على عوف: المصانع الكبرى تحتكر القطاع.. والحكومة الماضية لم تتفهم المشاكل
بيع %10 من المصانع تحت الإنشاء.. وتوقف 50 عن استكمال منشآتها
إغلاق 30 مصنعاً منذ 2008.. وأتوقع عدداً مماثلاً خلال الـ 10 سنوات المقبلة
السعودية والأردن والإمارات تسعى للسيطرة على السوق الدوائى المصرى
20 مليون جنيه مبيعات «ميفو» تستهدف مضاعفتها خلال العام الجارى
لم تكن الظروف الاقتصادية السيئة وحدها السبب الرئيسى وراء تدهور صناعة الدواء خلال السنوات الأخيرة، فإن تعنت وزارة الصحة فى تسجيل وتسعير المستحضرات الدوائية من جهة، وسيطرة حفنة من المصانع الكبرى على السوق الدوائى من جهة أخري، كانت وتظل أسباباً رئيسية للتدهور، وفق رؤية الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية فى أول حوار لـ«البورصة».
كشف عوف، عن بيع نحو %10 من المصانع الدوائية تحت الإنشاء والمقدرة بـ84 مصنعاً، خلال الأشهر الماضية، وتوقف حوالى 50 آخرين عن استكمال الإنشاءات.
قال إن اتجاه المصانع تحت الإنشاء إلى البيع أو التوقف عن التشغيل لم يكن وليد ظروف اقتصادية خانقة فقط، بل لعبت وزارة الصحة دوراً كبيراً فى توقف تلك الاستثمارات نتيجة التعنت فى تسجيل الأدوية الجديدة بما يسمح بتشغيل المصنع، إضافة إلى تدنى أسعار المستحضرات القديمة المسجلة منذ سنوات أو تسعيرالمستحضرات الجديدة بما لا يتلاءم مع التكلفة وحسابات الربح.
أوضح أن الاستثمارات فى المصانع الدوائية الجديدة جاءت بعد دراسات جدوى بناء على تعليمات من وزارة الصحة، حيث أمر وقتها الدكتور حاتم الجبلى آخر وزير صحة قبل ثورة 25 يناير بتحول شركات التصنيع لدى الغير إلى مصانع خلال 5 سنوات وإلا سيتم إغلاقها، مما دفع الشركات للسعى لبناء مصانع.
أَضاف أن النظام المتبع وقتها كان يسمح بتسجيل 60 مستحضراً دوائياً للمصانع الجديدة، ولكن الغاء الدكتور حاتم الجبلى للقرار المعروف خلق أزمة تسجيل الدواء التى أعاقت عدداً كبيراً من المصانع على بدء التشغيل رغم جاهزيتها للإنتاج.
قال إن وزارة الصحة تعامل المصانع تحت الإنشاء كشركات التصنيع لدى الغير، حيث تسمح لها بتسجيل 20 مستحضراً فقط حتى تقدم أوراقاً تتضمن قرار تخصيص الأرض من هيئة التنمية الصناعية وعقود شراء ماكينات الإنتاج والرسوم الهندسية الداخلية للمصنع، وهوما يبدد فرص المصانع الجديدة فى تسجيل ملفاتها بصندوق «المثائل» الذى يحوى 12 مستحضرا فقط.
أشار إلى أن وزيرة الصحة السابقة الدكتورة مها الرباط لم تتفهم مشاكل المصانع الجديدة واتهمتهم بإجراء دراسات جدوى غير مدروسة، مطالباً الدكتور عادل العدوى وزير الصحة الجديد بضرورة التدخل الفورى لحل الأزمة حتى لا يضيع على الدولة مزيدا من الاستثمارات.
طالب عوف بزيادة ملفات الأدوية للمصانع الجديدة إلى 60 مستحضراً بدلاً لـ20، على أن تعاين وزارة الصحة المصانع سنوياً والغاء الإخطارات التى لم تثبت جدية فى التشغيل، والتى تسعى إلى استخدام المصنع كباب خلفى لتسجيل الملفات وبيعها بمبالغ كبيرة.
فى سياق متصل قال عوف، إن الاستثمارات الدوائية بما تشمل المصانع العاملة وتحت الإنشاء والمقدرة بنحو 300 مليار جنيه باتت مهددة بالتوقف نتيجة الظروف الاقتصادية وسياسات وزارة الصحة فى التسجيل والتسعير.
