تفتت ملكية المجموعة المالية يجعلها هدفاً لنيران الاستحواذ ونجاح عرض الشراء يقود للدمج مع «بلتون»
الصفقة تضمن للملياردير المصرى السيطرة على أكبر بنك استثمار بالمنطقة وامتلاك بنك تجارى قد ينافس على شراء بنك مصرى
قيادة فى «هيرمس»: لن نسمح بتمثيل تحالف «ساويرس – بلتون» فى مجلس إدارة الشركة
شريف سامى: الرقابة تبت فى عرض الشراء غداً
فيما يبدو أن شركة المجموعة المالية – هيرمس بصفتها جميلة السوق وبنك الاستثمار الأكبر بالمنطقة ستكون محور رواية الأحلام المؤجلة الذى سيلعب دور البطولة فيها الملياردير ورجل الأعمال نجيب ساويرس وعلاء سبع، رئيس بلتون المالية القابضة.
وفى ظل تشتت واضح لهيكل ملكية المجموعة المالية – هيرمس وغياب حسن هيكل، الرئيس التنفيذى السابق للمجموعة وصعوبة تحركات الملوانى يدخل فريق الإدارة الشاب بقيادة كريم عوض اختباراً صعباً فى درء سبع العائد بقوة التاريخ والخبرة ودعم ونفوذ وطموح «ساويرس» وجاء اختيار سبع لموعد تقديم العرض بعد عقد هيرمس لعموميتها ليسد الطريق على مجلس إدارتها فى اتخاذ أى إجراءات من شأنها عرقلة العرض بشكل مباشر وهو ما أكده عنصر المباغتة حتى أن إدارة هيرمس ظلت بعد وقف التداول على أسهمها من جانب الرقابة المالية لا تعلم أن هناك عرضاً أو من تقدم به من بنوك الاستثمار.
وقبل 12 عاماً خرج علاء سبع وعلى الطاهرى من المجموعة المالية هيرمس ليؤسسا بلتون المالية بعد تغييرات هيكلية فى المجموعة بالاندماج مع شركة التجارى الدولى للاستثمار«CIIC» والتى مثلت طوق النجاة آنذاك للمجموعة المالية – هيرمس ليتركها أحمد هيكل متفرغاً لمشروع العربية للفنون الذى لم يكتب له النجاح ويخرج سبع فى ظل عدم التوافق مع ياسر الملوانى بنفوذه المدعوم بمساهمى «CIIC» فى صفقة الاندماج ونجاح الصفقة الجديدة يعيد سبع والملوانى وجهاً لوجه مع الاختلاف أن النفوذ سيكون لصالح سبع.
ورغم أن سبع لم يعلن فى أى وقت رغبته فى العودة إلى هيرمس، لكن من يطهو الصفقات لحساب الغير قرر أن يفوذ بها هذه المرة متسلحاً برغبة نجيب ساويرس التى كشف عنها النقاب وظلت تراوده منذ ما يقرب من 10 أعوام بحلمه فى امتلاك بنك استثمار وبنك تجارى.
وأضاع سبع فرصاً ضخمة فى طريقه منها فرصة إتمام إجراءات استحواذ جولدن مان ساكس على بلتون قبل الأزمة المالية العالمية خلافاً على السعر رغم اقترابه من مليار جنيه، وتعثرت عملية الاندماج بين بلتون وبايونيرز فى 2010 وكادت الأزمات تعصف بسبع خارج بلتون عام 2012 بتحالف على الطاهرى والعربية للاستثمارات المالية للاستحواذ على حصته البالغة آنذاك %20 ومع ذلك فقد تماسك وأعاد الشركة للمسار السليم وأصبحت أكثر صحة وشباباً مع نهاية 2013 رغم الظروف السياسية والاقتصادية التى تمر بها البلاد.
وبخبرة سبع وفريق من المحترفين اختاره بعناية نفذت بلتون عمليات فى نشاط بنوك الاستثمار تقترب من 100 مليار جنيه وتتصدر شركات إدارة الأصول بإجمالى أصول مدارة تزيد على 32 مليار جنيه وتصدرت شركات السمسرة المصرية 2013.
ورغم الخسائر التى منيت بها غالبية الشركات فى القطاع المالى المصرى، إلا أن بلتون حققت أرباحاً اقتربت من 75 مليون جنيه فى 2013 وان كانت غالبيتها من بيع أصول وهو مبنى القرية الذكية، إلا أن هذه الخطوة جاءت ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة ودخول مستثمرين جدد أبرزهم سميح ساويرس وممدوح عباس وخالد محمود وخروج محمد متولى وعلى الطاهرى.
