آثار المنيا تبحث عن مكان على الخريطة السياحية

الطاقة الفندقية لا تتعدى 260 غرفة.. والمطار محجوز للوزراء فقط .. و انخفاض عدد الوافدين الأجانب بسبب حوادث الطرق

مستثمرو القطاع: لا توجد أى بنية أساسية حقيقية يمكنها استيعاب السائحين

أبريل المقبل.. افتتاح متحف ملوى بعد إعادة ترميمه بتكلفة 11 مليون جنيه

مدير قطاع التمويل: ألمانيا تساهم بـ 70 مليون جنيه لتطوير المتحف الآتونى

محافظة المنيا كانت عاصمة مصر، خلال سنوات ليست بالقليلة من الحكم الفرعونى.
منها أطلق «اخناتون» دعوته للتوحيد، ومنها اعتلت «الملكة نفرتاري» العرش.
كما أن جيش الفتح الإسلامى خاض إحدى أشرس معاركه ضد الحامية والحصن الرومانيين هناك، بمنطقة البهنسا، ما خلف مقابر أطلق عليها «البقيع الثانى» لاحتوائها على رفات أكثر من 70 من الصحابة.
كما يعتقد أن رحلة العائلة المقدسة، مرت بها، حيث يوجد دير العذراء وشجرة مريم وغيرهما من الآثار المسيحية القديمة.
رغم غزارة آثارها، فإن حجم الطاقة الفندقية بها لا يتعدى 260 غرفة. والاستثمار السياحى الخاص منخفض للغاية، ولا يتجاوز فندقين 3 نجوم، كما أن الترويج للآثار الموجودة بها ضعيف للغاية.
وتعتزم محافظة المنيا طرح مجموعة من الأراضى الصالحة للاستثمار السياحى لإنشاء فنادق 3 و4 و5 نجوم.
قال أسامة وديع، مدير عام السياحة، إن المحافظة بصدد إعداد كراسة الشروط لطرح 106.6 ألف متر مربع على المستثمرين لاقامة فنادق بنظام الـ B.O.T، بهدف زيادة عدد الغرف الفندقية بالمحافظة من 260 غرفة إلى 600 غرفة، وزيادة عدد الأسرة من 512 إلى 1000 غرفة.
وأوضح أن المنيا ثالث محافظات مصر ثراء بالمناطق الأثرية، بعد الأقصر والجيزة، لافتا إلى ارتفاع عدد الزائرين للمنيا من 191.7 ألف عام 2010 إلى 405 آلاف عام 2013، الأمر الذى يتطلب زيادة الطاقة الفندقية بالمحافظة لاستيعاب هذه الزيادة، فالمحافظة قادرة على استقبال 3 إلى 4 ملايين سائح حال استقرار الأوضاع الأمنية.
وذكر أن هناك انخفاضا ملحوظا فى عدد الزوار الأجانب من 14.13 الف عام 2010 إلى 1403 زائر عام 2013، نتيجة حالة الانفلات الأمنى التى عاشتها مصر، رغم الارتفاع الكبير فى عدد الزوار المصريين من 177.5 ألف عام 2010 إلى 403.7 ألف عام 2013.
وطالب بتشجيع السياحة الداخلية باعتبارها الأمل فى زيادة حجم استثمارات السياحة مرة أخرى، موضحا أن آثار المنيا تغطى 5 عصور تاريخية فرعونية وقبطية ويونانية ورومانية وإسلامية، وفى مقدمتها مناطق تل العمارنة بمركز ديرمواس التى شهدت ظهور عبادة التوحيد على يد «اخناتون»، إضافة إلى منطقتى الأشمونيين وتونا الجبل بمركز ملوى اللتين شهدتا امتزاج الحضارة الفرعونية باليونانية والرومانية.
وأكد استئثار منطقة آثار البهنسا مركز بنى مزار بحوالى %80 من زيارات السائحين للمحافظة، لاحتوائها على مقابر شهداء الصحابة الذين شهدوا فتح مصر، وشجرة مريم التى يعتقد أن المسيح وأمه السيدة مريم استظلا بها أثناء زيارتهما لمصر.
وكشف عن موعد افتتاح متحف ملوى والمحدد له أبريل القادم، بعد إعادة ترميمه بمعرفة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتكلفة قدرها 11 مليون جنيه، لافتا إلى أن المتحف يضم 1048 قطعة أثرية من جميع العصور.. لذلك تم تزويده بكاميرات مراقبة داخلية وخارجية، وإنشاء بعض البازارات والكافيتريات للزائرين.
