الثقة في البيئة الاقتصادية والتنظيمية مفتاح تحسن نشاط الاندماج والاستحواذ
مر عقد سيطرت فيه البنوك الأوروبية علي الحصة السوقية الأكبر من الاستشارات المالية والأسواق الرأسمالية العالمية، والآن عادت البنوك الأمريكية بروح انتقامية لتؤكد علي تفوقها العالمي.
وقالت وكالة « طومسون رويترز » أن حصة البنوك الأمريكية من رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية ارتفعت 3 نقاط مئوية لتصل إلي 46% في أول ستة أشهر من هذا العام مقارنة بجميع العام الماضي، وكانت المرة الأخيرة التي استحوذت فيها البنوك الأمريكية علي تلك الحصة منذ 12 عاماً.
ومرة أخري سيطرت خمس بنوك كبري أمريكية علي السوق العالمي لاستشارات الصفقات وزيادة الممتلكات من الأسهم والسندات وتلك البنوك هي: « جي بي مورجان »، و« بنك أوف أمريكا ميريل لينش »، و« جولدمان ساكس »، و« مورجان ستانلي »، و« سيتي جروب ».
ويرجع ذلك بشكل كبير إلي السوق المحلي الذي يتمتع باقتصاد قوي وأسواق مالية منتعشة أكثر من أوروبا، وقال كريستيان ميسنر، رئيس صيرفة الشركات والاستثمار العالمية في «بنك أوف أمريكا ميريل لينش«، إن هذه لحظة أمريكية جديدة.
وأضاف أن حجم ونطاق نشاط الصفقات في الولايات المتحدة أكبر نسبيا مما كان عليه علي الإطلاق وفي نفس الوقت معظم السيولة في السوق تأتي من أمريكا.
وفي أوروبا وصلت قيمة الرسوم المدفوعة من قبل العملاء مثل الشركات الصناعية والمؤسسات الاستتثمارية لمساعدتهم علي الاستحواذ علي منافسيهم وزيادة ممتلكاتهم من الأسهم والسندات إلي 8 مليارات دولار في النصف الأول من هذا العام، أي ارتفعت بنسبة 6%، لكن علي الجهة الأخري من المحيط الأطلنطي وصلت هذه القيمة إلي 17.9 مليار دولار.
وانشغلت البنوك الأوروبية سواء « يو بي إس » أو« باركليز » أو « دويتشيه بنك » في الفترة الماضية بالتغييرات التنظيمية وإعادة هيكلة الاعمال والضغوط السياسية لتخفيض عمليات الصيرفة الاستثمارية.
وقال مصرفيون – حسبما ورد في تقرير لجريدة الفاينانشال تايمز – إنه بالإضافة إلي تلك الأسباب فإن بعض البنوك تركت مجال الخدمات الاستشارية وركزت أكثر علي قطاعات أقل ومناطق جغرافية بعينها، وفي نفس الوقت حافظت بعض البنوك الأمريكية علي حجم أعمالهم في لندن ومناطق أخري من أوروبا.
وبينما تكافح معظم البنوك الأوروبية أكثر من أي وقت مضي للتنافس في وول ستريت، تفوق منافسوهم الأمريكيون عليهم في أرضهم الأم، حيث رفعت المصارف الأمريكية من حصتها السوقية في أوروبا بنسبة 4% إلي 30% منذ عام وحتي الآن.
أما في آسيا تبدو الصورة أكثر اختلاطا، فثلاثة من أصل أكبر خمسة بنوك في المنطقة أوروبية وهي « يو بي إس » و« دويتشيه » و« إش إس بي سي » بعدما انسحبت مجموعة من البنوك الغربية من المنطقة.
وعادة تأتي أكبر عمليات الاندماج والاستحواذ من داخل السوق الأمريكي مما يصب في مصلحة اللاعبين الأمريكيين، وشكلت هذه العمليات التي تتراوح ما بين 2 مليار و10 مليارات دولار حوالي ثلث الصفقات العالمية في الربع الثاني وهي أعلي حصة ربعية منذ 2011.
ويعطي زيادة عمليات الاندماج والاستحواذ المحلية أملا لمقدمي الخدمات الاستشارية، وقال شارلي جايكوبز، شريك الاندماج والاستحواذ في شركة «لينك لاتر«، إن حجم الصفقات الخارجية أصبح أقل مما يدل علي أن العالم مازال متحفظاً، ومع ذلك تمت صفقات محلية كبيرة مما ساعد السوق عل الانتعاش سريعا.
وقال المصرفيون أن نشاط الاندماج والاستحواذ ضَعُف بشكل عام، وقال ويليم شولز، مدير الصفقات في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط في « سيتي »: إن الصفقات الحالية ليست ذات طبيعة توسعية وإنما دفاعية، كما قال جوانيس جرولر، مدير الاندماج الاستحواذ في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط في « مورجان ستانلي »: إن الصفقات تنشط في قطاعات الصحة والشركات الصناعية والاتصالات، مؤكدا ان المساهمين أصبحوا أكثر تقبلا للقيام بصفقات.
وتعد الثقة مفتاح انتعاش نشاط الصفقات، حيث يقول بل باركر، مدير الانجماج والاستحواذ في «باركليز» إن السوق سوف يشهد المزيد من الصفقات ذات المعني ولكن تحتاج الشركات أولا لرؤية استقرار البيئة الاقتصادية والتنظيمية.