أسامة شرف الدين : القرارات العشوائية تقف وراء مشكلات القطاع.. وظروف السوق أجبرت 100 شركة « تول » علي الإغلاق
قطر تسعي للاستحواذ علي 30% من المصانع المصرية .. و50 مصنع دواء معروضة للبيع لارتفاع تكاليف الإنتاج
كشف أسامة شرف الدين، رئيس مجلس إدارة بيتا فارما للمكملات الغذائية ومستحضرات التجميل والمتحدث الرسمي لنقابة مصنعي الأدوية لدي الغير « التول »، أن اتحاد شركات الأدوية المصنعة لدي الغير « التول » جدد طلبه لوزارة الصحة، لحثه علي تأجيل قرار إلغاء تسجيل 2000 مستحضر دوائي لم يتم إنتاجها لمدة سنة من تاريخ التسجيل لمدة 6 أشهر أخري لإتاحة الفرصة للشركات لاستيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج وتصنيع المنتج وعدم إلغائه.
وقال شرف الدين في حواره لـ«البورصة» إن وزارة الصحة أصدرت قرار إلغاء هذه المستحضرات الدوائية العام الماضي، وأنه تم تأجيل تنفيذ القرار عاماً كاملاً دون إبلاغ الشركات، وبعد انتهاء المهلة بدأت إجراءات التنفيذ في مارس الماضي، ولكن اعتراض الشركات دفعها لإرجائه مرة أخري لـ26 يونيو الجاري.
وأضاف أن هذا القرار سيتسبب في إلغاء 50% من الدواء الفعلي المتوفر بالسوق، وأنه ينص علي إلغاء تسجيل الأدوية، التي لم تنتج لمدة سنة، وذلك علي الرغم من أن صلاحية الدواء المسجل تمتد لـ3 سنوات كاملة وإنتاجها أمر متروك للشركات طالما المنتج متوفر في السوق، وأن الشركات يمكنها إنتاج الدواء لمرة واحدة خلال الـ3 سنوات، وأن القانون يتيح للشركات الانتظار 4 سنوات بين كل إنتاج وآخر طالما المنتج متوفر بالسوق.
وأشار شرف الدين إلي أن قرار وزارة الصحة إلغاء تسجيل 2000 دواء يستهدف تفريغ السوق من الأدوية لأسباب يشوبها الغموض في ظل نقص الدواء ، وأن تنفيذ القرار سيمثل كارثة علي صناعة الدواء، خاصة في ظل عدم قدرة الشركات علي الإنتاج الفوري، نتيجة تأخر وصول المواد الخام من الخارج لمدة تصل لـ6 أشهر.
ولفت إلي أن القطاع الدوائي بصفة عامة وخاصة شركات التصنيع لدي الغير “تول”، التي تمثل النصيب الأكبر من حجم شركات الدواء في مصر تعاني من صدور قرارات وزارية غير مدروسة ومتسرعة ليست علي المستوي المطلوب ما يخلق صداماً بين ممثلي القطاع حال عدم تنفيذها وعدم إلغائها.
وأوضح شرف الدين أن قرار التسعير الجبري للأدوية رقم 499 يعد نموذجاً للقرارات العشوائية التي تصدرها وزارة الصحة دون دراسة مسبقة، حيث يستهدف القرار وضع نظام صارم للتسعير وزيادة هامش ربح الصيدلاني، وذلك علي حساب شركات الأدوية، وهذا ما أحدث صراعاً شرساً بين الشركات من جهة والصيادلة من جهة أخري، بل دفع هذا القرار الشركات في النهاية إلي عدم تنفيذه وشروع وزارة الصحة في تعديله أو إصدار قرار بديل.
وأشار إلي أن قرار لجنة المتغيرات الصادر من إدارة الصيادلة منذ عام، الذي بموجبه تم تحديد 3 موردين أجانب لكل مادة خام بمثابة كارثة علي الصناعة الدوائية، نظرا لأنه لا يوجد في معايير الجودة العالمية تحديد لموردين بعينهم لاستيراد المواد الخام منهم، وكذا قرار لجنة المتغيرات يضع الشركات تحت ضغط الموردين، لكونه يسمح للمورد بزيادة أسعار المواد الخام علي الشركات في أي وقت، وأنه يقف وراء نقص 30% من الدواء المتداول في الأسواق.
