خطط التقشف القاسية فرضتها مخاوف الحكومات إزاء مستقبلها السياسى .. و %0.4 معدل التضخم يعزز مخاوف الانكماش الاقتصادى
اجتمع محافظو البنوك المركزية من مختلف أنحاء العالم للنقاش وتبادل الملاحظات وانتهاج مسالك اقتصادات العالم الغنى وكيفية تعامل بنوكهم المركزية مع الأزمات، وسياسات العمل المشترك للتوصل إلى أفضل الحلول لخروج منطقة اليورو من الأزمة الراهنة.
ذكرت مجلة الإيكونوميست أن الناتج المحلى الإجمالى فى أمريكا وبريطانيا تجاوز أهداف ما قبل الأزمة ويستمر فى النمو بقوة. وعلى الجانب الآخر هناك صورة قاتمة لاثنين من أكبر الاقتصادات فى العالم الغنى، المتّمثل فى اليابان ومنطقة اليورو حيث انكمش الناتج المحلى الإجمالى فى اليابان بشكل حاد فى الربع الثانى من العام الجارى بسبب تسارع عمليات الشراء من قبل المستهلكين فى الربع الأول لتجنب ارتفاع الاستهلاك من الضرائب، وأظهرت نتائج الربع الثانى للناتج المحلى الإجمالى فى منطقة اليورو صورة غير مرضية.
أضافت المجلة أن صانعى السياسة فى أوروبا يجب عليهم دراسة وفهم أقرانهم والتعلم من نظرياتهم الاقتصادية، مثل بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى وبنك إنجلترا اللذين تسارعا فى نشر المحفزات غير التقليدية مثل استخدام سياسة التيسير الكمى، وهى شراء السندات الحكومية بسب قلقهما من التضخم المتصاعد، واستخدام سياسة «التوجيه إلى الأمام» لطمأنة الأسواق حول رفع أسعار الفائدة وأثبتت النظرية أنهما على حق وبقى التضخم فى كلا البلدين دون أهداف %2 من خلال التحفيز على استخدام سياسات مالية صارمة أكثر من اللازم حتى يبقى الانكماش بعيداً.
تفاعل البنك المركزى الأوروبى مع الأزمة المالية العالمية بكل قوة لكنه لم يستجب لهذه الضغوط منذ ذلك الحين واستهان بخطر الانكماش، الذى أدى إلى رفع أسعار الفائدة عام 2011 ويستمر حتى الآن فى مقاومة سياسة التيسير الكمى.
لا يمكن إلقاء اللوم على البنك المركزى الأوروبى وحده فى انتهاجه سياسات التقشف القاسية، وهشاشة البنوك، ما أدى إلى تقيد النمو. ولكنه يتحمل مسئولية التضخم الذى انزلق إلى %0.4، على مقربة بشكل خطير من الانكماش، وأقل بكثير من %2 النسبة المستهدفة.
يواجه المركزى الأوروبى العقبات لكن ماريو دراجي، رئيس البنك الشجاع يفتقر إلى دعم سياسى من الحكومات التى تربط قرارها الاقتصادى بحسابات الساسة لصناديق الانتخابات. وأدى غياب هذا الدعم الحذر فى استخدام سياسة التيسير الكمى واللجوء إلى برامج تقشف قاسية عرقلت النمو على عكس ما حدث من البنوك المركزية فى أمريكا وبريطانيا واليابان بدعم من الحكومات هناك.
وفى حالة تطبيق البنك هذه السياسة من شراء سندات الحكومة حاليا، فإنها بمثابة الضغط عن إيطاليا وفرنسا لإجراء اصلاحات سريعة.
هناك حاجة إلى إصلاحات هيكلية التى سوف تجعل مهمة البنك المركزى الأوروبى أكثر سهولة، وفشل السياسيين إلى القيام بواجبهم يصعّب الأمور على البنك، فمثل هذه الإصلاحات تستغرق سنوات لتؤتى ثمارها، ومنطقة اليورو فى حاجة ملحة لاستخدام سياسة التحفيز فى أقرب وقت.
لن تساعد سياسة التيسير الكمى الشركات الصغيرة فى ألمانيا التى ترفض البنوك إقراضها، ولكن شراء السندات الحكومية والتوجيه إلى الأمام إشارات قوية لدعم النمو والحفاظ على معدّل التضخم المستهدف.
استخدام البنك المركزى الأوروبى لسياسة التيسير الكمى سوف تكون خطوة جريئة لمؤسسة تتمثل مهمتها فى الحفاظ على معدّلات التضخم، مثل ما فعلت فى أمريكا وبريطانيا.