4.7 مليار دولار فى 9 أشهر وحجم التدفقات الجديدة متوقف على سداد مستحقات شركاء البترول الأجانب
تحاول الحكومة جاهدةً تدبير جزء من مستحقات الشركات الأجنبية العاملة فى استخراج البترول والغاز فى مصر، لإقناعها بالعودة لضخ استثمارات فى السوق المحلى مجدداً. وتمثل هذه الخطة جزءاً أساسياً من مساعى الحكومة لاستعادة الاستثمارات الأجنبية التى تضررت بشدة مع قيام الثورة قبل أربعة أعوام.
وشهدت استثمارات الأجانب فى مصر تحسناً طفيفاً فى الشهور التسعة الأولى من العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى نتيجة إجراء مماثل قامت فيه الحكومة بسداد 1.5 مليار دولار لشركات البترول العالمية.
وتبلغ مستحقات شركات البترول حاليا 5.9 مليار دولار، وتدرس الحكومة عدة سيناريوهات لتدبير جزء أو كل هذه المستحقات. وتتضمن تلك السيناريوهات قروضا بنكية أو إصدار سندات مضمونة خليجياً.
وبلغت الاستثمارات الأجنبية 4.7 مليار دولار فى الشهور التسعة الأولى من العام المالى الماضى، وهو معدل لا بأس به فى ضوء الركود الذى شهده الاقتصاد نتيجة الصراع على السلطة فى بداية العام المالى الذى انتهى بالإطاحة بالإخوان المسلمين خارج منظومة الحكم.
ويأتى الجزء الأكبر من الاستثمارات الأجنبية فى مصر من قطاع الاستخراجات بشكل تاريخى.
وتشمل بقية المساعى الحكومية طرح ما يسمى بـ «المشروعات القومية الكبرى»، وهى مشروعات كبيرة يشمل الواحد منها عدة فرص لإقامة استثمارات جديدة.
كما تعد لعقد مؤتمر اقتصادى تطرح فيه الفرص الاستثمارية المتاحة لجذب استثمارات ومساعدات فى نفس الوقت.
ومنذ العام 2010 ومعدل الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر يشهد تراجعاً ملحوظاً ليصل إلى 4.6 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2013 وحتى مارس 2014 مقابل 13.2 مليار دولار خلال عام 2007 ــ 2008.
يذكر أن تقريراً أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصرى بعنوان «تقييم بيئة مناخ الأعمال فى مصر والدروس المستفادة من التجارب الدولية» أن إجمالى صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر خلال الفترة من 2007 ــ 2008 إلى 2012 ــ 2013 بلغ نحو 37.3 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن عدم الاستقرار السياسى كان من أهم المعوقات للاستثمار فى مصر بنسبة %22.9 تلاها عدم الاستقرار الحكومى بنسبة %17.7 ثم الجريمة والسرقة بنسبة %9.3 وذلك وفقا لتقرير التنافسية العالمية عام 2013-2014.
وقال هانى توفيق، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر إنه ليس هناك استثمار دون استقرار، سواء كان استقراراً سياسياً وهذا غير متاح فى ظل عدم وجود برلمان منتخب، أو استقراراً أمنياً وهذا أيضاً غير متوفر فنحن نرى ما يحدث على الساحة المصرية من انفلات أمنى شديد، أما الاستقرار التشريعى فنحن لم نسلم من القضايا المرفوعة ضد المستثمرين اضافة إلى منع الاستثمار الأجنبى فى سيناء و وحتى بالنسبة لاستقرار السياسات النقدية والمالية، فالضريبة على الشركات قد زادت بالاضافة إلى زيادة سعر الفائدة وكل هذه المشكلات تعد طاردة للاستثمار وليست جاذبة أبدا للاستثمار الأجنبى فى مصر.
وأوضح توفيق أن الدولة فعلت كل ما يتطلب لاعاقة الاستثمار الأجنبى فى مصر، فلا يكفى الرئيس «السيسى» أن يظهر فى المؤتمرات مخاطباً الناس من اجل تشجيع الاستثمار يجب أن تكون هناك تسهيلات على ارض الواقع فى كل الاتجاهات السابق ذكرها.
واشار إلى انه من المتوقع أن تعود الاستثمارات الأجنبية إلى مصر مرة اخرى بل واكثر بشرط أن تحقق الحكومة المناخ المناسب للاستثمار لتوافر رؤية اكثر تفاؤلاً فى الفترة الحالية، فالبلد تنهض من جديد، وهناك مناطق عديدة تشهد عمليات تنمية موسعة، إضافة إلى فتح اسواق جديدة تتسع لـ 90 مليون فرد يرغبون فى حياة كريمة ولكن على الحكومة أن تدرك ذلك.
