الأموال العامة تذهب لمشروعات الجيش والحفاظ على الاستقرار السياسى
عندما تولى عبدالفتاح السيسى الرئاسة فى يونيو الماضي، تعهد بحل مشكلة الاقتصاد المضطرب، وبعد ثمانية أشهر وبفضل 20 مليار دولار من دول الخليج، صرح صندوق النقد الدولي، يوم 11 فبراير الجاري، بأنه بدأ يرى بعض علامات «التعافى»، ورفع توقعاته لنمو العام الجارى إلى %3.8.
وقالت الصحيفة إن على السيسى أن يجعل المصريين يشعرون أنهم أكثر ثراء أو ينتظر مصير الرئيس الأسبق محمد مرسى.
وذكرت مجلة «الايكونوميست»، فى تقرير لها، أن هناك بعض الأسباب للتفاؤل بشأن الاقتصاد المصري، إذ استطاعت مصر مؤخراً جذب وفود تجارية من اليابان بقيادة رئيس الوزراء شينزو آبي، ومن بريطانيا، التى تعد بالنسبة للبلاد أكبر مصدر للاستثمار، كما يرى مدراء صناديق الاستثمار المباشر فى دبى، أن مصر حتى الآن أفضل الأسواق المالية فى الشرق الأوسط. وصرحت شركة «بى بي»، عملاق الطاقة البريطانية، بأنها ستضخ 12 مليار دولار فى عمليات التنقيب المصرية خلال السنوات الخمس المقبلة. وأعلنت شركة «نستله»، مجموعة المواد الغذائية السويسرية، أنها سوف تستثمر 138 مليون دولار خلال الفترة ذاتها.
وأشاد المستثمرون بحفنة من الإصلاحات التى تبناها السيسي، مثل إلغاء جزء من الدعم على الوقود الذى خفض نسبة العجز لتصل إلى %12 من الناتج المحلى الإجمالي، ومن المتوقع أن يقترب من %10 العام الجاري، كما أدى التحرير الطفيف فى سعر الصرف إلى هبوط قيمة الجنيه، وهذا من شأنه أن يعزز الصادرات والسياحة.
ولكن غالبية تلك الشركات تستثمر بالفعل فى البلاد، مثل «نستله» و«بى بي»، وما زالت نسبة الاستثمارات لا تتجاوز %14 من الناتج المحلى الإجمالي. ويقول سيمون كيتشن، لدى «إى إف جى هيرميس»، يجب أن تكون نسبة الاستثمارات فى اقتصاد نام وصناعى أعلى من ذلك بكثير، وتبلغ حوالى %25 من الناتج المحلى الإجمالى لسنوات عديدة متتالية.
ولن تستطيع الحكومة سد فجوة الاستثمار، إذ يبلغ الدين العام %86 من الناتج المحلى الإجمالي، وأنظمة الدعم وأجور القطاع العام وأدوات خدمات الدين لا تزال تلتهم الجزء الأكبر من الموازنة، ويأمل النظام الجديد فى جذب المستثمرين الأجانب فى المؤتمر الاقتصادى المقرر انعقاده فى شرم الشيخ الشهر المقبل، وتهدف الحكومة إلى الحصول على التمويل لزيادة توليد الطاقة الكهربائية بنحو 30 ألف ميجاوات خلال السنوات العشر المقبلة؛ لتجنب تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
ويتوقع خبراء الاقتصاد، أن مصر تحتاج إلى استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 60 مليار دولار، أى ما يتراوح ما بين 10 و15 مليار دولار سنوياً، للوصول إلى النسبة المستهدفة من النمو البالغة %5 مطلع عام 2018.
ولم يقتنع الجميع بعد أن مصر جاذبة للاستثمارات على نحو كبير، فما زالت القواعد التنظيمية تشكل عائقاً أمام الاستثمارات، ومعظم الأموال العامة تذهب فى نهاية الأمر إلى مشروعات الجيش، كما أن العمالة المصرية غير ماهرة، وتكلفتها باهظة؛ نظراً إلى ارتفاع أجور القطاع العام.
ويقول عمرو عادلي، لدى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولي، إن الإنفاق العام ما زال موجهاً إلى الحفاظ على الاستقرار.
ويعد قطاع السياحة، الذى يسهم بما يزيد على %10 فى الناتج المحلى الإجمالي، فى حالة يرثى لها، إذ بلغ عدد السائحين العام الماضى أقل من ثلث عددهم فى عام 2010، فضلاً عن ذلك، فإن مصر فى حاجة إلى فعل أكثر من مجرد الوقوف على قدميها، فهى تعانى نقص الطاقة، وتحتاج 300 ألف ميجاوات إضافية خلال 10 سنوات قادمة، وتردى حالة الطرق والمستشفيات والمدارس والمساكن، ناهيك عن فرص التوظيف الضئيلة فى بلد من المتوقع أن يصل عدد سكانه إلى 116 مليوناً مطلع عام 2030.
وتحتل مصر المرتبة 100 من أصل 144 دولة فى تصنيف المنتدى الاقتصادى العالمى للبلاد فى قطاعات النقل والكهرباء والاتصالات، فى حين تحتل المركز 140 من أصل 144 من حيث مستوى الأمن. ومن الجدير بالذكر، أن الاقتصاد المصرى شهد حالة من الركود منذ عام 2011، عندما انتشرت الاضطرابات فى جميع أنحاء المنطقة، وهروب المستثمرين والسائحين، وتراوح النمو فى البلاد منذ ذلك الحين حول %2 وتجاوزت معدلات البطالة والفقر %10، ولم يتم سداد الديون لشركات البترول والغاز الأجنبية جراء إفلاس الدولة، وحتى الآن تعتمد الحكومة على الخليج.