تراجع الدخول وراء ضعف الحصيلة الضريبية والضمان الاجتماعى .. و%11.5 بطالة فى منطقة اليورو
انشغل محافظو البنوك المركزية منذ السبعينيات بارتفاع الأجور، ولكن منذ الأزمة المالية، بدأوا التفكير حول القلق المعاكس من ركود الأجور والخطر المتزايد من الانكماش.
وأشارت مجلة الإيكونوميست إلى وجود ضغط على الأجور فى العالم الغنى منذ عدة سنوات حتى الوقت الراهن.
وأوضحت بيانات نشرت فى الثالث من سبتمبر الجارى نمو الأجور الحقيقية فى أمريكا بين عامى 2010 و2013 وانخفاضها فى منطقة اليورو واليابان وسجلّت انخفاضات حادة خاصة فى الاقتصادات الطرفية المتعثرة فى منطقة اليورو، مثل البرتغال وإسبانيا، وانخفضت الأجور الحقيقية أيضا فى بريطانيا بسبب تدهور الانتاجية منذ عام 2007.
فى الوقت نفسه كان هناك حاجة إلى انخفاض تكاليف العمالة فى الدول التى ضربتها الأزمة فى منطقة اليورو، لتعكس فقدانهما القدرة التنافسية بالنسبة إلى جيرانها فى الشمال.
وفى معظم البلدان المتقدمة ولكن ليس فى بريطانيا أو إيطاليا، تنتعش إنتاجية اليد العاملة من جديد ويتراجع ارتفاع معدّلات البطالة فى بعض البلدان الأخرى كما فى أمريكا وبريطانيا.
فيما لا يزال معدل البطالة فى منطقة اليورو مستقرا عند %11.5 بالرغم من انخفاض البطالة فى أمريكا عن ذروتها التى بلغت %10 فى نهاية 2009 لتصل حاليا الى %6.2.
وفى القطاع الخاص، ارتفعت الأجور بنحو %3.5 سنويا قبل الأزمة، ولكن تتزايد حاليا بنسبة تقل عن %2 سنويا. وفى بريطانيا، انخفض معدل البطالة من أعلى معدل له والذى بلغ %8.4 إلى %6.4.
وتساعد الاتجاهات المتباينة فى المعروض من العمالة على شرح لماذا كانت أزمة الأجور فى بريطانيا أكثر كثافة مما كانت عليه فى أمريكا. فقد وصلت نسبة البالغين العاملين أو الباحثين عن العمل فى بريطانيا الى ما يقرب من %64 ومن المتوقع ارتفاعها، وعلى النقيض انخفضت نسبة مشاركة أمريكا بمقدار ثلاث نقاط مئوية منذ الأزمة المالية ووصلت حاليا الى حوالى %63.
وأفادت جانيت يلين، رئيسة الاحتياطى الفيدرالى مؤخرا، بأن بيانات ضعف الأجور قد تكون مضللة. حيث توصل بحث جديد من قبل بنك الاحتياطى الفيدرالى فى سان فرانسيسكو إلى أن العديد من أرباب العمل جمّدوا الأجور خلال فترة الركود لأن العمال يقاومون الانخفاض فى الأجور الاسمية بشراسة أكثر من تآكل قدرتهم الشرائية بسبب التضخم. وأصحاب العمل، غير قادرين على خفض الأجور بسبب الظروف السيئة. وذكرت منظمة التعاون والتنمية، أنه بين عامى 2007 و2010 كانت هناك قفزة كبيرة فى نسبة العمال وظلت الأجور مستقرة من حيث القيمة الاسمية.
جاء ذلك فى الوقت الذى أثارت فيه الأجور اليابانية الضعيفة قلق هاروهيكو كورودا، محافظ البنك المركزى والمسئول عن أحدث محاولة لقهر الانكماش فى بلاده. وأدى برنامج التيسير الكمى الجديد الى زيادة مبيعات السندات فى محاولات لرفع الأسعار مرة أخرى، ولكن ظل نمو الأجور بطيئا على الرغم من ارتفاع الأرباح النقدية بنسبة %2.6 على أساس سنوى فى يوليو الماضى.
وليست الأجور وحدها مهمة محافظى البنوك المركزية فقط، فضعف الأجور يستنزف الإيرادات من ضريبة الدخل ومساهمات الضمان الاجتماعي، ما يجعل من الصعب على الحكومات القيام بإصلاح المالية العامة وانعدام النمو فى الأجور الحقيقية يضر المالية للأسر، ويقلل الاستهلاك. وسيظل الانتعاش الصحى والمستدام فى العالم الغنى بعيد المنال حتى تنتهى أزمة الأجور.