بقلم: نيك بوتلر
تفشل الكثير من الثورات إما لأنها تنفد من الذخيرة أو القادة أو الدعم الشعبي، كما أننا نسمع كثيراً عن الثورات التى تنجح، فالتاريخ يكتبه الفائزون، ولكننا نسمع أقل بكثير عن الفاشلين وعن وعود التغيير التى لا تتحقق.
وتقع ثورة الغاز الصخرى البريطانى على شفا الانزلاق فى الفئة الثانية: الثورة التى لم تحدث تقريبا، ورغم نشر دراسة متفائلة بشأن إمكانات البترول من التربة الصخرية فى جنوب إنجلترا، لا يوجد ضمان أن هذه الموارد سوف يتم إنتاجها.
فممثلو القطاع كانوا واضحين بأنه قد لا تتعدى عدد الآبار التى يمكن حفرها فى بريطانيا خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة 10 آبار، وحتى هذا الرقم غير أكيد، ومن الممكن ألا يتم حفر أى بئر جديدة على الإطلاق فى 2014.
ولم يتم التقديم سوى على عدد قليل من تراخيص الإنتاج، ولكن العملية بأكملها قد تأخذ عاماً حتى قبل أن تظهر المخاطر القانونية، كما أن رقم 10 آبار على مدار ثلاث سنوات قد يعطينا ثقة أكبر بشأن إمكانات التنمية التجارية فى شمال انجلترا، وكلما بدت الآفاق جيدة، بدأت الخطوة التالية وهى التقديم على تراخيص إنتاج، وهذا قد يأخذ وقتاً أيضاً مما يعنى أننا نتطلع لعام 2020 حتى نرى أول إنتاج حقيقي.
وبالطبع، فإن عملية تطوير أى مقاطعة بترول أو غاز جديدة تكون تدريجية وتأخذ وقتا، وقد يكون جدير بالذكر أن نقول أن تطوير منطقة بحر الشمال أخذت من خمس إلى ست سنوات بدءا من الاكتشاف وحتى الإنتاج الكامل.
ومع ذلك، فإن المقارنة هنا ليست فى محلها وخطيرة، فتطوير بحر الشمال كان غير مسبوق وتتطلب قفزة تكنولوجية، أما استخراج الغاز من التربة الصخرية على البر منتشر ومعروف، ولا يحتاج إلى تكنولوجيا جديدة، ولكن أكثر ما يهم فى الأمر الفرق بين الشركات، فبحر الشمال تم تطويره من قبل شركات بترول وغاز عالمية كبرى لديها ميزانيات ضخمة ومحافظ كبيرة من أصول أخرى تدر عليها أرباحا.
وهذه الشركات بإمكانها امتصاص التكاليف، والصدمات والفشل التى يمكن أن تتكشف أثناء التنقيب، ولكن ليس واضحا إن كان بإمكان شركات الغاز الصخرى فى بريطانيا القيام بكل ذلك.
وتكمن المشكلة فى أن حتى الشركات الأكبر التى يتم تكوينها من خلال دمج شركات أصغر لن يكون لديها الموارد المالية للعمل خلال سنوات التأجيل لأن علينا أن نتذكر أن التنقيب لم يبدأ بعد، وأن كل الأرقام المتوافرة لإمكانات الغاز الصخرى البريطانى آتية من دراسة جيولوجية عامة للغاية.
وقد يقوض البئران أو الثلاث آبار التى لم يتم فيها إيجاد غاز يمكن تطويرها تجارياً الثقة المتزعزعة أساسا للمستثمرين الذين يرغبون فى الإشباع الفورى والمردود قصير المدى.
وتعد شركتا “كوداريللا ريسورسز” و”إيجاس” جادتين، ولكن ليست لديهما موارد مالية غير محدودة، وبالفعل تنفقان بشدة حتى قبل بدء الحفر، كما أن تكاليف الاشتراك فى النقاشات العامة المنقسمة عالية، فالمحامون ورجال الآمن لا يأتون بأسعار زهيدة.
كما ان الشركات التكنولوجية الصغيرة التى تقوم بأعمال الهندسة التطبيقية على أكمل وجه والتى يعيش معظمها على التمويل بالدين لا تتحمل المزيد من التأجيل وهذا قد يدفع البعض للخروج من القطاع.
ووصفت اللجنة الاقتصادية فى مجلس اللوردات فى تقريرها الذى نشر منذ ثلاثة أسابيع تطوير الغاز الصخرى على أنه أولوية قومية ذات إمكانات هائلة لخلق ثروة ووظائف ولتعزيز أمن الطاقة، كما أعربوا عن إحباطهم من عدم استغلال هذه الإمكانات بسبب نقص حس العجلة فى الحكومة.
كما أن العملية التنظيمية تمثل مشكلة لأنها غير موحدة ومبسطة، فالمسئولية موزعة على الأقل على أربعة أقسام مختلفة، والنتيجة مستنقع من البيروقراطية بدون إرادة سياسية واضحة للتطوير، وهكذا تفشل الثورات فى العالم التجاري.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز