انتشار الثقافة بين الشباب واستخدام الإنترنت رفع مستوي توقعاتهم من حكوماتهم
تطرح سحابات الغاز المسيل للدموع في تركيا وصوت الهراوات في البرازيل و الإطاحة بالرئيس مرسي الأربعاء الماضي في مصر بالإضافة إلي الاحتجاجات التي طالت بلغاريا التساؤلات حول التأثيرات السلبية لهذه الموجة الجديدة بشأن عدم الرضا السياسي في الدول النامية علي الاقتصاد المتباطئ بالفعل؟
وبالرغم من تأثر جميع المستثمرين بالفزع المالي الذي لحق تحذير الاحتياطي الفيدرالي بأنه يستعد لإنهاء برنامج التيسير الكمي، كانت تركيا والبرازيل من بين الأكثر تضررا، كما ارتفعت عائدات السندات المصرية لأعلي مستوي علي الإطلاق.
وقال هنري ستيب، خبير بشئون ديون الأسواق الناشئة في «ثريد نيدل» لإدارة الأصول، إن معنويات المستثمرين بالفعل منخفضة ولا يحتمل الوضع وجود احتجاجات أيضا.
وتعد رؤية المحتجين في شوارع تركيا والبرازيل بشكل خاص مشهد منفر للمستثمرين نظرا لأن تلك الدولتين ديمقراطيتين، كما كانتا حتي مؤخرا أكثر الاقتصادات الناشئة جذبا للانظار.
وبالرغم من أن الاحتجاجات في الدولتين تعود إلي أسباب أيديولوجية مختلفة، فإن هناك بعض العوامل المشتركة بين البرازيل وتركيا والتي قد تشعل فتيل احتجاجات مشابهة في دول اخري، تشمل انتشار الثقافة بين الشباب واستخدام الإنترنت رفع مستوي توقعاتهم من حكوماتهم.
وتميزت الاحتجاجات بنكهة غير معتادة للطبقة المتوسطة، ففي تركيا تشارك المحللين الاستثماريين مع المهندسين المعماريين والأكاديميين في الاحتجاجات لحماية حديقة « جيزي » باسطنبول.
وساعد النمو الاقتصادي القوي وزيادة الثروات علي إخراس العامة علي مدار العقد الماضي، ولكن عانت البرازيل وتركيا من هبوط النمو بشكل كبير مؤخرا، وبالفعل تراجع النمو عبر الأسواق الناشئة لمستويات جعلت خلق الوظائف لامتصاص القوة العاملة الجديدة صعبا.
ومع ذلك حذر الاقتصاديون والمستثمرون من المبالغة في استقراء نتائج اندلاع الاحتجاجات السياسية.
وقال تشارلز روبرتسون، منش ركة «رينيسانس كابيتال»، إنه لا يري فرق بين ما يشهده الآن في تركيا والبرازيل وما حدث في فرنسا في 1968 وأحداث الشغب التي اندلعت في بريطانيا في 1990 بسبب الضرائب.
ويؤكد بعض المحللين أن هبوط قيمة عملات البرازيل وتركيا وأسهمهما وسنداتهما يرجع بشكل خاص إلي الضغوط التضخمية وارتفاع العجز في الحساب الجاري، بينما أضافت الاحتجاجات مقداراً ضئيلاً من المخاوف بجانب مشكلات الاقتصاد الكلي.
وبالرغم من توجيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان النقد مرارا وتكرار لجماعة « الربا »، فإن هروب رؤوس الأموال لعب دورا صغيرا نسبيا في سياق المشكلات الاقتصادية والمالية التي تواجه الدولة، ويقدر بنك « ستاندرد » صافي مبيعات الأجانب من استثماراتهم في تركيا بمقدار 3 مليارات دولار خلال شهر بينما انخفضت قيمة ممتلكات الأجانب بحوالي 30 مليار دولار إلي ما يزيد قليلا عن 120 مليار دولار، وهذا يعود بدرجة كبيرة إلي تراجع الليرة.
بينما انسحب الكثير من المستثمرين من البرازيل بسبب سوء الإدارة الاقتصادية، ويري البعض هذه الاحتجاجات بطريقة ايجابية مع ظهور ديمقراطيات جديدة تزايدت فيها مطالب الشعوب من مجرد استقرار ونمو اقتصادي بسيط إلي إدارة أفضل وتعددية وخدمات عامة أفضل وكل ما يعد دعامة لنمو اقتصادي طويل المدي.