المصانع تجاهلت معايير السلامة خارج أوروبا وأمريكا لتوفير النفقات
1100 عامل قتلوا في حريق مصنع رانابلازا للملابس في بنجلاديش
في ظل احتدام المنافسة العالمية لجأت معظم الشركات الكبري إلي إنشاء مصانع في الدول الفقيرة من أجل الاستفادة من العمالة الرخيصة والقيود غير الصارمة علي الأنشطة التجارية.
وتواجه هذه الشركات قيودا مشددة من حيث اجراءات السلامة وحقوق العمالة في الغرب والولايات المتحدة وتلتزم بتطبيقها علي اكمل وجه.. لكن فروعها في الدول النامية لم تلتزم بذلك توفيرا للنفقات مستفيدة من الفساد وضعف الرقابة فكان الثمن في كثير من الاحيان أرواح مئات بل آلاف العمال الفقراء الذين كانوا ضحايا لجشع الشركات العالمية.
وأظهر تقرير نشرته منظمة تبادل البيانات الأخلاقية للموردين «سيدكس» أن الحرائق هي اكبر المخاطر التي تواجهها المصانع في بنجلاديش، حيث فقد 1100 عامل أرواحهم في انهيار مبني في أبريل الماضي، كما تعاني الصين وباكستان والهند من نفس المشكلات.
وتقول منظمة «سيدكس» التي تهتم بالممارسات التجارية المسئولة والأخلاقية ضمن سلاسل التوريد العالمية إن 22% من الشركات لا تلتزم بشكل كامل بقواعد السلامة من الحريق في بنجلاديش، بينما تعاني الصين قصورا بنسبة 18%، وباكستان بنسبة 17% و15% في الهند وسيريلانكا.
وقال مارك روبيرتسن، متحدث باسم «سيدكس»، إن مخاطر الحريق تأتي في قمة المخاوف، وإذا كانت مباني المصانع ضعيفة من أي ناحية فهذا يعرض أعمال الموردين والشركات والمستثمرين لمخاطر كبيرة.
وقامت شركات التدقيق بهذا البحث في أعقاب الكارثة التي اودت بحياة الكثيرين إثر انهيار «رنا بلازا» في عاصمة بنجلادش والذي يضم الكثير من مصانع الملابس. ويهدف هذا البحث إلي لفت انتباه العالم إلي تجارة الملابس والمخاطر المتضمنة استقدام تجار التجزئة للعمالة الخارجية الرخيصة.
وأشار روبرتسن إلي أن التركيز علي تحسين معايير السلامة البيئية والاجتماعية والإدارة الرشيدة أصبح حيويا، كما أن العديد من مراكز سلسلة التوريد حول العالم تحتاج إلي التدقيق والمراقبة.
وقالت «سيدكس» إن أكبر المخاطر التي تواجهها مصانع الملابس في تركيا وسريلانكا تتعلق بالعمالة والصحة، كما أظهر البحث أن حوالي 23% من المصانع في سريلانكا لا تتماشي مع معايير السلامة بينما تنخفض النسبة في تركيا إلي 17%.
وتتمثل مشكلات العمالة في العمل لساعات تتجاوز الحد الأقصي القانوني بالإضافة إلي وقت العمل الإضافي غير المناسب للعاملات الحوامل.
واستجابت الشركات لكارثة بنجلاديش، حيث وقعت 40 شركة تجزئة معظمها أوروبية علي اتفاق ملزم يعرف بـ «ميثاق الحرائق وسلامة المباني» يهدف إلي إنهاء سلسلة الكوارث في الدولة، ومن بين تلك الشركات، «انيديتكس» الإسبانية التي تملك ماركة «زارا» و«تيسكو» سلسلة السوبر ماركت البريطانية.
ووضع ميثاق سلامة المصانع كلاً من جماعات حقوق الإنسان والعمالة مثل منتدي حقوق العمالة الدولي واتحاد «إندستريال» الذي يمثل العاملين في قطاعات التعدين والطاقة والتصنيع.
ومنذ مأساة بنجلاديش، أصبح المستثمرون أكثر وعيا بأمور السلامة، حيث قام أكثر من 200 مستثمر من 16 دولة في أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا وتبلغ قيمة أصولهم 2 تريليون دولار بدعم خطة سلامة المصانع.
وصرحت سوزان ماكديرموت، ممثلة من مركز «إنترفيث» لمسئولية الشركات، لجريدة «الفاينانشيال تايمز» بأن المركز يضغط علي العلامات التجارية وتجار التجزئة بالتعاون مع الجمعيات التجارية في أمريكا الشمالية للانضمام للميثاق باعتباره أفضل الطرق نحو إصلاح ذي معني للقطاع.
ويحرص المركز علي الحصول علي مزيد من توقيعات شركات التجزئة الأمريكية علي الميثاق مثل شركتي «وول مارت» و«جاب»، وواجهت الأولي انتقادات أوائل هذا الشهر بسبب سلامة صنعها في بنجلاديش، بالإضافة إلي رفضها توقيع الميثاق الملزم.
وقالت لورين كومبير، مساهمة في «بوسطن كومون» لإدارة الأصول واحد الموقعين علي الميثاق إنه يجب الحث علي مزيد من المحاسبة فيما يتعلق بسلسلة التوريد بدءا من تاجر التجزئة إلي المشترين ووكلائهم وحتي إلي أرض المصنع.
وأضافت كومبير أن الموقعين يتطلعون الآن إلي أبعد من بنجلاديش ويركزون أكثر علي الاصلاحات في الفلبين والصين وجنوب شرق آسيا. ورغم أهمية هذه الجهود الإ أن هناك مزيد من الحاجة إلي الشفافية فيما يتعلق بالموردين، حيث يعتبر قطاعا التجزئة والجملة من أكثر القطاعات غموضا فيما يتعلق بالمعلومات بشأن مورديهم.
ويلعب المستثمرون دورا جوهريا في تشجيع الشركات علي التأكد من أنهم يواجهون مخاطر السلامة في سلسلة التوريد.