تحرير سعر الصرف وخفض الفائدة يخدمان الاقتصاد الوطني
«المجلس الأعلي» ضرورة لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل
نشر ثقافة إدارة المخاطر بداية الطريق لرفع الوعي التأميني
«خلق حالة من الوعي التأميني لدي المصريين يبدأ بنشر ثقافة إدارة المخاطر».. بهذه الكلمات استهل د. محمد غازي ، رئيس قسم الرياضيات والتأمين بجامعة القاهرة حواره لـ«البورصة»، وقال إن كل فرد رئيساً كان أو مرءوساً يتخذ العديد من القرارات، التي قد تتعلق بالصالح العام أو الخاص، مما يستوجب عليه دراسة النتائج المترتبة والأخطار الناجمة عن قراراته، وأن ذلك يدلل علي أهمية وجود إدارة للمخاطر في كل قطاع.
وأضاف أن هذه الإدارة يجب أن تعني في المقام الأول باكتشاف الاخطار ودراسة أسبابها وتحليلها وقياسها بحثا عن أفضل السياسات لإدارتها، وأن انشاء قسم خاص بالعلوم الاكتوارية بكلية التجارة جامعة القاهرة في سابقة تعد الاولي من نوعها في الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي، يعد خطوة نحو تفعيل دراسة إدارة المخاطر لدعم العاملين بأسواق المال والبنوك وشركات التأمين.
وأوضح د. غازي أن قطاع التأمين قادر علي دفع عجلة التنمية الاقتصادية وحماية المجتمع المصري بالاضافة إلي حل الكثير من أزماته، وأن هذا القطاع قادر علي تطوير وتحديث وحماية الاقتصاد الوطني وموارده البشرية، بالإضافة إلي تشجيع المدخرات الوطنية، ومن ثم خلق المزيد من فرص العمل الحقيقية، وهذا مما يسهم في تنمية الاقتصاد القومي.
وأكد أن تطوير قطاع التأمين في مصر يحتاج تأسيس هيئة مستقلة للاشراف والرقابة علي التأمين بشقيه التجاري والاجتماعي، وذلك لتحقيق التكامل بين القطاعين التجاري والحكومي في مد مظلة الحماية التأمينية وتحقيق الضمان الاجتماعي لجميع الاشخاص الطبيعية والاعتبارية.
ورهن د. غازي نجاح القطاع في تنفيذ استراتيجية ومنظومة موحدة لحماية الممتلكات والاشخاص بعودة المجلس الأعلي للتأمين، وبالتالي ضمان تطبيق نظام فعال للتأمين الصحي الحكومي والخاص في اطار منظومة متكاملة لتقديم مستوي جيد من الخدمة الطبية للمواطنين.
وشدد علي ضرورة توسيع واستقلالية الرقابة علي التأمين لتشمل الاشراف والرقابة علي منظومة التأمينات الاجتماعية، كجهة مستقلة لا تتبع وزارة التأمينات الاجتماعية، وللحفاظ علي حقوق المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات، والقيام بالتفتيش الدوري والرقابة علي جميع المنشآت الصناعية والتجارية والخدمية للتأكد من مدي التزام اصحاب الاعمال بالتأمين علي العاملين لديهم بالقيمة الحقيقية للأجور بدلا من التأمين فقط علي أساسي المرتب، الذي لا يزيد علي 150 جنيهاً لفئة كبيرة جدا من العاملين.
وطالب د. غازي بضرورة خضوع الأجر كاملا لنظام التأمين الاجتماعي، خاصة أن النسبة الخاضعة الآن للتأمين لا تتعدي 30%، وأن أسس تسعير نظام الاشتراكات في التأمينات الاجتماعية، التي حسبت علي اساس نسبة الاشتراكات إلي الراتب الاساسي والمتغير لم تف بمتطلبات ربط المعاشات بالأرقام القياسية لنفقات المعيشة، مما اجبر الدولة علي التدخل لرفع المعاشات بقرارات لم تراع العجز المالي الناتج.
وقال رئيس قسم الرياضيات والتأمين بجامعة القاهرة إن هناك فئة كبيرة من العمالة غير المنتظمة لا يقل عددهم عن 5 ملايين عامل خاضعين للقانون رقم 112 لسنة 1980 بدون حماية تأمينية حقيقية، ولا يوجد من يتابعهم، لأنهم لا يتقدمون بالاشتراك إلا عند بلوغ السن 65، وهو سن الحصول علي المعاش.
