البيروقراطية وتعدد جهات الولاية والفساد الإدارى ثالوث مدمر لبيئة الاستثمار يجب نسفه
مصر قادرة على جذب استثمارات كبيرة ورؤية الحكومة ستحدد أحجامها
وتيرة التصالح مع المستثمرين تسارعت بشكل كبير ونتمنى ثبات هذا التوجه
«ابنى استثمارك الآن بالأسعار الزهيدة الحالية قبل إصلاح المنظومة ودفع علاوة لدخول السوق المصرى».. نصيحة وجهها عمر مغاورى، المدير العام لشركة لشركة فرست اكويتى «FEP – مصر»، للمستثمرين الباحثين عن فرص جيدة بتكلفة زهيدة.
وقال مغاورى، فى حوار مع «البورصة» إن المخاطر الجيوسياسية والهيكلية والبيروقراطية الإدارية تمثل معامل خصم لأى استثمار يرغب دخول السوق المصرى حالياً، إلا أن المساعى الحكومية لإصلاح المنظومة قاربت على الانتهاء ما سيرفع تكلفة دخول السوق على المستثمرين بشكل كبير.
وأثنى مغاورى على الجهود الحكومية المبذولة خاصةً من جانب وزراء المجموعة الاقتصادية لإصلاح الهيكل الإدارى للاستثمار، إلا أنه رأى أن التعديلات التى تم إجراؤها على قانون الاستثمار تأخرت كثيراً وجاءت أقل من سقف الطموح الذى حددته المجموعة نفسها، كما أن الفترة بين الإعلان عن المسودة النهائية والمؤتمر الاقتصادى غير كافية لإطلاع المستثمرين عليها.
كما انتقد مغاورى تأخر تفعيل الشباك الموحد لـ 18 شهراً، ما يعطى رسالة بأننا غير جاهزين فى الوقت الحالى، ودعا إلى تقليص هذه الفترة.
وأقر مجلس الوزراء قبل أيام مسودة المرسوم الرئاسى بشأن مشروع قانون الاستثمار، الذى يتضمن تعديلات تشريعية لتحفيز الاستثمارات وطمأنة المستثمرين فى مصر، وقال رئيس الوزراء إن مشروع القانون قد أُحيل إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى لإقراره قبل المؤتمر الاقتصادى.
طالب المدير العام لشركة فرست اكويتى بارتنرز «FEP» – مصر بضرورة أن تتضمن خطط الحكومة خلال مؤتمر مصر المستقبل تصوراً ورؤية كاملة تتضمن الأهداف والاستراتيجية والرسالة التى تسعى الحكومة لوصولها إلى المستثمرين، والقطاعات التى تبحث الحكومة عن تنميتها، مع ضرورة وضع حوافز استثمارية للقطاعات بطيئة الحركة وكثيفة رأس المال، بالإضافة إلى المناطق النائية.
فى الوقت نفسه، أعرب مغاورى عن أمله فى أن تكون الحكومة جاهزة بإجابات واضحة عن تساؤلات المستثمرين حول جاهزية البنية التحتية والمخطط بالنسبة للطاقة، وهل ستطرح مناطق شاملة تتضمن مشروعات للطاقة لتلبية احتياجات كل منطقة، أم سيتحمل كل مستثمر تكاليف إنشاء مصدر الطاقة الخاص به.
كما طالب بأن تكون هناك معادلة توازن بين فرص العمل التى يوفرها المشروع ومجموعة الحوافز الاستثمارية، لتشجيع إقامة صناعات جديدة وزيادة وتيرة التوظيف.
«كل ما سبق لا يقلل من أهمية تأمين الموظف العام الذى يحتاج إلى صدور قانون يحفزه على اتخاذ القرار» يقول مغاورى، الذى أضاف أن الفلسفة التى تأسست بها هيئة الاستثمار والهيئات العامة فى مصر بشكل عام تقوم على تيسير مناخ الاستثمار وليس الرقابة، حيث يتعامل المستثمر مع أكثر من 20 جهة فى المتوسط حتى يظهر مشروعه إلى النور، وفى بعض الأحيان قد يصل إلى 40 جهة من أصل 58 جهة ولاية فى مصر.
التقارير الأخيرة من صندوق النقد الدولى عن مصر أشادت بالمجهودات التى تبذلها الحكومة فى مجال التشريعات وتحفيز الاستثمار والخطط الجريئة لرفع الدعم، بالإضافة إلى التسريع من عمليات التصالح مع المستثمرين.
ورغم حل عدد لا بأس به من النزاعات بين الحكومة والمستثمرين إلا أن مغاورى قال: «نتمنى أن يتحول هذا الاتجاه إلى منظومة سريعة واضحة المعالم أو تدشين مؤتمر قمة كل سنة لحل نزاعات الاستثمار».
فمن وجهة نظر المدير العام لشركة فرست اكويتى بارتنرز – مصر، تعد مطالب أى استثمار أبسط بكثير مما تسعى الحكومة لوضعه، حيث يحتاج المستثمر إلى ثبات المنظومة التشريعية ووضوح فى رؤية الحكومة للمشروعات المطروحة والالتزام بالتعاقدات، أما باقى حوافز الاستثمار تأتى فى المرحلة الثانية لمطالب المستثمرين.
