الإنفاق الكثيف علي الواردات والبنية التحتية يعرقل الخطط التنموية
البنوك ملزمة بإقراض الحكومة 27٪ من أي تمويل للقطاع الخاص
رغم أن الاقتصاد الإثيوبي أحد أسرع الدول نموا في أفريقيا، فإن الحكومة اختارت أن تحكم قبضتها علي نموذج النمو لديها من خلال تجنب المناهج التحررية الغربية الجديدة التي تبنتها الدول الأفريقية الأخري. لذا تضع الدولة قيودا علي القطاع الخاص ادت لاحجام البنوك عن تمويل الشركات.
ورفضت البنوك إعطاء قرض لرجل الأعمال تيكيستي برهان عبده لاستكمال بناء المبني الإداري ذي الاحد عشر طابقا، مما اضطره إلي الحصول علي نقدية من أعمال البرمجيات واللوجستيات الخاصة به.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريم ديسالين إنه يعتمد نموذج التنمية مشابه لكوريا الجنوبية وتايوان.
وبينما يقول البنك الدولي إن متوسط النمو في ثاني أكبر دولة من حيث كثافة السكان في أفريقيا بعد نيجيريا بلغ 10.6% خلال السبع سنوات إلي 2011، وهو معدل ضعف متوسط النمو في القارة، إلا أن الدلالات تشير إلي أن الانتعاش المدفوع بالاستثمارات الحكومية بدأ في التراجع.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد بنسبة 6.5% هذا العام بينما تستهدف الحكومة عند 11.3%.
وتشير دراسات البنك الدولي إلي أن صادرات إثيوبيا ومدخراتها واستثماراتها تنمو بمعدل أبطأ بكثير من دول الشرق الأقصي التي تسعها لمحاكاتها.
وفتحت الحكومة مؤقتا بعض القطاعات امام المستثمرين الأجانب لدعم الصادرات في مواجهة عجز تجاري بقيمة 8 مليارات دولار، ولكن انخفاض مستوي المدخرات بالإضافة إلي الشروط التي تفرضها الحكومة علي البنوك لشراء سنداتها، قللت قدرة البنوك علي الإقراض، كما أن هناك 25 قطاعا – بما في ذلك الاتصالات والصيرفة – مازالت موصدة أمام الأجانب.
وتنتشر الهياكل الاسمنتية غير المستكملة عبر أديس أبابا، بينما تدل الطرق الجديدة الناعمة علي اتساع نطاق الاستثمارات العامة، ومع ذلك فإن الصروح نصف المبنية في المدينة تشهد علي صعوبة انطلاق الاستثمارات الخاصة.
ويجري الآن تنفيذ برنامج مشروعات عامة لأجل 5 سنوات تبلغ قيمته ما يعادل 15% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة هذا العام والبالغ 33 مليار دولار.
وتسعي الحكومة – حسبما ورد في تقرير لجريدة الفاينانشال تايمز – إلي بناء طرق وسكك حديدية وسدود فيما يعد جزءاً من خطة التنمية التي بدأها رئيس الوزراء السابق، ميليس زيناوي في 2010.
ولكن الإنفاق الكثيف علي الواردات والبنية التحتية امتص السيولة مما جعل حصول القطاع الخاص الضعيف علي قروض صعب، وتراجع الاحتياطي الاجنبي ليصبح أقل من قيمة واردات شهرين، وبالتالي اشتكي المستوردون من الانتظار لمدد تصل الي 4 أشهر حتي تقدم البنوك العملة الصعبة لهم.
وتفاقم القيود علي إقراض القطاع الخاص الوضع سوءا، فكل مرة يقرض فيها بنك القطاع الخاص، يتوجب عليه أن يقرض 27% إضافية من قيمة القرض إلي الحكومة من أجل مشروعاتها التنموية مما يستنزف رؤوس أموال البنوك.
وقال جان ميكلسن، مسئول في صندوق النقد، إن نسبة الـ 27% تضع عبئا كبيرا علي البنوك الخاصة في إثيوبيا وتمنعهم من زيادة خدماتهم المصرفية، مضيفاً أن هذه الصفقة تتسبب في خسارتهم للأموال لأن العائدات علي السندات الحكومية يأكلها التضخم.
ويواصل المستثمرون مراقبة الوضع آملين بأن تنفتح الحكومة وتخفف شروط العمل بها، وتحاول سلسلة «وول مارت» التفاوض للدخول في قطاع التجزئة، كما أن البنوك الإقليمية وتلك الاخري العاملة في أفريقيا مستعدة لدخول القطاع المصرفي المغلق، أم بالنسبة لقطاع الاتصالات، فالدولة لا تمثل فرصة عظيمة. ويقول المستثمرون والحكومة علي حد سواء أن الترخيص لشبكة تليفون أجنبية قد يصل إلي 3 مليارات دولار.
وفي نفس الوقت تستفيد المجموعات الاستثمارية من فجوة التمويل، وقال جابرييل شولز، رجل أعمال أمريكي حقق مكاسب تزيد علي 50 مليون دولار في إثيوبيا، إن عدم قدرة النظام المصرفي في توفير رأس المال الكافي يعتبر فرصة كبيرة لنا، مضيفا أنهم يكونون الملاذ الوحيد في أحيان كثيرة.