وأضاف أنه بالنظر الي حجم من يعولون نجد أننا بصدد 15 مليون نسمة دون حماية تأمينية حقيقية لا من القطاع التجاري ولا الاجتماعي، وذلك في ظل عدم وجود جهة مختصة بمنح تراخيص تلك الاعمال غير المنتظمة، التي تزيد علي 1600 مهنة، حيث لا يوجد من يشرف أو يراقب.
واقترح د. غازي أن يتم التنسيق بين شركات التأمين لتقديم وثيقة جماعية لحماية هذه الفئة، التي قد يصل معدل استهلاكها للتليفون المحمول إلي 50 جنيهاً شهرياً يمكن تحصيل ما يعادلها كأقساط لوثيقة التأمين، مؤكدا علي أهمية متابعة استثمارات أموال المؤمن عليهم ورسم السياسات الاستثمارية لها، وذلك حرصا علي استقرار وربحية العائد منها، الذي من شأنه ضمان حياة كريمة للمواطنين، خاصة أن متوسط المعاش الشهري لا يتجاوز 350 جنيهاً، مما لا يضمن حد الكفاف.
شدد علي ضرورة وجود إدارة قائمة علي بحث تطوير المنتجات التأمينية والاهتمام بالتسعير العادل، وتصميم نظم وبرامج التأمين، وابتكار وثائق الحماية الاجتماعية بالتعاون مع وزارة التأمينات سعيا لتحقيق التنمية التكاملية لمنظومة التأمين المصرية، التي تمارس دورها في مصر منذ أكثر من 100عام.
وأكد د. غازي حتمية التنسيق بين الاتحاد المصري للتأمين ووزارة التأمينات الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم ووزارة القوة العاملة والتدريب لتحقيق التكامل الاعلامي بما يعمل علي تنمية الوعي التأميني وثقافة إدارة المخاطر لدي الافراد لوسائل الوقاية والحد من الاخطار والتحكم في حجم الخسائر المتوقعة.
وشدد علي أهمية الحقاظ علي ممتلكات الدولة من خلال التأمين عليها، مما سيضمن قيام شركات التأمين بالتحقق من وسائل الوقاية وتقليل الخسائر المتوقعة، ويضمن أيضا تعويض الدولة في حالة تحقق الخطر، وأن الحكومة مطالبة بالعمل علي تحديث وتطوير القطاع التأميني من خلال التزامها بالتأمين علي ممتلكاتها ومسئولياتها تجاه الغير، لأن معظم ممتلكات الدولة غير مؤمن عليها.
ونصح أصحاب المحلات التجارية والورش والمصانع بضرورة الحرص علي التأمين علي منشآتهم، لما في ذلك من ضمان لحماية الأصول والممتلكات، مشيرا إلي أنه في حالة التأمين علي قطاع السكك الحديدية ستلتزم شركات التأمين بالفحص الدوري للقطارات ومتابعة
اعمال الصيانة وكفاءة اجهزة الوقاية والتحكم ومتابعة بناء الحواجز ومدي صلاحية تلك القطارات للتشغيل، ويتعدي الفحص الشروط الواجب توافرها بقائدي القطارات مما سيقلل من الخسائر الناتجة عن تلك الحوادث.
وعلي جانب آخر أكد د.غازي أن المصريين يعانون أشد المعاناة من ارتفاع قيمة خدمة الدين العام، التي تصل إلي نحو 120 مليار جنيه سنويا، مقترحا تخفيض معدلات الفائدة بالسوق المصري تدريجيا بنسبة 1% سنويا، لما يترتب علي هذا الخفض من تقليل تكلفة خدمة الدين العام، وأنه لا ضير في حالة سحب العملاء لأرصدتهم سيتم توجيها إلي الاستثمار المباشر أو الاستهلاك، مما يعمل علي تحسين الحالة الاقتصادية، التي تمر بها مصر من سيء إلي أسوأ. وأوضح أنه من الخطأ زيادة سعر الفائدة، لأن ذلك له عواقب وخيمة علي الاستثمار المباشر والمالي، ولن يؤدي ذلك إلي زيادة حجم الودائع، بل هو عبء إضافي تتحمله الموازنة العامة للدولة لخدمة الدين العام، وأنه طالما تم ربط الجنيه بالدولار، فلماذا لا يتم ربط العائد علي الجنيه بالعائد علي الدولار، خاصة أن العائد علي الدولار يصل إلي 2.5% فيما يصل إلي 14% علي الحنيه.