صغار المستثمرين ضحية خبراء المضاربة علي سعر الفائدة
فاز المقترضون الأمريكيون الذين أخذوا الرهون العقارية التقليدية لأجل 30 سنة وذات الفائدة الثابتة في كلتا الحالتين، فإذا انخفضت أسعار الفائدة، يصبح بإمكانهم السداد بدفعات شهرية أقل، أما إذا ارتفعت أسعار الفائدة، فقد استفادوا بالفعل من اختيارهم الرهن العقاري بفائدة ثابتة، وبالتالي يتحمل ارتفاع أسعار الفائدة أُناس آخرون.
ففي سوق الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية والبالغة قيمتها 1.3 تريليون دولار، حيث تجمع القروض مع بعضها البعض وتُتداول، تتسبب الفروق البسيطة بين أسعار الفائدة في مكاسب كبيرة أو خسائر فادحة وهو ما يعني «انتفاخ» بالونة أسعار العقارات أو ما يعرف بالفقاعة العقارية التي سبق وانفجرت في 2007 وتسببت في كارثة للاقتصاد العالمي ما زال يعاني من آثارها. ولطالما كان هذا السوق مرتع المتداولين المتمرسين ومديري الأموال، إلا أن هذه المرة سوف يكون صغار المستثمرين هم من في وجه النار نظرا لحنكة خبراء المضاربين في تلافي مخاطر.
ولكن كيف تتكون الفقاعة العقارية الجديدة؟ سؤال يجيب عنه تقرير الفاينانشيال تايمز الذي يشير إلي أنه عندما ترتفع الفائدة، لا يقوم الكثيرون بإعادة تمويل رهونهم العقارية، أي بيعها لمستثمرين آخرين بفائدة أعلي من تلك التي اقترضوا بها، وهذا يجعل الأوراق المالية الحالية والمدعومة بتلك الرهون تأخذ وقتا أطول في الاستحقاق. وعندما تأخذ ورقة مالية مدعومة برهن عقاري وقتا طويلا للاستحقاق تصبح أكثر خطورة لأن قيمتها سوف تقل بحدة إلا إذا هبطت أسعار الفائدة بشكل سريع. وينطوي الاستثمار في هذا السوق علي العديد من المخاطر، فقد تؤدي نسبة الاستدانة العالية فيه واحتمالية ارتفاع أسعار الفائدة لمدة طويلة وبالتالي انخفاض قيمة المحافظ الاستثمارية إلي مطالبات المساهمين بأرباح مما يدفع ببيع الأصول.
كما أن صعود تكاليف الاقتراض قصير المدي قد يمحو معظم الأرباح من الدخل من الأوراق المالية المدعومة برهن، وبالطبع يجعل التقلب في سوق التحوط أكثر تكلفة وأقل فاعلية. ويستتثمر صغار المتداولين في هذا السوق من خلال شركات استثمارية مدرجة بالبورصة تعرف بصناديق الاستثمار العقاري. وقالت كايت وارن، استراتيجية في شركة «إدوارد جونز» الاستثمارية، إن الجمع بين زيادة الاستثمار في الرهون العقارية والحساسية تجاه أسعار الفائدة يؤديان إلي نتائج مخيبة للآمال بدلا من العائدات العالية الموعودة.
وأضافت وارن في تقرير لجريدة الفاينانشيال تايمز أنها تعتقد أن صناديق الاستثمار في الرهون العقارية غير مناسبة لمعظم المستثمرين الأفراد، ولكن العائدات العالية تجذبهم.
وقال سكوت أولم، المدير التنفيذي لصندوق «فيرو بيتش» الذي يستثمر في العقارات السكنية، إن معرفة المستثمرين الأفراد بكيفية سير هذه الأعمال ضئيلة. وتعد شركته صندوقا استثماريا تقليديا وأصغر نسبيا، واقترضت حوالي 9 مرات أكثر من رأس مالها واستخدمت الرفع المالي أي استخدام الأدوات المالية لتضخيم الأرباح في تكوين محفظة استثمارية من الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية قُدرت حديثا بـ 24.3 مليار دولار.
وتتحوط الشركة جزئيا من تحركات أسعار الفائدة، لكن بعد تكاليف التحوط يتم توزيع أي فرق بين فائدة الإقراض قصير المدي والدخل الشهري من محفظتها علي المساهمين.
وجذب العائد الذي وصل إلي حوالي 16% العديد من المشترين لأسهم تلك الشركة سواء من الأفراد أو المؤسسات، ولكن بين نهاية مارس وحتي نهاية مايو انخفضت قيمة المحفظة الاستثمارية بحوالي 6% بسبب ارتفاع أسعار الفائدة بشدة في مايو مع تلميحات المسئولين بالاحتياطي الفيدرالي لاحتمالية وقف المحفزات النقدية.وهذه التلميحات لم تضر فقط بصناديق الاستثمار العقاري وإنما بجميع الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية.
وقدرت شركة «كي بي دابليو» الاستشارية انخفاض قيمة صناديق الاستثمار العقارية التي تستثمر في الأوراق الحكومية المدعومة برهون عقارية بحوالي 6 مليارات دولار في مايو، أي 16%.
ويأمل أولم أن تشرق الشمس علي السوق بعد الغيمة التي شهدها في مايو، كما يتوقع أن تحقق الأموال الجديدة التي ستدخل السوق عائدات أعلي، قائلا إن من طبيعة هذا السوق أنه تدخله اموال جديدة كل شهر.