بدأ الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية اصدار تشريعات جديدة تهدف إلي الحد من الاستثمارات عالية المخاطر التي تؤدي في النهاية إلي تكون فقاعات في قطاعات اقتصادية مختلفة تتسبب في كوارث لدي انفجارها.
وتعتبر صناديق التحوط من أكثر المؤسسات الاستثمارية تضررا من هذه القوانين نظرا لتنوع استثماراتها الذي تتميز به وبالتالي طالتها معظم الاصلاحات التشريعية المتعلقة بالاستثمار في السندات أو الاسهم واوراق الرهن العقاري والمشتقات المالية بشكل عام.
وقد كشفت التحقيقات الواسعة في الولايات المتحدة وأوروبا عقب الأزمة المالية التي يعاني منها إلي الآن الاقتصاد العالمي تورط صناديق التحوط بانواعها المختلفة في مضاربات غير شريفة اضرت بالقطاع المالي.
وكانت آخر هذه القضايا المتعلقة برجل الاعمال ستيف كوهين صاحب صندوق تحوط « إس أيه سي » الذي تبلغ استثماراته 14 مليار دولار حيث كشفت التحقيقات عن تلاعبه للاستفادة من انهيار البورصات خصوصا في وول ستريت.
ومؤخرا، تخلي عدد من صناديق التحوط الأمريكية الكبري عن خطط لدخول أوروبا كما وضعت صناديق أخري موجودة بالفعل هناك عملياتها تحت المراجعة جراء صدور قوانين جديدة تزيد من اعبائها.
جاء هذا التراجع ردا علي القانون المنظم لصناديق الاستثمارات البديلة والذي وضعه المشرعون في أوروبا لكبح جماح صناديق التحوط وصناديق الاستثمار في الأوراق المالية والعقارات.
ويمثل هذه الخروج من قبل الصناديق الأمريكية البديلة قلقا بالغا لصناديق المعاشات الأوروبية التي تعتمد عليها تاريخيا في تنويع محافظها المالية فبحسب شركة « بريكوين » للبيانات فإن 10% من صناديق التحوط الأمريكية لديها بالفعل مقرات في أوروبا.
ولم تع الصناديق الأمريكية عواقب هذا القانون الأوروبي الجديد سوي مؤخرا حيث إنها كانت مشغولة بالفعل بالتغييرات التنظيمية في بلدها الأم بما في ذلك قانون « دود فرانك » والقواعد التنظيمية الجديدة لتداول السلع.
ويدخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ في يوليو القادم، وسوف يعوق قدرة صناديق الاستثمارات البديلة غير الأوروبية علي تسويق منتجاتهم إلي المستثمرين مباشرة.
وقال إيان مييد، شريك في شركة « أكين جامب » الأمريكية للمحاماة، في تقرير لجريدة الفاينانشيال تايمز إن الصناديق الأمريكية تصل بسهولة للمستثمرين في آسيا والشرق الأوسط بينما تجد صعوبة في ذلك في أوروبا لذا فهي تنسحب. ويقع تأثير هذا القانون بقدر أكبر علي الصناديق الأمريكية من مثيلاتها الأوروبية التي سيسمح لها بتسويق منتجاتها للمستثمرين الأوروبيين مباشرة وبسهولة.
وأعطي هذا القانون للصناديق الأوروبية فترة سماح انتقالية لمدة عام تستطيع فيها الوصول للمستثمرين مباشرة حتي تمتثل للقواعد الجديدة أما الصناديق غير الأوروبية فلن تتمتع بهذه الميزة قبل 2015 علي أقل تقدير حتي تمتثل لهذه القواعد الجديدة.
ويري تشارلز مولر، شريك في « KPMG » لتدقيق الحسابات، أن صناديق التحوط وشركات الاستثمار في الأوراق المالية متوسطة الحجم والتي تبلغ قاعدة عملائها في أوروبا 15% سوف تكون الأكثر ميلا لمغادرة المنطقة الأوروبية.
وأضاف مولر أن العديد من صناديق التحوط وصناديق الاستثمار في الأوراق المالية سوف تتوقف عن جذب المستثمرين الأوروبيين إذا تمكنت من جمع رؤوس أموال كافية من غيرهم.
وقال دون ستيربروج، مدير في « إيدج كروفت » الأمريكية للاستشارات، إن المتضرر الحقيقي من هذه القواعد الجديدة هو العميل النهائي، حيث لن يجد المستثمرون في الدول الأوروبية الكثير من الخيارات.