وقال المتحدث الرسمي لنقابة مصنعي الأدوية لدي الغير “التول” إن شركات الدواء اجتمعت مع الدكتورة فاتن عبدالعزيز، مساعد وزير الصحة لشئون الصيادلة، والدكتور محسن عبدالعليم، رئيس إدارة الصيدلة بالوزارة، لمناقشة قرار تحديد الموردين ومشاكله، لكن الشركات فوجئت أواخر أبريل الماضي بصدور قرار جديد يقضي بأنه في حالة الرغبة في زيادة عدد الموردين يتم عمل بعض الإجراءات واوراق تستهلك وقتاً يتجاوز 3 سنوات، ما سيعطل إنتاج الدواء.
وأضاف أن وزارة الصحة اصدرت أيضاً قراراً اثالثاً للجنة المتغيرات بشأن تحديد الموردين، ولكنه لم يتم الافصاح عنه حتي الآن، إلا أن معلوماته تؤكد أن القرار يحوي معوقات جديدة لاستيراد المواد الخام، مطالبا بضرورة وضع نظام واضح ومكتوب لتسجيل الدواء ، وذلك للقضاء علي الظواهر، التي استحدثت نتيجة الثغرات في نظام التسجيل مثل تجارة ملفات الأدوية المسجلة بين الشركات بأسعار مرتفعة.
وأوضح شرف الدين أن وجود قانون يحكم العلاقة بين الشركات والمصانع الدوائية مهم لتجنب الأخطاء الناجمة عن قيام بعض الشركات بتسجيل منتجات وبيعها لأخري أو بناء مصانع وبيعها، مشيراً إلي عدم وجود قانون يمنع بيع الملفات.
ولفت إلي أن تسجيل الدواء يتطلب مبدئيا 50 ألف جنيه لإدارة الصيادلة فقط، ولكن هناك خطوات إضافية، مثل خطوة التكافؤ الحيوي التي تتراوح تكلفتها بين 100 و300 ألف جنيه لكل مادة خام، بالإضافة إلي دراسة الثبات التي تزيد تكلفتها علي 15 ألف جنيه.
وكشف أن تكلفة تسجيل دواء واحد فقط تصل إلي 250 ألف جنيه، فيما يتراوح مقابل بيعه بين 300 و500 ألف جنيه فقط، وما زاد علي ذلك يكون في الغالب هو الاستثناء، وأن 15 دواءً فقط زاد سعر بيعها علي المليون جنيه، وأن تجارة الملفات أصبحت غير مربحة في الوقت الحالي في ظل ارتفاع أسعار التسجيل وسهولته مقارنة بالفترات السابقة.
وقال شرف الدين إن هناك 100 شركة دواء أغلقت خلال 3 سنوات منذ عام 2010 بسبب الظروف المضطربة التي تعانيها الأسواق علاوة علي زيادة عدد الملفات المنتظرة للتسجيل، وزيادة القيود القانونية التي تحد من نشاط شركات التول، وأن بعض القرارات صدر ضد شركات التول ولاقي تأييداً من باقي شركات التصنيع لدي الغير، خاصة أن هذه الشركات كانت قائمة للاتجار في ملفات الدواء وتسيء لسمعة الآخرين.
وأضاف أن هناك 10 شركات فقط تصنع لدي الغير مازالت تتاجر في الملفات حتي الآن وليس لها إنتاج فعلي في السوق مقارنة بنحو 100 شركة كانت قائمة علي هذه التجارة قبل سنوات، وأن رفع أسعار التسجيل حد من هذه الظاهرة بدرجة كبيرة.
من جهة أخري، أكد شرف الدين أن 50 مصنع دواء معروضة للبيع بسبب عدم الاستماع لشكواها وتخبط القرارات الوزارية، بالإضافة إلي ارتفاع تكاليف الإنتاج والمواد الخام والأحداث السياسية والاقتصادية غير المستقرة.
وكشف أن قطر تسعي للاستحواز علي سوق الدواء المصري من خلال عروضها الكثيرة لشراء مصانع مصرية كبيرة وعاملة في السوق وليست تحت الإنشاء، مستشهدا بالعرض القطري لشراء شركة أبيكو للصناعات الدوائية، الذي لاقي رفضاً من الشركة رغم قيمته الكبيرة.
وتوقع شرف الدين استحواذ قطر علي 305 من المصانع الدوائية المصرية خلال الفترة المقبلة حال استمرار الوضع كما هو عليه وانتهاج نفس السياسة المتبعة من وزارة الصحة، مشيراً إلي استعداد عدد من المستثمرين المصريين للسفر إلي الخليج بعد تصفية أعمالهم في مصر في ظل استمرار هذه الأوضاع.
