لفترات محددة..و ينطبق فى فترات الحروب والتحول الاقتصادى “.
أضاف انه من الضرورى تحديد المواطن الذى يحتاج الدعم وآلية دعمه وقيمته وفترة الدعم.
قال ان الحكومات قبل الثورة وصلت إلى مرحلة ” اذلال ” الشعب بالدعم، وتركت دورها الرئيسى فى توفير فرص حقيقية للعمل وخدمات جيدة تسهم فى عيش المواطن بشكل حر وكريم.
و أشار إلى أن جميع السلع ارتفعت أسعارها رغم ثبات أسعار الوقود خلال السنوات الماضية.
وبالنسبة للأزمات التى شهدتها فترة توليه الوزارة فيما يتعلق بنقص البنزين والسولار، قال وزير البترول الأسبق إن مصر لا تعانى أزمة بنزين وإنه لا صحة لما يشاع بأن مصر ليس لديها بنزين، حيث يلبى الإنتاج المحلى 90 % من الاستهلاك بينما يتم استيراد 10 % فقط، وبالتالى مهما كانت الأزمات فلن يحدث نقص فى المعروض بالسوق.
ورفض غراب ما أثير حول افتعال الحكومة أزمات من أجل الاساءة إلى البرلمان ذىالأغلبية الاسلامية، وتساءل عن الجدوى من هذه الادعاءات فى الوقت الذى لا يُعقل أن تختلق الحكومة المسئولة أزمة بينما يستطيع البرلمان ازاحتها ومحاكمتها، على حد قوله.
وأرجع أزمة البنزين والسولار فى ذلك التوقيت إلى الضغط المفاجئ على المحطات بدون مبرر، مشيرا إلى أن محطات البنزين يتم تموينها فى المساء، ويزداد الضغط والطلب الكبير عليها صباحا، ما يتسبب فى نفاد الكميات قبل منتصف اليوم، وهو ما يصعب معه استعادة التموين لصعوبات لوجيستية ولتكدس السيارات أمام المحطات.
أضاف ان الحكومة تحتاج إلى دعم المواطن والاعلام.
أكد غراب ان النظام السابق وضع نظاما عاما من القوانين والاجراءات واللوائح بحيث لا تسمح سوى من يختاره، أن يتربح لذلك فان كل المشروعات الحقيقية التى تمت خلال السنوات الماضية، جاءت من خلال استثناءات من القوانين التى وضعتها الحكومة نفسها، حيث تعوق جميع القوانين عمل أى مسئول و” تكتفه “، على حد تعبيره.
و أشار إلى أن حكومات بعد الثورة، ” بلعت هذا الطعم “، حيث عادت للعمل بالقوانين الأصلية وبتمسك شديد، بعيدا عن الاستثناءات، ومن ثم تعطلت جميع المصالح والمشروعات، رغم أنها وضعت لـ ” تعطيل الدنيا “.
و أوضح أن ترسانة القوانين والاجراءات والنظم الادارية فى الحكومة تجعل من أى شخص يسعى لاقامة مشروع ما، ” يعانى الأمرين ” من أجل اصدار التراخيص.
لذلك كانت هذه القوانين سببا فيما صدر بعد الثورة من أحكام بطلان بعض عقود الاستثمار والخصخصة، مشيرا إلى أن القاضى يحكم وفق القوانين، وحينما يرى قانون المناقصات والمزايدات على سبيل المثال لم يتم العمل به فى بيع أرض أو مشروع ما يحكم بعدم قانونية العملية.
و قال ان الذى يريد أن يسرق لن تمنعه هذه القوانين بينما تمنع من يريد العمل بسبب كم الاجراءات والموافقات واللوائح.
و أشار إلى أن هذه القوانين تتعامل مع كل الناس باعتبارهم خارجين على القانون، قائلا انه لابد أن نبنى دولة قائمة على الشرفاء ولا نضع 10 رقباء على كل موظف، حيث لم تسهم كل هذه الاجراءات فى منع السرقة.
و أضاف أنه لا يجب الافتراض فى المسئول وكأنه ” حرامى “، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق التنمية فى بلد لا يمكن للمسئول فيه تخصيص الأرض لأحد المستثمرين لأننا نخاف من بعض، مضيفا أنه يجب ترك الفرصة للمسئول للعمل وتحقيق رؤيته وأن المسئول غير مطالب بحفظ كل هذه القوانين.
