أدت الاضطرابات التى شهدتها الأسواق العالمية إلى أكبر انخفاض منذ أكثر من عام فى الاستثمار فى أسهم الأسواق الناشئة.
وأفادت البيانات الصادرة عن معهد التمويل الدولى، الذى يتابع جميع الاستثمارات عبر الحدود فى البلدان النامية من قبل غير المقيمين، بأن المستثمرين سحبوا 9 مليارات دولار من الأسهم عبر أفريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق أوروبا وآسيا خلال شهر أكتوبر.
وتراجعت شهية المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة نظراً لتفاقم تداعيات تباطؤ النمو فى الصين وإنهاء برنامج التحفيز النقدى فى الولايات المتحدة جراء التوتر العام بشأن النمو العالمى الذى جاء أقل من المتوقع.
وخسر مؤشر «فوتسي» للأسواق الناشئة، الذى يضم أسهم البلدان الناشئة بما فى ذلك الصين والبرازيل والهند، ما يزيد على %10 منذ أوائل سبتمبر الماضي.
وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى المعهد الدولى للتمويل، شارلز كولنز، «قد توقفت بوجه عام التدفقات إلى الأسواق الناشئة، وكان هناك بعض الاستقرار فى الأيام الأخيرة ولكننا نتوقع استمرار نمط ارتفاع تجنب المخاطر وتوقعات تغيير الاحتياطى الفيدرالى لمعدلات الفائدة».
وكان تراجع الاستثمار فى الأسهم واضحاً جداً فى أوروبا الناشئة، حيث ترك صراع روسيا مع أوكرانيا الشركات تواجه أزمة ائتمان محتملة ما لم تخفف العقوبات الغربية، وذلك وفقا لوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني.
ومع ذلك، أوضحت بيانات المعهد الدولى للتمويل أن التدفقات الاستثمارية إلى سوق الأسهم كانت ضعيفة فى أنحاء الأسواق الناشئة بما فى ذلك أمريكا اللاتينية ودول آسيا الناشئة، حيث طرحت شركة «على بابا» للتجارة الالكترونية أول اكتتاب لها والذى كان الأكبر فى العالم فى شهر سبتمبر.
وقال مدير صندوق لدى مجموعة «جى إيه إم»: «عندما تكون الأسواق هادئة يميل المستثمرون إلى التمييز بين الدول على نحو أكبر، ولكن الآن هناك رد فعل شامل فى أنحاء القطاع، فهناك بعض المشكلات المحلية فى بضعة أماكن مثل روسيا وفنزويلا والارجنتين ولكن ما يحدث الان هو فى الواقع بسبب الدول المتقدمة».
وأوضحت صحيفة الفاينانشيال تايمز أن شركات الأسواق الناشئة استقبلت مليارات الدولارات جراء الاستثمارات العالمية فى السنوات الأخيرة حتى الأزمة المالية، نظراً لأن البنوك المركزية فى الدول المتقدمة خفضت أسعار الفائدة وضخت السيولة فى الأنظمة المالية.
ولكن اعتماد سوق الأسهم فى الأسواق الناشئة على المستثمرين غير المحليين جعله معرضا بشدة لتغير مزاج المستثمرين حول العالم.
وسحب المستثمرون العام الماضى مليارات الدولارات من الأسواق الناشئة بعد أن أثار الاحتياطى الفيدرالى فكرة الحد من برنامجه التحفيزى، ورفعت الأسواق الناشئة أسعار الفائدة ردا على ذلك، وهو ما شجع المستثمرين على الإبقاء على أموالهم حيث كانت.
ويعتقد استراتيجى الأسواق الناشئة لدى بنك «جى بى مورجان»، ديفيد أسيركوف، أن الأسواق لم تضع فى اعتبارها حقيقة أن التراجع الأخير فى أسعار السلع بما فى ذلك البترول يعود بالنفع للغاية على الأسواق الناشئة.
وقال أسيركوف إن توقعات النمو فى الأسواق الناشئة على المديين المتوسط والطويل مازالت أكبر بكثير من تلك التى فى الأسواق المتقدمة رغم أن النمو الاقتصادى وعائدات الشركات فى السنوات الأخيرة كانت مخيبة للآمال.