الجمعية تدشن مبادرة لـ «استعادة الثقة فى الاقتصاد» باحترام تعاقدات الدولة وحماية صناع القرار من الملاحقة القضائية
«الصناعة» لم تفصل فى 500 طلب لإقامة مشروعات جديدة خشية المساءلة
الوايلر ترجئ التحول إلى قابضة والطرح فى البورصة لحين استقرار الأوضاع
400 مليون جنيه إجمالى استثمارات المجموعة وضخ 25 مليون جنيه فى توسعات جديدة
ضرورة إعداد إطار تشريعى لتوفير الحصانة الإدارية للمسئولين وصناع القرار
الدستور يجب أن يتضمن نصاً يحمى الموظف العام من المساءلة الجنائية إلا فى حالات التربح
تدشن جمعية شباب الأعمال، مبادرة جديدة لـ «استعادة الثقة فى الاقتصاد »، تقوم على ضرورة تأكيد احترام الدولة لتعاقداتها مع المستثمرين، وتحصين المسئولين فى الدولة وصناع القرار، إداريا، لحمايتهم وتشجيعهم على اتخاذ القرارات، وإنهاء حالة الجمود التى شهدتها الجهات الحكومية فيما يتعلق بالموافقات على المشروعات المختلفة.
قال المهندس حسام فريد حسنين، رئيس الجمعية، إن تعديل المادة 115 من قانون العقوبات و116 المكملة لها، سيكون كلمة السر فى تحريك حالة الجمود التى شهدتها البلاد خلال الثلاثة أعوام السابقة، بسبب خوف المسئولين الحكوميين والوزراء من اتخاذ القرارات، خشية التعرض للمساءلة القانونية والمحاكمة على غرار ما جرى مع مسئولين فى حكومات ما قبل الثورة.
وأكد حسنين، فى حوار مع «البورصة»، أن هذه المادة وراء كل ما قيل عن «الأيدى المرتعشة» للحكومة، وخشية المسئولين من اتخاذ القرارات الحاسمة لحل المشكلات الاقتصادية التى تعانيها البلاد.
وأضاف أن هذه المادة تهدد كل مسئول أو موظف عام يفكر أو يتجرأ على اتخاذ قرارا، وتساهم فى شل حركة الحياة داخل أروقة الحكومة.
وأوضح أن المادة التى تنص على أن «كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره بدون حق على ربح أو منفعة من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد»، تضع المسئول تحت مقصلة القانون فى أى وقت لما تتضمنه من «عشوائية فى التهمة»، مشيراً إلى أن أى مسئول لابد أن يشعر بالاطمئنان عند اتخاذ القرار، وأنه لن يتعرض للمحاكمة إذا ما إرتأى أى شخص أو نظام أو حكومة جديدة أن ما قرره لم يكن صواباً من وجهة نظرهم.
وأبدى تعجبه من نص المادة، التى لا يوجد لها شبيه فى قوانين العالم، لتجريمها تربيح الموظف للمستثمر، فى الوقت الذى تقضى طبيعة عمله أن يساهم فى تحقيق مكسب للمستثمر، سواء فى تخصيص أراض أو إصدار موافقات على مشروعات استثمارية تحقق أرباحا.
وأوضح أنه لا يتحدث عن الموظف أو المسئول الفاسد الذى يجب محاكمته، ولكن عن حماية الموظف عند اتخاذ القرارات الإدارية وفقا للقواعد واللوائح والقوانين المعتمدة.
وقال إن هذه المادة كانت وراء تنصل الجهات الحكومية والوزارات عن مسئولياتها فى قرارات تتعلق بصميم عملها وإسناد مهمة اتخاذ القرار إلى جهات أخرى خشية من تحمل المسئولية، وهو ما أدى إلى تعطيل أعمال الحكومة.
وأكد أن وزارة الصناعة على سبيل المثال لديها أكثر من 500 طلب لإقامة مشروعات جديدة، غير أنها لم تفصل فيها بالموافقة أو الرفض خشية المساءلة.
وأشارت ورقة العمل التى أعدتها الجمعية، بعد دراساتها فى اللجنة القانونية، تحت عنوان «مبادرة استعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى»، والتى سترفعها إلى رئيس الوزراء والجهات الحكومية المختصة خلال الفترة المقبلة، إلى أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بمهمة إنقاذ الاقتصاد وتدوير عجلة الإنتاج، بعضها يرتبط بالواقع الحالى والأخرى بالمستقبل وتحدياته.
