وفرة الإمدادات وضعف الطلب يهددان باستمرار الأزمة العام المقبل
وجه عام 2014 لطمة قوية لأسواق السلع بسبب ضعف الطلب جراء الاداء الباهت للاقتصاد العالمى فى وقت عانت فيه مخازن المستهلكين من تخمة مع وفرة الامدادات فنجمت عنها اضطرابات هائلة حددت الخاسرين والرابحين فى هذا القطاع بدءا من النيكل وحتى فول الصويا.
وتعد السلع الأساسية هى الأسوأ أداءً من بين فئات الأصول فى 2014 وذلك للعام الثالث على التوالى، وتراجع مؤشر بلومبيرج للسلع الأساسية بنسبة %14 فى عام 2014، وهو ما يعد أدنى مستوى له فى خمس سنوات.
ويقول المحللون إن هذا الاتجاه قد يستمر فى عام 2015 والأوبك لا تحرك ساكناً حيال الحد من إنتاجها.
وقال إد مورس، محلل لدى «سيتى جروب»، من المنطقى أن يكون تباطؤ النمو العالمى المشكلة الرئيسية فى أسواق السلع ولكن عنصر الإمداد كان صاحب اليد العليا فى تلك المشكلة نظراً لأن عجلة الاستثمار تخلق دائماً تخمة فى الإمدادات فى بعض المناطق.
وتعد أهمية الإمدادات ملموسة على نحو كبير فى خام الحديد، أسوأ السلع الأساسية أداءً فى عام 2014.
وأوضحت صحيفة الفاينانشيال تايمز أن أسعار خام الحديد تراجعت بنسبة %50 العام الجارى ليسجل بذلك أدنى مستوى له فى خمس سنوات، إذ ألحق فيض الامدادات- ولاسيما من المناجم الأسترالية- ضرراً كبيراً بالسوق.
وكانت تخمة الإمدادات مسئولة أيضا عن انخفاض أسعار البترول، التى تراجعت أكثر من %45، ويقول المحللون إن سنوات عديدة من تجاوز أسعار البترول 100 دولار للبرميل أدى إلى ارتفاع هائل فى إمدادات البترول التى تغمر الأسواق بقيادة إنتاج الصخر الزيتى فى الولايات المتحدة، ويستعد المحللون والمتداولون لفائض ضخم فى إمدادات البترول خلال النصف الأول من العام المقبل، ما لم ينخفض الإنتاج أو يتعافى الطلب فى أوروبا وآسيا.
وقال مارك بيرفان، محلل لدى «إيه إن زد»، من الممكن أن نشهد فائضاً فى إنتاج البترول يبلغ 1.6 مليون برميل يومياً.
وأضر ازدياد الإمداد بالسوق الزراعى ضرراً كبيراً العام الجارى، إذ أدى المحصول الوفير فى نصف الكرة الشمالى إلى ازدياد المخزونات وانخفاض الأسعار.
ولكن الإمداد كان عاملاً رئيسياً أيضا لتحسن أداء بعض السلع فى عام 2014، إذ كان النيكل أفضل السلع تداولاً فى بورصة لندن للمعادن العام الحالي، وارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوياتها وبلغت 21.625 دولار فى شهر مايو، وذلك بعد أن حظرت إندونيسيا صادراتها من المعادن فى محاولة لتعزيز الصناعة المحلية.
أما بالنسبة للزنك، أدت توقعات غلق المناجم الكبرى إلى ارتفاع أسعاره بنسبة %6 فى بورصة لندن للمعادن، وسادت أخبار مؤكدة العام الحالى أن منجم «القرن»، أكبر منجم لانتاج الزنك فى أستراليا، سيتوقف عن الإنتاج فى عام 2015.
وطالت أيضا معضلة الإمدادات سوق النحاس، ففى الوقت الذى توقعت فيه الأسواق توافر فائض ضخم من المعدن الأحمر بداية العام الجاري، أخذت التوقعات باستمرار هذا الفائض فى التراجع على خلفية أخبار تعطل المناجم وانخفاض الإنتاج.
وقال المتداولون إن الطلب على العديد من السلع الأساسية أفضل مما كان متوقعاً فى بعض الأسواق، ولكن طفرة الطلب التى كانت ناجمة عن الارتفاع الهائل فى نمو الطلب الصينى من غير المرجح أن تعود.
وقال مدير قسم تداول السلع الآسيوية لدى «سوسيتيه جينرال نيو إيدج»، فو بينججيانج، إن العرض والطلب وجهان لعملة واحدة حتى أن أى تغير طفيف بهما من الممكن أن يحرك السوق، فاضطرابات الإمدادات التى دفعت أسعار المعادن إلى الارتفاع هى أشبه بالعقد الماضى عندما قاد الطلب ارتفاع الأسعار.