200 مليون جنيه إسترلينى فى بريطانيا.. والقائمة تضم «هونج كونج» تليها جنوب أفريقيا ولوكسمبورج
32 مليار دولار قيمة مبيعات الصكوك منذ بداية العام
شهد قطاع التمويل الإسلامى نجاحا ملحوظا خلال العام الجارى، بفضل إصدار عدد كبير من السندات الإسلامية من مصادر مختلفة، كالحكومات غير الإسلامية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وتصدرت المملكة المتحدة تلك الدول، لتصبح حكومتها الأكثر استفادة فى العالم الغربى من سوق الصكوك الذى ينمو سريعا، وذلك من خلال بيع سندات إسلامية بقيمة 200 مليون جنيه استرلينى فى يونيو الماضي، وتتبعها دول هونج كونج وجنوب أفريقيا ولوكسمبورج من حيث الأكثر إصدارا للصكوك.
وأفادت بيانات ﺷﺮﻛﺔ «ﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﻚ» المختصة ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﺍﺕ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻕ، بأن مبيعات الصكوك بلغت العام الجارى 32 مليار دولار.. لكن من غير المرجح أن تتجاوز المستوى القياسى الذى سجلته عام 2012 والذى بلغ 44.8 مليار دولار. ومن الواضح أن مبيعات الصكوك السيادية العام الجارى تشكل دفعة قوية لسوق الإصدارات بالعالم.
ويقول «نيل ميللر» محامى التمويل الإسلامى لدى شركة «لينكلاتيرز» للمحاماة، إن دخول 4 دول غير إسلامية العام الجارى يوحى بوجود زخم قوى فى سوق الصكوك.
وقالت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية، إن ازدهار سوق الصكوك يؤثر أيضا على قطاع التمويل الإسلامى فى الخليج الآخذ فى الازدهار. ورغم أن سوق الصكوك فى ماليزيا لايزال الأكبر والأكثر تطورا، فإنه توجد الإمكانات الأكبر فى دول الخليج الغنية بالبترول، حيث تنافس البنوك الإسلامية الآن فى العديد من الأسواق «الند بالند» مع المقرضين التقليديين وتحرز تقدما.
ولكن هناك مشكلة كانت تعانيها البنوك الإسلامية منذ فترة طويلة فى دول الخليج، وهى عدم وجود أصول سائلة متوافقة مع الشريعة.. ما أدى إلى تراكم سريع فى الودائع فى السنوات الأخيرة.
ولذلك أتاحت له الصكوك مخرجا كانت البنوك الإسلامية الغنية بالنقدية فى دول الخليج فى أشد الحاجة اليه.
ويبدو أن الطلب على الصكوك قوي، إذ إن الطلب على الصكوك التى أصدرتها المملكة المتحدة بقيمة 200 مليون جنيه استرليني، تجاوز 2 مليار جنيه استرليني. فشهية المستثمرين كانت قوية ولاسيما من قبل دول الخليج. وعلى سبيل المثال، تم الاكتتاب فيما يزيد على %60 من أول إصدار للصكوك فى «لوكسمبورج» بقيمة 200 مليون يورو إلى مستثمرى الشرق الأوسط.
وتواجه أيضا الدول الأقل تصنيفا، صعوبة أقل فى الاقتراض من المستثمرين الإسلاميين المتعطشين لزيادة العرض. وعادت اندونيسيا إلى سوق السندات الإسلامية أوائل سبتمبر مع إصدار صكوك بقيمة 1.5 ملايين دولار، إذ بلغ الطلب عليها ما يزيد على 10 مليارات دولار. كما بلغ الطلب على الصكوك التى أصدرتها جنوب افريقيا بقيمة 500 نحو 2.2 مليار دولار.
ويقول «سيروحي»: «لاتزال ديناميكية العرض والطلب تميل نحو الطلب».
ويتساءل العديد من المستثمرين عما إذا كان نجاح الإصدارات السيادية الغربية للصكوك سوف يشجع مزيدا من الشركات سواء الغربية أو الخليجية، على أن تحذو حذو الدول، وتحول سوق الصكوك الآخذ فى النمو بقوة – على نطاق ضيق نسبيا- إلى أداة تمويل قوية على قدم المساواة مع أسواق السندات الأخري.
