يعيش العالم مرحلة «الإنكار» للركود الاقتصادى الذى تبدو ملامحه واضحة مع توالى البيانات السلبية للربع الأخير من العام الماضى الذى فشل فى تقديم نتائج تعالج التشوهات فى الأداء الاقتصادى لعام 2012.
وبعد الإعلان عن الانكماش الاقتصادى الأمريكى فى الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام المنقضى كشفت البيانات النهائية عن تراجع الاستثمارات الاجنبية المباشرة فى الصين فى عام 2012 للمرة الاولى منذ ان تفاقمت تداعيات الأزمة المالية العالمية التى اندلعت عام 2007 والتى ادت إلى نمو الاقتصاد الصينى بأبطأ معدل له منذ ثلاثة عشر عاما، كما ان ارتفاع تكاليف العمالة جعل جهات الاستثمار الاخرى اكثر جاذبية.
بلغ اجمالى الاستثمارات الاجنبية المباشرة فى الصين العام الماضى 111.7 مليار دولار اى اقل من عام 2011 بنحو 3.7%، وفقا للبيانات التى اصدرتها وزارة التجارة الصينية، بينما ارتفع معدل الاستثمارت المباشرة للصين فى الخارج بنسبة 28.6% على عام 2011 لتسجل 77.2 مليار دولار.
وحذرت الحكومة الصينية من تطلع المزيد من الشركات المحلية للاستثمار فى الخارج، ووفقا لمعدلات النمو الحالية، فمن الممكن ان تتجاوز نسبة الاستثمارات الصينية المباشرة بالخارج معدل الاستثمارات الاجنبية المباشرة بالبلاد لاول مرة هذا العام.
يقول ترينه نجوين، خبير اقتصادى لدى بنك «اتش اس بى سى»: لقد كانت الصين المستقبل الرئيسى للاستثمارت الاجنبية المباشرة فى العالم النامى لمدة عشرين عاما، ولكن ارتفاع تكاليف الاستثمار جراء زيادة الاجور وارتفاع قيمة العملة جعلا الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى التوسع فى الاستثمار فى اماكن اخري.
واضاف نجوين ان الدول القريبة من الصين نسبيا مثل الهند واندونيسيا وفيتنام هى اكثر المستفدين لتمتعها بقوى عاملة هائلة واسواق محلية قوية.
ومن المتوقع ان يصل معدل انخفاض القوى العاملة فى الصين إلى ذروته خلال العامين أو الثلاثة اعوام المقبلة جراء سياسة الطفل الواحد التى تتبعها البلاد.
وقد ساعدت صعوبة توفير القوى العاملة بعد ارتفاع الاجور بنسبة تصل 40% سنويا، كما ان الامتثال للانظمة البيئية وارتفاع اسعار السلع الاساسية جعلاً التصنيع منخفض التكلفة اقل جاذبية بالصين. واعلن البنك الدولى انه من المتوقع ان تنمو الصين بنحو 8.4% هذا العام، ومن غير المتوقع ان يعود الاقتصاد إلى معدلات النمو التى شهدها خلال العقود الثلاثة الماضية والتى كانت تزيد على 10%.