أضاف أن أكبر المشاكل المرتبطة بالاستثمار فى مصر منذ منتصف التسعينات من القرن الماضى تتمثل فى البيروقراطية الحكومية الرهيبة واللف على الدولاب الحكومى، وتعدد جهات الولاية والفساد الإدارى المزعج، وهو الثالوث الذى أصبح من الثوابت المصرية».
وقال عمر مغاورى إنه يجب تقديم كشف حساب بعد المؤتمر فى شهر سبتمبر المقبل كحد أقصى، لمراجعة المستثمرين ومتابعة المشروعات التى اتخذوا خطوات نحو تنفيذها أو تعطلت، وبحث أسباب التأخر، لتكوين رؤية كاملة وواضحة عن المشاكل.
على الجانب الآخر، قال مغاورى إن شركة «FEP» فيرست اكويتى بارتنرز هى واحدة من شركات إدارة الأصول الإقليمية لها مكتب بدوله البحرين ومصر، وتعود ملكيتها إلى مجموعة من المستثمرين الكويتيين وتدير أصولاً بقيمة 3 مليارات دولار من المغرب للعراق، ولديها محفظة عقارية فى لندن، ويتركز أكثر من ثلثى استثماراتها فى المجال الصناعى.
ومؤخراً استحوذت «EFP» على %67 من شركة البيت الأبيض، التى تنشط فى رعاية الشركات الصغيرة والمتوسطة وقيدها ببورصة النيل.
وقال مغاورى إن الشركة تستهدف خلال عام 2015 عوده نشاط إدارة المحافظ لـ«البيت الأبيض»، وتوقع أن يصل حجم الأصول تحت إدارة البيت الأبيض إلى مليارى جنيه بنهايه العام الجارى فى كل من محافظ الاستثمار المباشر والاستثمار بالبورصة.
وتعمل الشركة حالياً على إعادة هيكله شركة «البيت الأبيض» وزيادة رأسمالها، فضلاً عن تفعيل نشاط إدارة المحافظ وجلب كوادر جديدة مدربة، وإضافة إدارة للبحوث، وتطوير النظام الأساسى للشركة وتقوية بنيتها التحتية.
أوضح أن «البيت الأبيض» ستوجه الأموال تحت إدارتها للاستثمار المباشر فى مجال الصناعة الثقيلة وفى الصناعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تدرس حالياً عدة شركات تعمل فى مجال الصناعات المتوسط تتراوح أحجامها بين 200 و250 مليون جنيه.
كما أسست «FEP» شركة «إنجازات مصر» برأسمال 10 ملايين جنيه منتصف العام الماضى لتستثمر بشركات الأغذية الصغيرة والمتوسطة، واستحوذت على حصص حاكمة بشركتين فى قطاع الصناعات الغذائية عن طريق زيادة رؤوس أموالها، كما تشارك فى فتح أسواق لهذه الشركات وتزويدها بالخبرات اللازمة للنمو.
وتخطط الشركة لتكوين محفظة تضم من 4 إلى 5 شركات فى القطاع الغذائى ثم الانتقال إلى شركات تخدم هذا النشاط، وأوشكت على توقيع عقد الاستحواذ على شركة جديدة، فضلاً عن دراسة عمليات استحواذ على شركتين أخريين.
وأشار مغاورى إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعانى مشكلة عدم وجود تعريف موحد لها، بالإضافة إلى مساواتها بالشركات الكبرى فى ضمانات القروض والضرائب، وعدم تحفيز تلك المشروعات من جانب الدولة لتشجيع مساهمة المنتج المحلى فى الصناعات.
وقال إن إيجاد بيئة ناجحة لنمو هذه الصناعات يحتاج إلى تحفيز الطلب على منتجات الشركات الصغيرة وخلق أسواق لها، وتوفير بدائل تمويلية رخيصة.
وكشف مغاورى عن اقتراب شركته من استكمال الاستحواذ على شركة «أوريكس» المتخصصة فى إنتاج الخرسانة ومواد البناء بإمارة الفجيرة مقابل 500 مليون درهم إماراتى، وكانت الشركة قد استحوذت فى وقت سابق على %50 من «أوريكس» مقابل نصف مليار درهم.
وتتوزع الشركات التابعة لـ«فيرست اكويتى» بارتنرز ما بين شركة “FSE” فى مصر والتى تشرف على شركة حديد المصريين عبر المساهمة بنسبة %70، وشركة FEPM Building Material بالمغرب والإمارات وتشرف على الاستثمار فى مواد البناء، وشركة FESME تشرف على قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن FE TDAR وتعمل فى مجالات التوكيلات التجارية.
وتوقع عمر مغاورى أن تفتتح شركة «حديد المصريين » مصنع بنى سويف فى الربع الأخير من العام الجارى بتكلفة استثمارية 3.5 مليار جنيه لإنتاج نحو 830 ألف طن سنوياً من البيليت- خام الحديد، و530 ألف طن سنوياً من حديد التسليح، كما تشييد مصنع آخر فى العين السخنة بالتكلفة نفسها وحجم الطاقة الإنتاجية تقريباً، على أن يتم افتتاحه فى النصف الثانى من عام 2016.