أضاف أن الصناعات الدوائية تحقق نحو 30 مليار جنيه مبيعات سنوية وتواجه حملة شرسة من الشركات السعودية والإماراتية والأردنية التى تسعى للسيطرة على السوق المصري، إضافة إلى ظروفها الخانقة.
توقع عوف إغلاق %30 من المصانع العاملة فى السوق المصرية خلال السنوات الـ10 المقبلة، لافتا إلى اغلاق نحو 30 مصنعاً منذ 2008 حتى الآن.
فى ذات السياق قال عوف، وكيل النقابة العامة لشركات الأدوية المصنعة لدى الغير «التول»، إن استثمارات شركات التول متوقفة تماماً خلال الفترة الحالية نتيجة الظروف الاقتصادية للدولة وسياسات وزارة الصحة السابقة.
وأوضح أن عدد شركات التول الرسمية حوالى 560 شركة فى حين تبلغ غير المسجلة نحو 800 شركة أخرى، وأن 20 شركة اغلقت خلال العام الماضي، وبيع عدد مماثل خلال نفس الفترة.
وفقاً لعوف يبلغ حجم استثمارات شركات «التول» فى مجال الدواء 3 مليارات جنيه، ومبيعاتها السنوية تتجاوز الـ 7 مليارات، بما يعادل نحو 35 إلى %40 من حجم مبيعات الدواء المصرية التى تقدر بنحو 23 مليار جنيه.
ويعتمد أكثر من 30 مصنعاً كبيراً على إنتاج مستحضرات شركات التول بالكامل، ويوجد 100 مصنع لا تملك مستحضرات كافية لتغطية تكاليف إنتاجه ويتجه لتصنيع منتجات شركات «التول» مقابل مبالغ معينة تساعد الطرفين على الاستمرار فى الإنتاج.
وأشار إلى أن حجم الصادرات الكلية لشركات التصنيع لدى الغير بلغ 25 مليون دولار العام الماضى، بما يعادل %10 من صادرات مصر من الدواء التى تقدر بـ250 مليون دولار.
وعن التغيير الوزارى الذى شمل وزيرة الصحة الدكتورة مها الرباط انتقد عوف التغيرات المستمرة، قائلاً إن الوزير الجديد يحتاج إلى مزيد من الوقت لاستيعاب مشاكل الوزارة، مما سيعرقل القرارات التى اتفق على اصدارها فى ظل الوزيرة السابقة.
أضاف أن الوزيرة السابقة كانت على وشك اصدار قرار لتسجيل الدواء اتفق على ملامحه الاساسية مع الشركات.
طالب بضرورة وضع نظام تسجيل عادل للدواء، خاصة أن القرار الذى كان من المقرر صدوره الفترة الماضية كان قد شمل تعديل المجموعات الدوائية الخاصة بعدد الأدوية من كل صنف فى السوق المصرى والتى كانت تحدد بمستحضر اصلى ومن 11 بديلاً إلى 17 مجموعة، إضافة إلى انه يختزل المدة إلى 36 شهراً بدل 5 سنوات.
أوضح أن صناعة الدواء تواجه عدة تحديدات يأتى على رأسها عدم وجود سياسات ثابتة للصناعة فى مصر، حيث أنه مع كل تغيير لوزير الصحة يعين مديراً جديداً للإدارة العامة للشئون الصيدلية وكذلك مساعدا لوزير الصحة للشئون الصيدلية، وبالتالى تتغير السياسات الدوائية.
قال إن صناعة الدواء تعانى من انعدام الرؤية أو الخطط المستبقلية، كما أن الأحزاب الحاكمة تدخل فى سياسة تصنيع الدواء لصالح فئة محدودة من رجال الأعمال.
وفيما يخص أزمة المرتجعات التى اشتعلت مؤخراً بين شركات الدواء ونقابة الصيادلة، أوضح عوف أن المشكلة يسئل عنها الشركات التى تتولى الدعاية والترويج للسلعة، فيما يقتصر دور الصيدليات على البيع.
قال إن المشكلة الرئيسية تنحصر فى نقيب الصيادلة الدكتور محمد عبدالجواد الذى يرأس إحد أكبر شركات التوزيع فى مصر ولا يلتزم بقبول المرتجعات، متسائلاً كيف يطالب النقيب بما لا يطبقه؟!.
أضاف أن مشكلة المرتجعات لها شق أخر متعلق بزيادة عدد الصيدليات فى السوق، خاصة أن مصر لا تحتاج أكثر من 30 ألف صيدلية فى حين بلغت 60 ألفا.