وأكد أنه من المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة اتجاه نحو 40 شركة للخليج العربي، وأن هناك نحو 500 صنف دوائي ومكمل غذائي ناقصة من السوق المصري، وذلك في أعقاب ارتفاع أسعار الدولار وعدم توفره، ومن ثم زيادة تكاليف الإنتاج، علاوة علي عدم استجابة الحكومة لمطالب الشركات بتخفيض الضرائب والجمارك وأسعار الطاقة ودعم المستثمرين.
وطالب شرف الدين بضرورة إقرار الحكومة لقرار يحقق إعفاء قدره 50% من قيمة الجمارك والضرائب وأسعار الطاقة المقررة لشركات ومصانع الأدوية، لحفزها علي الاستمرار في الإنتاج والتسويق، لما يترتب علي هذه الإعفاءات من تخفيف للأعباء الثقيلة التي تعرقل نمو القطاع.
ونوه بأن الصيدليات لا توفر كل الأدوية التي يحتاجها المريض المصري، وأنه من الضروري تقليص عدد الصيدليات بحيث تصل إلي النسبة العالمية بواقع صيدلية لكل 8000 شخص وليس 12000، خاصة أن مثل هذا الإجراء سيرفع هامش ربح الصيدلي، ويترتب عليه توفير الدواء بصورة طبيعية للمريض المصري.
وشدد شرف الدين علي ضرورة تحريك أسعار الدواء وفقا لآلية تتضمن رفع سعر المستحضرات أقل من 5 جنيهات بنحو 20% وأكثر من 10 جنيهات بنحو 10%، وزيادة أسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيه بنحو 5%.
وقال شرف الدين إن شركات الدواء الكبيرة ومصانع الأدوية تحت الإنشاء مسئولة عن وجود الأدوية المغشوشة بشكل ملحوظ في الأسواق، وأن مخازن الدواء وبعض شركات التول تلعب دورا ملموسا في هذا السياق أيضاً، وأنه يجب بيع خطوط الإنتاج القديمة تحت إشراف وزارة الصحة.
وأضاف أنه يوجد في السوق المصري نحو 70 مصنع دواء تمتلك سجلا صناعيا، فيما يعمل باقي المصانع تحت إشراف وزارة الصحة، وأن سعي شركات التصنيع لدي الغير لإنشاء شعبة خاصة بالغرفة التجارية يستهدف الحصول علي دعم وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، متسائلاً: كيف يكون المستثمر في هذا القطاع، الذي تصل استثماراته إلي عشرات الملايين من الجنيهات لا ينتمي إلي غرفة صناعية أو تجارية تحل مشاكله؟.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة “بيتا فارما” إن المكملات الغذائية تعامل في وزارة الصحة كالأدوية تماماً، وما يطبق من قرارات وقوانين علي الدواء يسري مباشرة علي المكمل الغذائي، ما جعل مشاكلهم واحدة، وأن المكملات الغذائية تدفع 10% ضريبة مبيعات، وتحدد بـ3 موردين كالدواء وتعاني مثله.
وأضاف أنه يفكر جديا في إنشاء مصنع في السعودية بالتعاون مع شركة هناك باستثمارات مبدئية تقدر بنحو 30 مليون ريال، وذلك لإنتاج مكملات غذائية وأدوية ومستحضرات تجميل، وأن إنتاجه سيتوجه للدول العربية والأفريقية، وأن نصيب الجانب المصري منه سيكون 40%.
وكشف شرف الدين أن ” بيتا فارما ” للمكملات الغذائية والأدوية تستهدف تحقيق مبيعات خلال العام الجاري قدرها 15 مليون جنيه مقارنة بنحو 6 ملايين في 2012، وأنها تخطط للبدء في تصدير منتجاتها إلي الأسواق السعودية مع بداية 2014، وذلك لجودة واستقرار المناخ الاستثماري في المملكة العربية السعودية، وأن الشركة تستهدف 500 ألف دولار اجمالي صادرات خلال العام الأول.
وأكد أن الشركة تسعي لتسجيل 12 منتجاً جديداً خلال الفترة المقبلة، وأن أغلب هذه المنتجات عبارة عن مكملات غذائية ومستحضرات تجميل.