وبعد أن أصبحت بلتون فى موقف قوى وبمنطق اقتناص الفرص اقنع سبع ساويرس بالاستحواذ على حصة مؤثرة فى هيرمس أكبر بنك استثمارى بالمنطقة والمساهم الرئيسى فى بنك الاعتماد اللبنانى.
ليتحقق لسبع اعتلاء عرش هيرمس والمنطقة العربية فى بنوك الاستثمار مدعوما بطموحات ساويرس القديمة ورغبته فى قصة نجاح جديدة يقتنصها مستعينا بخبرة سبع.
وتؤهل السيطرة على هيرمس لدمج بلتون وزيادة الفجوة بين أكبر بنك استثمار اقليمى وأقرب منافسيه لسنوات طويلة قادمة.
ساويرس وهو من العائلة التى كانت من أبرز المساهمين فى بنك مصر اكستريور الذى عانى من مشكلات كبيرة قبل أن يسيطر عليه بنك مصر ضمن منظومة إصلاحية تبناها البنك المركزى لتنظيف القطاع المصرفى من البنوك الضعيفة استسلم ساويرس فى النهاية للقرار لكنه لم يتخل عن حلمه فى قطاع البنوك سواء الاستثمارى أو التجارى.
استحوذ ساويرس على حصة كبيرة فى شركة دايناميك لتداول الأوراق المالية ما لبث أن بادلها بأسهم فى سى أى كابيتال الذراع الاستثمارية للبنك التجارى الدولى ضمن خطة ليكون شريكاً استراتيجياً فى بنك استثمار كبير لكن البنك التجارى الدولى غير الاستراتيجية وسيطر بالكامل على الشركة وبادل ساويرس حصته بأسهم وشهادات فى البنك التجارى الدولى كما خرج أولاد حسانين مؤسسى دايناميك لصالح سى أى كابيتال التى سيطرت بالكامل عليها.
لماذا هيرمس؟ هيرمس أكبر بنك استثمار بالمنطقة وتحتفل هذا العام بمرور 30 عاماً على تأسيسها، مرت ببعض العثرات ومحاولات الاستحواذ الفاشلة العام الماضى من جانب كيوانفست والتى تعثرت بسبب الإجراءات البيروقراطية كما أن أحد أبرز مديريها على مر تاريخها حسن هيكل استقال، لكن مع عودة اللياقة مرة أخرى لياسر الملوانى مع تغير الخريطة السياسية بمصر وظهور كريم عوض الدم الجديد على قمة الإدارة التنفيذية للشركة بدأت مرحلة إعادة الهيكلة.
الآن هيرمس أصبحت هى الأخرى بصحة أفضل، فقد بدأت فى التخلص من الأصول غير الأساسية وآخرها بيع غالبية حصتها فى سوديك وداماس والإمارات ريت وبدأت فى دعم السهم من خلال برنامج لشراء أسهم خزينة بقيمة مليار جنيه تم تنفيذ المرحلة الأولى منه بـ 425 مليون جنيه كما بدأت الشركة باستراتيجية لترشيد النفقات.
وكنتيجة واضحة لذلك، تضاعف صافى الربح بعد خصم الضرائب وحقوق الأقلية ثلاث مرات ليصل إلى 119 مليون جنيه خلال الربع الأول من العام الجارى على إيرادات تشغيلية 563 مليون جنيه.
ساهمت جهود ترشيد المصروفات فى تخفيض معدل مصروفات العاملين للإيرادات إلى %49.8 خلال الربع الأول، وهى نسبة تتطلع الإدارة الحفاظ عليها، وذلك مقارنة مع %72 خلال الربع الأخير من عام 2013 و%69 خلال الربع الأول من العام الماضى.
البنك التجارى وهو الاعتماد اللبنانى حلم ساويرس الأساسى والذى قد يكون ذراعاً للاستحواذ على أحد البنوك المحلية المرشحة للبيع ساهم هو الآخر فى دعم أرباح هيرمس فى الربع الأول بعد خصم الضرائب وحقوق الأقلية 59 مليون جنيه، وتتواجد هيرمس بشكل مباشر فى 8 دول وغير مباشر فى أربعة ويزيد عدد عملائها على 100 ألف عميل وتدير أصول بقيمة 3.6 مليار دولار وقامت خلال تاريخها بزيادات أسهم بقيمة 14.1 مليار دولار ونفذت صفقات استحواذ بقيمة 52.4 مليار دولار ويصل عدد موظفيها إلى 800 موظف.