وتكمن الأهمية الأكبر لمبيعات الصكوك السيادية فى تمهيد الطريق للشركات، ولاسيما الشركات الغربية، نظرا إلى أنها يمكن أن تساعد على جعل الهياكل القانونية التى غالبا ما تكون معقدة، أكثر مرونة.
ويقول «ميللر لدى لينكلاترز»، إن الشركات لا ترغب فى أن تكون أول المصدرين فى أى سوق جديد، لذلك نحتاج إلى الحكومات لتمهد الطريق.
وهناك بعض العلامات المشجعة فى هذا الصدد، فقد بدأ بنك «جولدمان ساكس» فى إصدار الصكوك الاسلامية العام الجاري، ليصبح ثالث بنك عالمى يصدر ويبيع صكوكا بعد بنك «إتش إس بى سي» و«نومورا».
ومن الملاحظ أن الشركات التى أصدرت سندات إسلامية، بما فى ذلك «إتش إس بى سي» و«جنرال اليكتريك» و«نومورا»، لم تعد مرة أخرى إلى السوق، فهى ترى أنها ليست مضطرة إلى الدخول فى عملية طويلة ومكلفة من التعامل مع العلماء والمحامين والمصارف الإسلامية لإصدار صكوك، فى حين أنه من الأسهل والأقل تكلفة بالنسبة لها أن تصدر سندات تقليدية.
ولكن الرئيس التنفيذى للبنك الاستثمارى الإسلامى القطرى «كيو انفست»، «تميم الكواري»، يقول إن الشركات التى تتجاهل إمكانات سوق الصكوك تهدر فرصة كبيرة من خلال فقدان أداة تمويل بديلة آخذة فى النمو على نحو متزايد.
وأشار «الكواري» إلى أن الوقت الذى يُستغرق فى إصدار الصكوك أصبح مختصرا على نحو كبير فى السنوات الأخيرة والهياكل والوثائق القانونية باتت موحدة على نحو أكبر.
ومن جانبها، قالت وكالة «رويترز» إن الأسواق الافريقية تنفتح تدريجيا نحو التمويل الإسلامي، وقد شجعها على ذلك مبيعات الحكومات من الصكوك السيادية والجهود التشريعية التى تهدف لجعل القطاع أكثر جاذبية للشركات فى أنحاء المنطقة.
وتستخدم الحكومات عبر القارة الافريقية، الصكوك كوسيلة لجذب المستثمرين الإسلاميين الأغنياء بالنقدية، مع إصدار جنوب افريقيا صكوكا بقيمة 500 مليون دولار فى سبتمبر. كما أصدرت السنغال سندات إسلامية فى يونيو بقيمة 208 ملايين دولار.
وقد تتبعها الحكومة التونسية قريبا من خلال إصدار صكوك مقومة بالدولار التى تأمل أن تصدرها نهاية العام الجاري، كما تفكر كينيا أيضا فى إصدار الصكوك.
ويتبع التمويل الإسلامى المبادئ الدينية بما فى ذلك حظر الفائدة والمضاربة؛ وللتوافق مع هذه القواعد، غالبا ما تخضع عقود الصكوك لضعف أو ثلاثة أضعاف الالتزامات الضريبية لأنها تتطلب عمليات نقل متعددة من الأصول الأساسية.
وقال رئيس قسم التمويل الاسلامى لدى شركة «كليفورد تشانس» للمحاماة، إن الدول التى تدرس المعالجة الضريبية للصكوك تتضمن المغرب ومصر وتونس ونيجيريا والسنغال وجنوب افريقيا.
ومثل هذه التشريعات تحفز مزيدا من المستثمرين على الدخول إلى قطاع التمويل الإسلامي، بما فى ذلك أكبر بنكين فى المغرب هما «بى إم سى إي» و«بى سى بي»، اللذان يعتزمان افتتاح فرعين إسلاميين.