مصر ستحتاج إلى «نيل جديد» والمياه الجوفية لن تلبى احتياجاتنا
الاعتماد على الطاقة الخضراء فى المرحلة المقبلة محرك مناسب للتنمية فى المستقبل
قال الدكتور جلال عثمان، عضو مجلس إدارة الجمعية العالمية للطاقة الشمسية ورئيس الجمعية المصرية لطاقة الرياح ، إن مصر تحتاج خلال الفترة المقبلة إلى كميات كبيرة من الطاقة لتحقيق التنمية وإنشاء العديد من المشروعات الصناعية الكبيرة وتحلية مياه البحر.
وأضاف أن مصر ستحتاج إلى نهر نيل جديد بعد فترة وجيزة لأن المياه الجوفية لن تكفى لتلبية احتياجاتها وهو الأمر الذى يستدعى التوجه نحو تحلية مياه البحر.
وأكد ضرورة الاعتماد على الطاقة الخضراء فى مصر خلال المرحلة المقبلة باعتبارها محركاً مناسباً للتنمية فى المستقبل حيث يركز نموذج التنمية على الابتعاد عن وادى النيل وتنمية المناطق الصحراوية والساحلية ما يزيد من صعوبة نقل الطاقة والمياه لهذه المناطق وهذا يفرض حتمية الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة سواء طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية لتنمية هذه المناطق.
وطالب عثمان بضرورة وضع مشكلة المياه جنباً إلى جنب مع الطاقة فى خطط التنمية المستقبلية حيث تحتاج مصر إلى تحلية مياه البحر لتلبية الطلب المتزايد على استهلاك المياه العذبة، محذراً من خطورة استمرار الدعم الحكومى للطاقة التقليدية الذى سيلتهم معظم ميزانية الدولة.
شدد على أهمية دور المواطنين فى توليد احتياجاتهم من الطاقة الشمسية ذاتياً على أسطح المبانى وعدم الاعتماد على شبكة الكهرباء التى تمتلكها وتديرها الدولة وذلك من خلال التركيز على التخزين المركزى للطاقة الشمسية، حيث لا يمكن الحديث عن زيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بدون توفير وسائل مناسبة لتخزينها ونقلها.
أوضح أن الطاقة الشمسية تعتمد على إنشاء محطات كبيرة فى مناطق بها تركيز عال لحرارة الشمس وعند بداية إنشائها تعمل بالشمس نهاراً وبالوقود ليلاً لتفادى ارتفاع التكلفة وفى مراحل تالية يتم إنشاء حقل شمسى ليلى لتعمل تلك المحطات بالطاقة الشمسية فيما بعد ليلاً ونهاراً.
ولفت إلى أن تكلفة إنشاء المحطات متقاربة إلى حد كبير مع تكلفة إنشاء المحطات النووية لكنها لا تحتاج للتخلص من النفايات أو التفكيك بالإضافة إلى أن فوائدها المستقبلية ستكون أفضل لحاجة أوروبا لاستيراد طاقة من الخارج ومن الطبيعى أن تتوجه إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وليس النووية.
وأضاف أن الجزائر بدأت التخطيط لإنشاء المحطات الشمسية كما أن هناك خطاً كبيراً للطاقة سيربط بين تونس وإيطاليا وألمانيا وسيتبعه توجه تونس لإنشاء محطات للطاقة المتجددة.
وأشار إلى أن الشمس مصدر لجميع الطاقات على الأرض فطاقة الفحم والبترول والغاز الطبيعى هى فى الأصل طاقة شمسية مخزنة تحت سطح الأرض نتيجة طمر غابات وحيوانات أولية منذ ملايين السنين.
وشدد على أن الطاقة الشمسية يمكن تحويلها بشكل مباشر أو غير مباشر للحصول على صور الطاقة الكهربية أو الحرارية ولذلك يجب البحث عن البدائل للبترول كمصدر للطاقة، وفى ظل تأثر أسواق البترول بأى تقلبات فمستقبل السوق العالمى للبترول أصبح ينذر باحتمالات قوية لعجز العرض العالمى للبترول عن الوفاء بالطلب المتزايد عليه.
وذكر أن السعودية تعاونت مع أمريكا وألمانيا فى مجال الطاقة الشمسية بتبنى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية البحوث التطبيقية فى هذا المجال، لذلك فإن تحقيق التكامل المنشود بين الطاقة والتنمية والبيئة يشكل تحدياً كبيراً فى مصر بالرغم من أن الطاقة الشمسية يمكن أن تنتج خمسة أضعاف ما نحتاجه اليوم.
وقال «عثمان» إن الوكالة الدولية للطاقة الشمسية تسعى إلى تشجيع استخدام الطاقة المتجددة فى كل مكان، من خلال التكنولوجيا المناسبة، وأفضل التطبيقات العلمية، والحرص على المسئولية الاجتماعية، والاتصالات للوصول إلى تكنولوجيات الطاقة المتجددة بدعم صناعات ومؤسسات المجتمع الدولى، بالإضافة لتحقيق تحفيز وتشجيع البحوث الأساسية والتطبيقية على حد سواء فى مجال الطاقة الشمسية من خلال دعم المشاريع الخاصة وتمكينها فى مجال الطاقة المتجددة.
أكد أهمية إتاحة سرعة الحصول على المعلومات من خلال طرق معدة خصيصاً للاتصالات ومنصات تبادل للاستفادة من أوجه التكنولوجيا الحديثة، وتشجيع استخدام وقبول ودعم تكنولوجيات الطاقة المتجددة، إنشاء هياكل دولية لتسهيل التعاون والتبادل لدعم نشر تكنولوجيات الطاقة المتجددة، بواسطة الجمع بين الصناعة والعلوم والسياسة فى ورش عمل ومؤتمرات قمة فى مجال الطاقة المتجددة.
وأوضح أنه كان من المقرر أن تستخدم السخانات الشمسية فى مصر على مستوى كبير بالمجتمعات العمرانية الجديدة وفى القرى الساحلية على الساحل الشمالى وسيناء والبحر الأحمر، ولكن لم نصل إلى ما وصلت إليه إسرائيل التى تنتج «3 جيجاوات» من السخانات الشمسية.
وتساءل رئيس الجمعية المصرية لطاقة الرياح عن مدى أحقية القرى السياحية المملوكة لشركات أجنبية أو مصرية فى الحصول على دعم الكهرباء، وما إذا كانت مجتمعات الصفوة بالساحل الشمالى وغيرها تستحق الدعم، الذى ينبغى أن يقتصر على الفقراء فقط، ومادام هناك دعم للكهرباء والغاز الطبيعى فلن يكون هناك انتشار فعلى للسخانات الشمسية فى القرى السياحية والمدن الجديدة».
ونوه بأن تكلفة الكهرباء المنتجة من طاقة الرياح والأنظمة الشمسية الحرارية تقترب حالياً من أسعار الكهرباء المنتجة من المحطات الحرارية التى تعمل بالغاز الطبيعى أو المازوت، أما الطاقة الكهربية المنتجة من الطاقة الشمسية بالأنظمة الفوتوفولطية فقد تصل إلى خمس أضعاف ثمن الكهرباء فى المحطات الحرارية ولذلك تستخدم فى المناطق النائية ومع التطور فى تصنيع الخلايا الشمسية البلورية واللابلورية فإنه يتوقع انخفاضاً كبيراً فى سعر هذه الخلايا والطاقة الكهربية المنتجة منها.