من على متن رحلة مصر للطيران العائدة بنا من شرم الشيخ إلى القاهرة أكتب هذه السطور بعد حضور المؤتمر الآقتصادي الناجح بكل المقاييس.
أكتب مؤيداً لفكرة العاصمة الإدارية او اي فكرة تؤدي لاستيعاب الزيادة السكانية أو تفريغ القاهرة من كتلتها الإنسانية نحو رحاب صحارينا الممتدة.
أكتب مؤيداً لنمط أداء الأعمال عن طريق إعطاء الارض لمستثمر ليطورها حتى لو أخذها مجاناً. اذ يكفي انه سيطور منطقة من العدم وسيوفر فرص العمل…الخ.
لكنني أكتب معترضا فقط على موقع هذه المدينة الجديدة أي كان اسمها.
موقعها سيجعلنا نواجه مشكلة حقيقية في مستقبل ليس ببعيد.
فاليوم امتد العمران امتدادا طبيعيا بالقاهرة شرقا حتى مدينتي ومدينة الشروق. وسرعان ما بدات الأراضي الواقعة بينهما وبين القاهرة الجديدة تمتلئ بالمشروعات السكنية غير العشوائية، وهذا تطور طبيعي لحركة الإسكان.
وعندما يتطور مشروع تنمية منطقة قناة السويس فمن المتوقع ان تتمدد مدينة السويس غرباً لاستيعاب السكان المتوقع قدومهم بالقرب من اماكن النشاط الاقتصادي الجديدة.
فإذا خلقنا مدينة مليونية في منتصف الطريق بين القاهرة والسويس فما هي النتيجة المتوقعة؟
أتخيل تقسيم وبيع أراضي من قبل الدولة للمستثمرين والمطورين العقاريين على طول الخط وأتوقع امتداد عمراني طبيعي للمدن الثلاث مثل بقعة الحبر حين تسقط على القماش.
وأخشى من ان تلتحم المدن الثلاث ليتحول الأمر إلى ديناصور إداري لا يمكن التعامل معه الا بصعوبة بالغة.
ستين كيلومتر ليست بالمسافة البعيدة اذا أردنا أن نفرغ القاهرة من السكان.
اذا التحمت المدن الثلاث وهذا وارد في ضوء ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الزيادة السكانية المتوقعة فسيكون الامر كارثيا.
موقع هذه المدينة يجب ان يكون في صعيد مصر.
ويستحسن ان تكون غرب وادي النيل وليس شرقه، لتكون خير نواة لمحور التعمير الذي اغلقنا ملفاته واعدناها إلى الأدراج.
في الصعيد كي تستوعب الآلاف من أهلنا الذين نصر على تجاهل احتياجاتهم حتى قرروا الانتحار في ليبيا!
في الصعيد كي نضرب عدة عصافير بحجر واحد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
في الصعيد حتى لا نضيف لجرائم تجاهلنا له جريمة جديدة.
في الصعيد حتى تصل التنمية لعقر دار المحافظات الاكثر فقرا والتي لا تمتلك مقومات التنمية (الفيوم وبني سويف)
في الصعيد كي لا يكون لإخواننا البعدا علينا حجة.