وطالب «وديع» بوضع المتحف على خريطة السياحة العالمية لمصر، وتشجيع شركات السياحة المصرية على أن تكون زيارة المتحف ضمن برنامج زيارتها للوجه القبلى، حيث يهتم المرشد السياحى بزيارة تونة الجبل شرق ديرمواس أو مقابر الأشمونيين غرب ملوي، والعودة دون أن يمر على المتحف.
وأوضح أن متحف ملوي، أقدم متحف فى مصر الوسطى حيث تم افتتاحه عام 1963، ويضم 4 قاعات لعرض آثار من منطقة تونا الجبل، والأشمونيين، إضافة إلى العصرين اليونانى والروماني، والعصر الفرعوني.
وقال إن محافظة المنيا تبرعت بـ 3 ملايين جنيه للمساهمة فى إعادة هيكلة متحف ملوى عقب تعرضه للسرقة والتدمير فى أغسطس 2013 إثر فض اعتصامات موالية للرئيس المعزول محمد مرسى. ويقوم جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة بتنفيذ أعمال التطوير.
أسفرت عمليات السرقة والنهب بالمتحف وقتها عن اختفاء 1050 قطعة أثرية من أصل 1089 قطعة. ونجحت الوزارة فى استرداد 939 قطعة حتى الآن، ولم يتبق سوى 150 قطعة مازال البحث جارياً عنها.
قال اللواء محمد سامى، رئيس قطاع التمويل بوزارة الآثار، إن الوزارة تبحث مع عدة جهات أجنبية سبل تمويل إنشاء المتحف.. ومن المتوقع أن يتبنى الجانب الألمانى توفير السيولة المالية المطلوبة.
أضاف أن التكلفة المبدئية التى يحتاجها المتحف لاتمام أعمال إنشائه تبلغ نحو 70 مليون جنيه.
كان وزير الآثار الأسبق الدكتور محمد إبراهيم، قد قال فى تصريحات لـ «البورصة» إنه طبقا لاتفاقية التآخى بين متحف «هيلدسهايم» الألمانى والمتحف الآتوني، يقدم الجانب الألمانى بمقتضاها الدعم المادى للانتهاء من تنفيذ المرحلة الأخيرة من المتحف.
وتتمثل المرحلة الأخيرة فى العرض المتحفى وإنشاء قاعدة بيانات للمتحف ومعروضاته، وكان من المقرر أن يتبنى الجانب الألمانى حملة تبرعات لتمويل المرحلة النهائية من المتحف والتى تتكلف 70 مليون جنيه.
يقع مشروع المتحف على مساحة 25 فداناً على النيل مباشرة بالضفة الشرقية بمدينة المنيا، ويحظى بحديقة متحفية مزودة بنماذج أثرية. وسيضم مجموعة لتماثيل الملك «اخناتون» وزوجته «نفرتيتى» وبعض القطع الفرعونية التابعة لتلك الحقبة.
من جانبهم، أكد مستثمرو القطاع السياحى بمحافظة المنيا، أن المحافظة تفتقد جميع مقومات جذب السياح الأجانب إليها، إذ لا توجد أى بنية أساسية حقيقة يمكنها استيعاب أعداد السائحين. فالفنادق – التى تعد على أصابع اليد الواحدة- منها فندقان تابعان للمحافظة وفندقان تابعان للقطاع الخاص لا تتعدى طاقتهما 350 غرفة سياحية على أقصى تقدير.
وأشار إلى أن محافظة المنيا تدفع فاتورة إرهاب التسعينيات، إذ إنها كانت مدرجة ضمن «المدن الخطرة» طوال ما يزيد على 20 عاماً فى دول الاتحاد الأوروبى، ولم تكلف وزارة السياحة نفسها بإصلاح هذه الفكرة الخاطئة عن المحافظة.
كما أن عدم تشغيل مطار المنيا غير المستغل حتى الآن سوى فى زيارات كبار المسئولين للدولة، يعطل بشكل كبير تدفق السياحة الأجنبية إلى المنيا. فالسياح الأجانب يرفضون السفر عن طريق «الباص» خوفا من حواث الطرق.