وأكدت أن أبرز هذه التحديات التى تحتاج إلى حلول فورية، ضرورة إيجاد الإطار التشريعى لتوفير الحصانة الإدارية للمسئولين وصناع القرار، مشيرة إلى أن تجربة العدالة الانتقالية خلال الثلاث سنوات الماضية، تحتم على الحكومة، وضع أسس راسخة، لدور المسئول وصانع القرار، والحصانة الإدارية، التى يجب أن يضمنها النظام التشريعى الإداري، لكى يستطيع أن يتخذ قراره، دون أن تطارده أشباح المسئولين السابقين، الذين حكم عليهم فى العديد من القضايا المرتبطة بقراراتهم الإدارية، ومواقعهم الوظيفية، التى جعلت منهم «رمزاً للفساد»، حسب نص ورقة العمل الذى حصلت عليها «البورصة».
وذكرت الورقة أن التجربة أثبتت أن مسئولين شرفاء وجدوا أنفسهم فور إنتهاء تكليفهم، أمام قانون عقوبات، فى اتهامات بالتحيز للغير رغم عدم تحقيقهم ربحاً أو منفعة شخصية، مشيرة إلى أن القانون لم ينص على اتهام المسئول بالاستفادة أو الرشوة أو التربح لكى يصبح مجرماً فى حق المال العام.
قالت إن مثل هذا الاتهام – تحقيق منفعة للغير دون الاستفادة الشخصية – اتهام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان المسئول مختل عقلياً أو يحاول الانتقام من المؤسسة التى يديرها، كما جاء فى مواد القانون مادة 115 و116، التى أكدت الدراسة أنه لا يوجد لها مثيل فى العالم، إلا فى بلاد مثل يوغسلافيا سابقا.
وأشارت إلى أن التساؤل الذى سيظل يطرح نفسه على أى مسئول قد يقع عليه الاختيار لحمل أى حقيبة فى الحكومة هو ما هى الضمانات حتى لا يلحق بالمسئولين السابقين؟.
واقترحت الورقة تعديل المادة 115 لتصبح على غرارها فى القانون الفرنسى، بحيث يصبح كل موظف عام يأخذ أو يحتفظ بطريق مباشر أو غير مباشر بمنفعة من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد.
وإضافة فقرة «بشرط اثبات الدافع» فى مادة 116 مكررا «أ» التى تنص على أن «كل موظف عام تسبب بخطئه فى إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التى يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة بأن كان ذلك ناشئا عن اهمال فى أداء وظيفته أو عن اخلال بواجباتها، أو عن اساءة استعمال السلطة، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، بمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات، وغرامة لا تتجاوز ألف جنيه اذا ترتب على الجريمة اضرار بالمركز الاقتصادى للبلاد أو بمصلحة قومية.
وطالبت بأن يتضمن الدستور نصا يحمى الموظف العام من المساءلة الجنائية، إلا فى حالات التربح أو تعمد الإضرار العمدى.
وأوضحت ورقة العمل، أن الغرض من هذه التعديلات «التحقق من مبدأ المنفعة أو الاستفادة الشخصية أو التربح وارتباطه بالقضايا المتعلقة بتربيح الغير أو الإضرار بالمال العام».
وعلق رئيس الجمعية على التعديلات المقترحة قائلا، إنها تساهم فى طمئنة المسئول وتمكينه من أداء عمله طالما التزم بالقواعد العامة ولم يكن فاسدا.
وقال إن الجزء الثانى فى المبادرة هو ضرورة تأكيد الدولة على احترام تعاقداتها مع المستثمرين، مشيراً إلى أن ورقة العمل التى أعدتها الجمعية تضمنت إقتراحا بنص يمكن إضافته فى الدستور «مصر دولة تحترم معاهداتها وتعاقداتها».
وأكد حسنين أن احترام تعاقدات الدولة يجب أن يكون هو الأساس حتى إذا كانت الدولة هى المخطئة، مشيراً إلى أن إلغاء عقود الاستثمار مع الدولة أو بيع شركاتها للمستثمرين يعد «كارثة» لأنه يؤثر على مصداقية الدولة فى تعقداتها مع المستثمرين.
وأضاف أن هذه التعاقدات مسئولية أشخاص محددين فى الدولة، وإذا ثبت عدم التزامهم بالقواعد والقوانين يجب معاقبتهم، وليس معاقبة المستثمر.
وأضاف أنه إذا أخطأت الدولة فى تقدير قيمة شركة أو أرض عليها أن تتحمل نتيجة خطأها ولا تطالب المستثمر بالتعويض بعد سنوات أو بإلغاء التعاقد، طالما إبرم بصورة قانونية ولم يثبت فيه وقائع فساد أو رشوة.
وتساءل هل من المعقول أن تصدر أحكام بعودة عمر أفندى على سبيل المثال للدولة ثم إلى المستثمر أكثر من مرة بالطريقة التى جرت ؟، مؤكدا أن مثل هذه الأمور تهز ثقة رجال الأعمال فى الدولة وتمنعهم عن الاستثمار فى مصر.
