خيم خطر الانكماش على الاقتصادات العالمية رغم المساعي لمحاربته. فاليابان مازالت تعاني من انكماش الأسعار منذ 15 عاما، وقد خفضت توقعاتها لنمو التضخم هذا العام من واحد فاصلة سبعة في المئة إلى واحد في المئة. أما معدل التضخم في بريطانيا فقد حقق مستويات متدنية تاريخيا، كما وصلت الأسعار في منطقة اليورو إلى أدنى مستوياتها في أربعة عشر شهرا، فما مدى خطورة انكماش الأسعار؟ ومتى يكون تراجعها إيجابيا؟
الزميلة ليان عودة تسلط الضوء على مخاطر الانكماش الاقتصادي في تقرير بثته قناة “العربية”، حيث يوشك كابوس الانكماش أن يصبح حقيقة، فشبحه يطارد كبرى الاقتصادات من القارة الأوروبية إلى الآسيوية.
فمع انخفاض أسعار السلع بقرابة 60% منذ أن وصلت ذروتها في عام 2008 ولاسيما الخسائر التي تكبدتها أسعار النفط التي لا يقتصر تأثيرها على الدول المصدرة له، تتوالى تقارير تشير إلى تراجع الأسعار في الدول المتقدمة.
آخر أرقام سمعناها صدرت من بريطانيا، حيث هبط معدل التضخم بواقع النصف ليقع عند أدنى مستوياته على الإطلاق، كما أن أداء اقتصاد منطقة اليورو بات يعد الأخطر عالميا، وما زاد من خطورته تراجع الأسعار للمرة الأولى منذ خمس سنوات في ديسمبر.
وانكماش الأسعار ليس بالضرورة أمرا مضرا للاقتصاد، فبعض المحللين ألقوا الضوء على السيناريو الأكثر تفاؤلا، وهو أنه قد يأتي نتيجة تحسن الإنتاجية وتراجع تكاليف الواردات مما يزيد الدخل المتاح وبالتالي الإنفاق.
لكن في الحقيقة فمعظهم غير متفائل، ففي أغلب الأحيان عندما يقع أي اقتصاد في كماشة الانكماش، فمن الصعب الخروج منه.
والاقتصاد الياباني يعد مثالا حيا، فالحكومة تعمل بكل جد لرفع الأسعار منذ عام تسعة وتسعين، وآخر مساعيها كان إطلاق سياسة شينزو آب أو Abenomics الميسرة، لكن حتى الآن لم تنجح هذه السياسة برفع معدل التضخم الذي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ أربعة عشر شهرا في نوفمبر، ما يبقيه بعيدا عن المستوى المستهدف من قبل الحكومة.
في الوقت ذاته، تبع بنك اليابان خطوات الاحتياطي الفيدرالي، وبنك انجلترا بتبنيه سياسات تحفيزية واسعة النطاق، إلا أن الاقتصاديين يعانون من مستويات تضخم متدنية، وذلك رغم أن أحد الجوانب السلبية للتيسير الكمي هو الارتفاع القوي في معدلات التضخم.
ويصعب على الكثير منا فهم مدى خطورة الانكماش، فمن مصلحة المشتري انخفاض أسعار السلعة التي ينوي شراءها.
لكن الحقيقة أمر من ذلك، فأحد مساوئ انكماش الأسعار هو عدم إقبال مديري العمل على رفع رواتب موظفيهم إذا لم ترتفع أسعار السلع، أو الخدمات التي يقدمونها، بالتالي فإن الموظفين وهم أيضا من المستهلكين سيحجمون عن الشراء أو يؤجلون القرار لتوقعاتهم، وبالتالي فإن الأسعار ستواصل انخفاضها، مما سيؤثر على ربحية الشركات. وهكذا يدخل الاقتصاد في حلقة مفرغة.