و قال انه طرح على مجلس الوزراء تساؤلاً عما اذا كان يمكن للدكتور أحمد زويل بخبرته العالمية اذا تم تعيينه رئيسا لجامعة القاهرة، تحقيق حلمه فى اقامة جامعة ومدينة علمية للأبحاث، وكانت الاجابة لا بالطبع، لأن المشكلة ليست فى الأشخاص والكوادر المصرية وانما فى القيود التى تحكم عمل هذه المؤسسات.
و أضاف ان مشكلة هذا البلد أنه ظل يعمل بطريقة بوليسية، والجميع مراقب، مطالبا بضرورة السماح بالمحاولة والخطأ الذى يتبعه نجاح.
و أشار إلى أن واحدة من أكبر مشكلات البلد عدم وجود جهة محددة لتسعير الأراضى، ومن ثم اصدار قرار ببيع جميع الأراضى بمزادات، ليدخل الأغنياء ويشترون الأراضى وتفويت الفرصة على محدودى الدخل من الحصول على حقهم فى قطعة أرض يقيمون عليها بيتا لهم وأسرهم.
لذلك ينبغى أن تكون هناك هيئة مستقلة لديها من الخبرة والآليات ما يمكنها من تحديد السعر فى جميع المناطق على مستوى الجمهورية.
قال عبدالله غراب ان سبب أزمة الطاقة فى مصر، التسعير والتداول، مشيرا إلى أن نقص الطاقة ليس عيبا أو مشكلة فى حد ذاتها حيث يمكن استكمال الاحتياجات من الخارج.
و أضاف أن المشكلة الحقيقة فى فارق السعر بين التكلفة أو سعر الاستيراد، وسعر البيع فى السوق، لذلك يجب وضع آلية مرنة تسمح بتحرك الأسعار وفقا للتغيرات العالمية، بحيث يتم التسعير من خلال متوسط سعر التكلفة للمنتج المحلى وما يتم استيراده من الخارج لاستكمال الاحتياجات، مع مراعاة محدودى الدخل، مشيرا إلى أن استمرار تثبيت السعر لفترات طويلة يجعل من حل المشكلة أمرا صعبا.
و أشار إلى أن هناك مشكلة حقيقية فى التداول حيث تطرح المنتجات البترولية فى الأسواق بدون تحديد المستهلك، لافتا إلى وجود نسبة كبيرة من المصانع غير المرخصة وقمائن الطوب والمنشآت السياحية تحصل على احتياجاتها من الوقود، وأكد ضرورة عدم السماح بالأنشطة الصناعية والتجارية المختلفة، للعمل بدون تراخيص، ما يحمل الحكومة أعباء بتوفير الطاقة لها.
قال غراب انه لا صحة لما يقال بأن مصر لم يعد لديها بترول، مؤكدا أن مصر لا تزال لديها ثروة بترولية وكل ما انتجته خلال السنوات الماضية هو ” البترول السهل الرخيص “، مشيرا إلى أن ما يقف أمام استغلال موارد مصر واستخراج البترول فى الطبقات العميقة من الصحراء والبحر المتوسط، هو الخوف من زيادة تكلفة ما سيتم إنتاجه عن السعر الحالى.
أوضح أن تكلفة إنتاج البترول المصرى تتراوح بين 4 و5 دولارات بينما السعر العالمى يصل إلى 100 دولار، مشيرا إلى أن الحكومة فضلت استيراد ما تحتاجه من الخارج بالسعر العالمى بدلا من الاستثمار فى الاستخراج محليا لإنتاج بترول بسعر 6 و7 دولارات.
قال: ان تثبيت السعر المحلى ووضع حد أقصى للتكلفة، ووضع السعر فى معادلة الاستخراج تسببت فى استكمال الاحتياجات من الخارج بالسعر العالمى.
و أشار إلى أن المشكلة نفسها فيما يتعلق باستخراج الغاز من البحر المتوسط، وكذلك استخدام الطاقة الشمسية، حيث تم النظر إلى سعر التكلفة ومن ثم لم نبدأ حتى الآن الاعتماد على هذه المصادر لتوفير الطاقة، مؤكدا أن تثبيت سعر الطاقة فى مصر يقضى على فرص الإنتاج والبحث عن مصادر جديدة.