و أكد أن العديد من المستثمرين فى مصر والخليج والعالم يرغبون فى الاستثمار فى مصر، وأنهم يرون فرصا كبيرة وموارد هائلة يمكن الإستفادة منها، غير أنهم ينتظرون مبادرات من الحكومة لإثبات جديتها واحترامها لتعاقداتها.
وأشار إلى أن مصر مليئة بالفرص الاستثمارية فى البنية التحتية والطاقة الجديدة والمتجددة والتعدين وغيرها من المجالات الخصبة، لافتاً إلى أن الشركات الأجنبية تعلم أن %50 من مصر لا يوجد بها صرف وتحتاج إلى مرافق، بينما تعانى هذه الشركات من ندرة الفرص فى بلادها، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية التى تعانيها حاليا.
شدد حسنين على أن تعديلات قانون العقوبات المقترحة فى مبادرة الجمعية هى مفتاح إنقاذ البلاد، فى جميع القطاعات سواء لحل مشكلات الطاقة أو توفيرالأراضى المرفقة للمستثمرين وغيرها.
وأكد أنه رغم اعترافه بالاضطرابات التى تشهدها مصر، فإنه يراها فترة انتقالية وستعبرها قريبا، وأنه يشجع المستثمرين على العمل والتوسع، ومن يتراجع فى الوقت الحالى سيخسر كثيرا، مشيراً إلى أن تحسن الأحوال الاقتصادية والسياسية بعد الثورة من الطبيعى أن يستغرق وقتا، خاصة أن الظروف التى ألمت بالبلاد لم يكن ليتحملها أى اقتصاد.
قال فريد إن الجمعية تقوم بدور مهم فى إعادة تأهيل وتدريب الخريجين من خلال مشروع «key» لتأهيل طلبة الجامعات على المهارات المطلوبة فى سوق العمل، مشيراً إلى أن البرنامج يطبق فى 5 جامعات بالقاهرة، عين شمس، الإسكندرية، الفيوم، وطنطا، موضحا أن البرنامج درب ما يزيد على 20 ألف طالب حتى الأن.
وأشار إلى أن هناك برنامج آخر «مشروعك حقيقة»، الذى يدعم رواد الأعمال بقروض بدون فوائد حتى 100 ألف جنيه، وأن الجمعية تساعد فى المشروع منذ بداية الفكرة ودراسة الجدوى، لافتا إلى أن الجمعية مولت أكثر من 50 مشروعاً.
وأضاف أن الجمعية بدأت فى برنامج «استكمال الحقيقة» لمساندة المشروعات التى نجحت، ومساعدتها على النمو والتطور من خلال آليات تمويلية جديدة.
قال إن تمويل هذه البرامج من خلال مساهمة الشركات أعضاء الجمعية والمؤسسات المالية، وأن «موبينيل» تعد المساهم الرئيسى فى التمويل.
أشار إلى أن الجمعية تركز خلال المرحلة القادمة على تشجيع المشروعات التى تراعى الاستدامة البيئية «Environment green» ودعمها، خاصة التى توفر وظائف جديدة.
وأوضح أن أى شركة سوف تنتهج هذه السياسة وتصنيع منتجات تراعى الحفاظ على البيئة سوف تعمل الجمعية على رعايتها ودعمها بالتعاون مع وزارات البحث العلمى والصناعة والبيئة ومكتب الإلتزام البيئى، وذلك بشكل أساسى فى مجالات المياه والطاقة والبيئة والصرف.
وأشار إلى أن من الملفات المهمة للجمعية فى الوقت الحالى مكافحة الفساد، مشيراً إلى أن اللجنة المشكلة لهذا الموضوع برئاسة المستشار هشام رجب، مستشار وزير الصناعة، رفعت مقترحاتها إلى لجنة الخمسين، لوضع نص فى الدستور لإنشاء هيئة لمكافحة الفساد.
وعلى جانب آخر، أشار حسنين، إلى تأجيل خطة مجموعة شركات «الوايلر» التى يرأس مجلس إدارتها، للتحول إلى قابضة والطرح فى البورصة لحين استقرار الأحوال الاقتصادية وتماسك البورصة.
وقال إن «الوايلر» كانت تخطط لتحويل شركة أولاد فريد حسنين إلى قابضة يتبعها 6 شركات تعمل فى مجالات الطلمبات والمسابك، لافتاً إلى أن قيمة إجمالى الأصول والاستثمارات 400 مليون جنيه.
وقال إن الشركة تضخ حاليا استثمارات جديدة بقيمة 25 مليون جنيه لطرح منتج جديد للطلمبات تعمل بالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى خط إنتاج جديد فى المسبك.
وأشار إلى أن أعمال شركة «الوايلر» تأثرت بسبب تراجع عدد المشروعات الحكومية، مؤكداً أن نشاط المجموعة بشكل عام يسير بشكل مستقر.