وقال ثروت ملك، المستثمر بقطاع الفنادق والمنتجعات بمحافظة المنيا، صاحب فندق ومنتجع إخناتون بمدينة المنيا الجديدة إن قطاع السياحة فى محافظة المنيا، يواجه إهمالا جسيما من الدولة. فلا يوجد أى اهتمام حقيقى بحجم الآثار الموجودة بالمحافظة، وهو ما أثر تأثيرا شديدا على حركة السياحة الأجنبية رغم امتلاك المحافظة آثارا تؤرخ لجميع مراحل التاريخ المصرى بدءاً من الفرعونى مروراً بالرومانى والتراث المسيحى ومسيرة العائلة المقدسة، وصولاً إلى الآثار الإسلامية الموجودة فى البهنسا.
وأضاف أن دخوله فى مجال الاستثمار فى قطاع السياحة وإقامة فندق سياحى بالمنيا، كان بمثابة مغامرة حقيقية، حيث تسلم أرض المشروع عبارة عن «كومة من النفايات». فالموقع كان مخصصاً لاستقبال جميع مخلفات مدينة المنيا الجديدة على النيل.. وكلفه رفع هذه النفايات ما يزيد على نصف مليون جنيه، حتى يبدأ العمل فى الأرض ويضع أساسات الفندق.
وأشار إلى أن التكلفة الإجمالية لإنشاء فندق ومنتجع «جراند آتون» تتعدى 50 مليوناً.. وهو يسعى إلى تنفيذ عدد من التوسعات تضم قاعة أفراح وقاعة مؤتمرات، وملاهى، بالإضافة إلى شراء باخرة عائمة جديدة ستدخل الخدمة بداية العام المقبل، تتعدى تكلفتها 60 مليون جنيه. وتضم الباخرة قاعة أفراح ومطعماً فاخراً وغرفاً فندقية.
وأوضح «ثروت» أن السياحة انهارت تماما فى أعقاب ثورة يناير بمحافظة المنيا. ولم تبذل الدولة أى جهد لمحاولة إعادتها إلى معدلاتها والتى تعتبر متدنية جدا حتى فى أفضل أحوالها إذا ما قورنت هذه الأعداد بحجم الآثار الموجودة داخل المحافظة، فى تل العمارنة والبهنسا والأشمونيين وبنى حسن وشارونة وغيرها من المدن الأثرية فى المحافظة.
وطالب الهيئة العامة للتنمية السياحية بوضع المنيا على لائحة اهتمامها، إذ إن المحافظة لا تستطيع الإنفاق وحدها على تطوير المناطق الأثرية وتوصيل الطرق المرافق إليها. فغالبية المدن السياحية لا توجد طرق جيدة للوصول إليها.
من جانبه، أكد مجدى الهوارى، رجل الأعمال، صاحب فندق ومنتجع «جراند آتون» بمدينة المنيا الجديدة أن محافظة المنيا تعانى فقرا شديدا فى المنشآت السياحية، بسبب ضعف الإقبال السياحى الأجنبى أو العربى على زيارة المحافظة نظراً لغياب هذه البنية، وعدم وجود طريق جوى لنقل السائحين الذين يرفضون السفر برياً، بسبب حوادث الطرق المرتفعة على الطرق المؤدية لمحافظات الصعيد عموما.
وقال إن استثماراته فى المجال السياحى بالمنيا تتعدى الـ 90 مليون جنيه، بنظام المشاركه الـ B.O.T بين الشركة المالكة للفندق وبين محافظة المنيا، على أن تؤول ملكية المشروع إلى محافظة المنيا بعد 25 عاما.
وأوضح أن فندق «جراند آتون» يحتوى على 102 غرفة فندقية 4 نجوم بالإضافة إلى وجود مطاعم وحمام سباحة مغلق للسيدات، وحمام سباحة كبير وصالة لألعاب القوى وقاعة أفراح كبيرة.
وأشار إلى أن شركته تسعى إلى إنشاء مرسى لليخوت والبواخر المسافرة فى النيل بطول 28 متراً بتكلفة 5 ملايين جنيه. كما أنها ستتعاقد على شراء باخرة سياحية يملكها الفندق خلال العام المقبل.
وطالب «الهوارى» بضرورة توحيد جهات التخصيص، وإصدار التراخيص للمنشآت السياحية.
وأشار إلى أن وضع المنيا على الخريطة السياحية فى مصر، يتطلب وجود ما لا يقل عن 3000 غرفة فندقية ما بين 5 وثلاث نجوم، مع وضع خطة بالتعاون مع وزارة السياحة والمحافظة بهدف رفع معدلات السياحة الأجنبية الوافدة وطرح أراض للاستثمار السياحى بتسهيلات خاصة.