و أضاف أن المشكلات القائمة حاليا مع الشركاء الأجانب بسبب عدم قدرة هيئة البترول على سداد مستحقاتهم نظرا لتراكم الديون عليها والقروض، نتيجة تمويلها لفارق السعر بين تكلفة الإنتاج والسعر المدعم للمنتجات البترولية.
طالب بخروج قطاع البترول من السياسة بحيث يكون دوره الأساسى توفير الطاقة بأسعارها الحقيقية، على أن تقوم الدولة بدعم المواطن الذى ترى أنه يحتاج إلى هذا الدعم، بعيدا عن عناصر التكلفة والأسعار التى تبيع بها هيئة البترول، حيث لم تحصل الهيئة على نصيبها من موازنة الدعم الا مع توليه الوزارة، لأن قانون الهيئة نفسه يلزمها بسداد الفرق بين السعر المدعم والتكلفة.
و رفض غراب ما أثير عن الخلافات المستمرة بين وزارتى البترول والكهرباء، مشيرا إلى أنه كان يهاتف الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء الأسبق، أكثر من مرة يوميا لحل أى مشكلة.
ورفض غراب دخول القطاع الخاص فى استيراد الغاز، وتحديد سعره، لأن الاستيراد لابد أن يكون عن طريق هيئة البترول التى تقوم باستيراد المنتجات البترولية المختلفة مثل البنزين والسولار.
و قال انه يمكن لمجموعة من المصانع التى تحتاج إلى الغاز التعاقد عليه فى الخارج وتقوم الهيئة باستيراده مقابل أتعاب محددة، أو ترك الهيئة تستورده بمعرفتها وتتولى بيعه لهذه المصانع بالأسعار الحرة، خاصة أن الوزارة أجرت دراسة بهذا الخصوص وبحثت امكانية تحويل احدى محطات الاسالة إلى محطة مستقبلة للغاز المستورد.
و أشار إلى أن سبب رفضه عملية الاستيراد فى البداية هو مطالبة المصانع الوزارة باستيراد الغاز من الخارج وبيعه لها بالسعر المدعم، فى حين أن الدولة غير ملزمة بتوفير الطاقة التى تعتبر مثلها مثل الخامات التى يجب رفع سعر تكلفتها الحقيقى.
و استنكر غراب دخول القطاع الخاص ليبيع الغاز فى السوق المحلى بـ 10 و11 دولاراً للمليون وحدة حرارية لتحقق أرباحا كبيرة، بينما الدولة تبيعه بالسعر المدعم وتخسر، محذرا من خلل فى السوق بسبب البيع بأكثر من سعر.
وأبدى تعجبه من السماح للشركات التى ستقوم باستيراد الغاز بالشراء من الشريك المحلى وبيعه للمصانع، ورأى انه حق أصيل للدولة التى لها الأولوية فى الحصول على الغاز وفق الاتفاقيات، فلماذا لا تقوم الدولة بشراء الغاز من الشريك وبيعه بسعر أغلى للمصانع.
وشدد على أن الدولة يجب ألا تسمح للقطاع الخاص بدخول هذا النشاط الا اذا كانت غير قادرة على القيام به، مؤكدا خبرة هيئة البترول وقدرتها على استيراد الغاز.
و قال انه لا يمكن الاستمرار فى الحديث عن اجراءات ونظم تحكم عمل الدولة ومن ثم الاستعانة بشركات خاصة تحقق مكاسب، بينما تستمر الدولة فى الخسارة، قائلا: ان الدولة أولى بتحقيق هذه الأرباح.
و أشار إلى أن مصر دول منتجة للغاز ولكن لنفسها وليس للغير مثل الدول الخليجية، وأرجع فتح باب التصدير لأسباب اقتصادية، وأنه يعتبر فرصة أمام الشريك الأجنبى لتصريف إنتاجه فى حال زيادته على احتياجات الدولة. فالعائد علي المال العام لايزال أقل من 3% مقابل %30 للحاض .
و قال ان التصدير لاسرائيل توقف تماما وهذا الأمر حاليا فى التحكيم الدولى، بينما تمت اعادة تسعير الغاز المصدر للأردن، مشيرا إلى زيارة الملك عبدالله إلى مصر حيث استقبله فى ذلك الوقت بتكليف من حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى وقتها لتوضيح سبب وقف ضخ الغاز وأهمية اعادة التسعير، مؤكدا استجابة الملك عبدالله لمطالب مصر وبالفعل تم تحريك السعر.
كتب – عبد القادر رمضان ومحمد عياد