قدم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرا لـ”مجموعة عمل ما قبل جلسة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” التابعة للأمم المتحدة، وذلك تزامنا مع مراجعة الاستعراض الدوري لمصر، كدولة موقعة على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تبدأ “مجموعة عمل ما قبل جلسة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” اجتماعاتها اليوم، 21/5/2013، وعلى مدار أربعة أيام، وذلك لمناقشة أهم المسائل المتعلقة بوضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مصر، ومدى التزام مصر بمسؤلياتها القانونية الدولية خاصة بتحقيق بنود العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويعتبر اجتماع مجموعة عمل ما قبل جلسة اللجنة، اجتماعا تمهيديا للتحضير لمراجعة الاستعراض الدوري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويضم التقرير تحليلا ملخصا لأهم الاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية في مصر في سنوات ما بعد الثورة، كما يطرح أسئلة للحكومة المصرية حول خطط التنمية الاقتصادية، والانفاق الاجتماعي على القطاعات التي تمس المواطن كالقطاع الصحي، والتعليم، والسكن، والضمان الاجتماعي وغيرها. كما يطرح التقرير أسئلة حول أوليات الحكومة الحالية، متطرقا لسياسات التقشف التي كانت السمة الغالبة على سياسات الحكومة منذ ثورة يناير 2011، وخاصة منذ تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة الجمهورية.
يقدم التقرير تحليلا للسياسة الاقتصادية والاجتماعية في مصر خاصة في العام الماضي، وذلك في ضوء تركز أوليات الحكومة المصرية على الأخذ بتوصيات صندوق النقد الدولي، والتي تتلخص في زيادة الايرادات من خلال زيادة الضرائب، وتقليص الانفاق العام، خاصة من خلال إعادة هيكلة الدعم والإبقاء على الإنفاق العام المنخفض للقطاعات الاجتماعية الأساسية كالقطاع الصحي مثلا. وقد سلط التقرير الضوء على تدهور وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين عبر السنوات الماضية حتى قبل اندلاع الثورة، فمعدلات الفقر ارتفعت من ١٦.٧٪ في ٢٠٠٠ إلى ٢٥.٢٪ في٢٠١١. واليوم، فإن أكثر من ٤٠٪ من السكان يعيشون على أقل من ٢ دولار في اليوم الواحد، في حين جمعت قلّة قليلة ثروات هائلة. وتشير التقديرات إلى أن ٢٪ من السكان فقط يسيطرون على ٩٨٪ من الاقتصاد المصري. كما ارتفع معدل التضخم السنوي بنسبة ٦.٦٪ يناير من العام الجاري، مقارنة بشهر يناير ٢٠١٢.
ويفسّر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن ارتفاع التضخم الشهري ناتج عن الزيادات في أسعار العديد من السلع الأساسية: صيانة المساكن وإصلاحها بنسبة ٦.٦٪، والكهرباء بنسبة ٥.٩٪، والخضروات بنسبة ٥.٢٪، والمنسوجات بنسبة ٤.٩٪، ومنتجات الألبان والبيض بنسبة ٣٪. كما أشار التقرير الى بعض المؤشرات الهامة كمؤشرات مرصد الغذاء المصري والذي أشار الى أن حوالي ٨٦٪ من الأسر الأكثر احتياجًا في مصرغير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية في نهاية عام٢٠١٢، ومؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء التي أظهرت ارتفاع معدّل البطالة بين النساء في القوى العاملة في عام ٢٠١٢ إلى ٢٤٪ مقارنة بـ٩٪ بين الرجال لنفس العام، وغيرها من المؤشرات الحديثة التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك تراجعا حادا في وصول المصريين لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وتدهور أحوالهم المعيشية في السنوات القليلة الماضية.
كما تطرق التقرير لأهم التعديلات التشريعية التي أطاحت بحقوق المواطنين، وأهمها القانون رقم ٤ لعام ٢٠١٢ والمعروف بقانون التصالح مع المستثمرين، والقانون ٣٤/٢٠١١، والذي يجرم الإضراب والاحتجاج في أماكن العمل، بالرغم من أن حق الاضراب هو حق أصيل تضمنه مختلف الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها مصر. كما أشار التقرير لأهم الحقوق التي تأثرت سلبا بتمرير الدستور الجديد في نهاية العام الماضي، كحقوق الطفل والعمال والعمل وحرية التنظيم وغيرها من الحقوق.
وأخيرا، فقد أشار التقرير لارتفاع عدد الاحتجاجات الاجتماعية، واستمرارها المتزايد، خاصة مع تولي الرئيس محمد مرسي لرئاسة الجمهورية. وقد أكد التقرير على أن الاحتجاجات الاجتماعية المتزايدة، والتي تعد الأكثر عالميا، ما هي إلا انعكاس لتدهور الأحوال الاقتصادية والاجتماعية من ناحية، وتجاهل المواطنين في اتخاذ القرارات ورسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى.
ضمت “مجموعة عمل ما قبل جلسة اللجنة” تقرير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لقائمة مراجعها لتحديد أهم المسائل التي تستحق الاهتمام في مراجعة الاستعراض الدوري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والاجتماعية في مصر. وقد أعد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التقرير بالاشتراك مع مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو منظمة دولية تعنى بالدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دول مختلفة حول العالم.
ومن الجدير بالذكر أن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالاشتراك مع العديد من المنظمات الحقوقية والتنموية والتنظيمات العمالية والشبابية، يعدون تقريرا موازيا مشتركا للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك تزامنا مع مراجعة الاستعراض الدوري لمصر في نوفمبر من العام الجاري.