وشدد على أهمية وجود امن سياسى على حد قوله، نتيجة كثرة العمليات الارهابية التى تشهدها البلاد، اضافة إلى ضرورة وجود سياسات مالية ونقدية توسعية وليست انكماشية بجانب وجود سياسات تشريعية جاذبة للاستثمار وحماية لكل من المستثمر ومتخدى القرار.
قال الدكتور وليد حجازى، الشريك المؤسس لمكتب حجازى وشركاه «كرويل اند مورينج» إن الاستثمار بشكل عام مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسى اضافة إلى الاداء الحكومى، ويبدو أن هناك استقراراً فعلى الرغم من تحسن هذا الوضع فى الفترة الحالية، فإن حالة الاحتقان والاستقطاب التى تشهدها البلاد تسببت فى عدم زيادة الاستثمار الأجنبى بالشكل المرغوب، مطالباً الإعلام فى مصر بالعمل على انهاء حالة الانقسام والتشدد ومحاولة تقليل حالة الاستقطاب بين الناس وجمع شمل المصريين فى اتجاه واحد، كل هذا يعمل على جذب المستثمر الأجنبى.
واوضح حجازى أن الاستقرار السياسى يترتب عليه استقرار امنى، فكثرة المظاهرات والاعتصامات والحديث المستمر فى وسائل الاعلام المحلية والدولية عن الارهاب تؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية وتدفع المستثمرين للهرب إلى دول شرق اسيا مثل الهند.
واكد أن تقييد الحريات يعتبر سبباً رئيسياً فى عدم جذب الاستثمار الأجنبى، إضافة إلى عدم الثقة فى الحكومة، مضيفا أن الاصلاحات التى سبق ذكرها سواء كانت اصلاحات سياسية أو اقتصادية أو تشريعية لن تساعد إلا على حل جزئى للمشكلة، موضحاً انه لابد من إجراء اصلاح فى تنظيم التعامل مع المستثمر الأجنبى والتسويق الجيد لكى نتخطى حاجز الـ 4 مليارات صافى دخل الاستثمار الأجنبى هذا العام حتى الان اضافة إلى أهمية تحسن الوضع السياسى والامنى والاجتماعى فى البلد.
والقى حجازى باللوم على البيروقراطية التى يتم التعامل بها مع الاقتصاد والاستثمار المباشر بشكل خاص، وطريقة تعامل الموظف المصرى مع المستثمر والرشوة والقيود الجمركية.
فيما قال محمد البهى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إن متطلبات عودة الاستثمار الأجنبى إلى مصر واضحة وتتضمن اليات محددة أولاها ثبات القوانين والتشريعات الخاصة بالاستثمار خاصة فيما يتعلق بفرض ضرائب أو رسوم جديدة لأن المستثمر الأجنبى دائما ما يجرى دراسات على السوق المصرى يكون من ضمنها تكلفة الانتاج.
وشدد «البهى» على أهمية إجراء تعديل تشريعى، وهذا ما تحاول أن تقوم به الدولة فى الفترة الحالية من خلال لجنة مشكلة للاصلاح التشريعى فعلى الدولة أن تلتزم بحماية الاستثمارات الأجنبية.
واضاف انه يحب على القضاء عدم التسرع فى فرض بعض القيود على المستثمرين كمنع التصرف فى الأموال أو المنع من السفر، مبينا أن على الحكومة أن يكون لديها خريطة استثمارية توضح المميزات النسبية لكل قطاع اقتصادى ومتضمنة العائد من الاستثمار فى كل محافظة.
واكد «البهى» أن المستثمر الأجنبى يكون مستعداً دائما للسفر أو لتجميد نشاطه الاستثمارى فى حالة حدوث حالة من الانفلات الامنى فى البلد، والمصانع الوطنية بجانب المستثمر المصرى هم من وقفوا بجانب الاقتصاد المصرى ابان الازمات، واعتقد أن الوقت الحالى يعد مناسبا لعودة المستثمر الأجنبى من جديد فهناك طفرة واضحة فى الملف الامنى مع اختفاء المظاهرات الفئوية إلى حد كبير فكل هذه الرسائل يقرؤها المستثمر الأجنبى جيدا.
واوضح أن مصر فى الوقت الحالى تحتاج إلى الاستثمار المباشر اكثر من اى وقت مضى، فتآكل الاحتياطى النقدى والارتفاع المبالغ فى سعر العملة يفرضان علينا أن ننجح فى جذب استثمارات مباشرة من الخارج لعمل توازن بين الاستثمار المحلى والوطنى من جهة والاستثمار الأجنبى من جهة أخرى.
كتب: محمد مصطفى