وتعد مجموعة دبى المالية أبرز المساهمين فى المجموعة بحصة %11 إلى جانب بنك أو نيويورك ميلون «شهادات الإيداع» %13.4 تقريباً وعبدالمنعم الراشد %7.7 وإتش إس بى سى الشرق الأوسط الذى استحوذ على أسهم من حصة دبى القابضة ضمن اتفاق تسوية ديون.
ساويرس يمتلك شركة آراب فاينانس للسمسرة من خلال شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا.
السؤال الآن، هل ينجح سبع وساويرس فى تنفيذ خطة السيطرة على هيرمس أم أن الإدارة بهيرمس سيكون لها رأى مختلف؟.
قيادة مهمة فى هيرمس قالت لـ «البورصة» إن دخول نجيب ساويرس ومؤسسات مالية فى هيكل الملكية للمجموعة المالية هيرمس يعكس ثقة المستثمرين فى إدارة المجموعة، لكنه أكد رفض هيرمس لتمثيل بلتون فى الإدارة حتى وإن كانت مفوضاً عن تحالف المشترين بنسبة الـ %20 مبرراً ذلك بالتنافسية ومنع تعارض المصالح.
ولا تعنى الرؤية السابقة إلا أن الإدارة الحالية لم تدرك خطورة المدافع الثقيلة التى تدك حصون المجموعة بقيادة ساويرس – سبع أو أنها فيما يبدو تبحث عن مالك جديد يقود المجموعة لآفاق جديدة خارج حدود الزمن الجميل فى مرحلة يتوقع أن تشهد بنوك الاستثمار رواجاً لعملياتها خاصة فى قطاعات الاندماج والاستحواذات أو الاستثمار المباشر مع عهد سياسى واقتصادى يتم فيه إعادة ترتيب أوراق اللعبة.
يذكر أن الأعوام الخمسة الماضية شهدت تغيراً كبيراً فى نسب السيطرة على المجموعة المالية «هيرمس»، فبعد أن كانت المؤسسات الإماراتية متضمنة مجموعة دبى العالمية وجهاز أبوظبى تستحوذ على حصة حاكمة فى الشركة تبلغ %41.7 حتى النصف الأول من عام 2010، قامت الأولى ببيع %25 من حصتها فى هيرمس لبنك «HSBC Middle East – Dubai» بصفقة بلغت قيمتها 120 مليون دولار.
وتلتها صفقة نقل ملكية لحصة «DF EFG 2» البالغة 32.2 مليون سهم بقيمة إجمالية 340 مليون جنيه بسعر 10.15 جنيه فى 2012 سداداً لقرض على مجموعة دبى العالمية لبنك «HSBC» أكبر الدائنين للشركة.
تتوزع هيكل ملكية المجموعة المالية هيرمس حالياً بـ %11.71 لـ «DF EFG» و%7.72 لرجل الأعمال عبدالمنعم راشد المستثمر السعودى بعدما رفع مساهمته من %3.9 فى يونيو الماضى إلى %6.02 ثم %7.72 بنهاية مارس 2014.
قال شريف سامى، رئيس هيئة الرقابة المالية لـ «البورصة» أن الهيئة ستعلن موقفها تجاه الصفقة غداً، سواء بطلب مزيد من الإفصاحات أو الموافقة على الصفقة من عدمه.
توقع محللون فنيون أن يصل سهم المجموعة المالية هيرمس إلى مستويات 15.5 – 15.80 جنيه خلال جلسة الثلاثاء المقبل ليقترب من سعر الصفقة وهى الجلسة المقرر خلالها إعلان هيئة الرقابة المالية عن رأيها فى الصفقة.
وتوقع إبراهيم النمر مدير التحليل الفنى فى النعيم لتداول الأوراق المالية أن يستكمل السهم صعوده خلال جلسة اليوم والغد ليقترب بحد أقصى من مستوى 15.50 – 15.60 جنيه.
فيما توقع شريف كمال، مدير إدارة التحليل الفنى بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية أن سهم هيرمس مؤهل السهم للصعود خلال الأسبوع الجارى مستوى 15.70 – 15.80 جنيه بحد أقصى.
أشار كمال إلى أن السهم يستهدف مستويات أعلى من 16 جنيهاً على المدى القصير والمتوسط بدون وجود للصفقة.