أشار إلى أن شركات التول موقعة على عقود مع شركات التوزيع مشروطة بقبول كل المرتجعات دون قيد أو شرط وأن تلك الشركات تقوم بالتخصيم الإجبارى من شركات التول.
يرى عوف أن جلوس جميع اطراف المنظومة الدوائية بما تضم شركات الإنتاج والتوزيع والصيدليات والمكاتب العلمية ضرورى لحل الأزمة، مع وضع نظام جديد لقبول المرتجعات يضمن استبدال الأدوية المنتهية بأخرى أكثر مبيعاً لتقليل الخسائر.
وفيما يخص الشعبة الجديدة لشركات الدواء المصنعة لدى الغير، أوضح أن الشعبة تستهدف تنظيم سوق الشركات المصنعة لدى الغير من خلال اتفاق واضح مع وزراتى الصناعة والصحة يضمن عدم تسجيل أيا من الشركات الا بعد الرجوع للشعبة التى سوف تحدد معايير وأسس لقبول تسجيلها.
أضاف أن الشعبة ستعمل على تطوير شركات القطاع من خلال تنظيم دورات تدريبية مثل اليقظة الدوائية ونظم التسجيل والتصدير والترويج بأسعار رمزية.
وتابع أن الشعبة ستمثل الكيان الرئيسى والمعبر عن كل الشركات فى حالة صدور أى قرارات وزارية ضد مصلحتها، بالإضافة إلى حل مشاكل أعضاء الشعبة مع وزارة الصحة وإدارة الصيدلة.
فى سياق متصل، استنكر «عوف» عدم تحريك أسعار الدواء منذ 30 سنة رغم زيادة تكاليف الإنتاج من غاز وكهرباء وسولار ورواتب، بالإضافة إلى الارتفاع المستمر فى أسعار العملة الأجنبية، موضحا أن الفترة الماضية شهدت ارتفاعاً فى أسعار الخامات الدوائية المستوردة التى تمثل %98 من مكونات الدواء المصري، بالإضافة إلى زيادة أسعار الخامات التكميلية مثل كرتون تغليف العبوات والبلاستيك.
وأوضح أن اعتماد الدواء على الخامات المستوردة نابع من ارتفاع تكلفة إنشاء مصانع لإنتاج الخامات الدوائية باستثمارات تقدر بمليارات، كما أن اكتشاف دواء واحد جديد وتسجيل براءة اختراعه يتطلبان تجارب ودراسات مرتفعة التكلفة.
وقال «عوف» إن علاج أزمة تسعير الدواء يتطلب وضع آلية عادلة تتضمن توفير هامش ربح مناسباً للشركات يساعدها على زيادة استثماراتها وإنتاج مستحضراتها الجديدة مع الالتزام بأن الدواء سلعة استراتيجية لابد من توفيرها بأسعار مناسبة.
وأضاف أن الصناعة الوطنية من الدواء تغطى %85 من احتياجات مصر، وأن الأدوية المستوردة تمثل %15 فقط يصعب تصنيعها وتحتاج
لاستثمارات عالية.
كشف على عوف، رئيس مجلس إدارة «ميفو» للصناعات الدوائية، عن تحقيق الشركة مبيعات بقيمة 20 مليون جنيه خلال العام الماضى 2013.
قال عوف إن «ميفو» تستهدف القفز بالمبيعات إلى 40 مليون جنيه خلال العام الجارى 2014، خاصة مع بدء تحسن الظروف الاقتصادية نوعاً ما.
أوضح أن إنتاج المصنع يركز على الأقراص والكبسولات والأدوية الصلبة، إضافة إلى المضادات الحيوية والمسكنات وأدوية الضغط والكوليسترول والمنشطات.
أشار رئيس الشركة، إلى أن الشركة افتتحت مصنعها الجديد أبريل الماضى باستثمارات 65 مليون جنيه، بمساهمة 40 من رجال الأعمال المصريين.
فى سياق متصل أعلن عوف عن بدء الشركة التصدير للسوق الخليجى عام 2016، خاصة بعد نجاح الزيارة التفتيشية لوفد هيئة الأغذية والأدوية بالسعودية لترخيص المصنع بالمملكة خلال الأيام المقبلة.
لفت إلى استهداف ميفو تحقيق صادرات للأسوق الخليجية بقيمة 2 مليون دولار خلال العام الأول، خاصة أنها واعدة وتستهلك كماً كبيراً من الأدوية بأسعار مرتفعة نسبياً.