محللون: العلاقات بين الدولتين سياسية ولا تتعلق بأرقام الناتج المحلى الإجمالى
غض الدب الروسى، الطرف عن انخفاض عملة التنين الصينى بحوالى 4%، خاصة أن الروبل الروسى يعانى من تأرجحات مماثلة كل يوم تقريباً.
ولكن فى ظل اعتماد الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بشدة على علاقاته مع الصين كجزء من استراتيجيته للتحول نحو آسيا، فإن غض الطرف عن تباطؤ الاقتصاد الصينى ليس سهلاً.
وأعلنت روسيا الشهر الجارى، أن الركود تفاقم فى الربع الثانى مع انكماش الاقتصاد بنسبة 4.6% على أساس سنوى.
وتعد الصين الشريك التجارى الأكبر لروسيا، وشكلت 30.6 مليار دولار من واردات وصادرات موسكو فى النصف الأول من العام الحالى، وهو أقل بنسبة 28.7% من العام الماضى، وفقاً لبيانات دائرة الجمارك الروسية.
وتراجعت تجارة روسيا مع الصين بأقل من الدول الأخرى، وهو ما يعنى أن الأخيرة رفعت مساهمتها فى التجارة من 10.8% إلى 11.4%.
وقال أوليك كوزمين، اقتصادى فى بنك الاستثمار «رينيسانس كابيتال»، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن الحجم الهائل للاقتصاد الصينى يعنى أن الدولة سوف تستثمر فى فرصة مهمة بروسيا، حتى فى ظل النمو البطئ، موضحاً أن حجم صادراتها مازال كبيراً، كما انهم يشترون الكثير من روسيا.
وأشار كوزمين، إلى أن التركيز فى زيادة الروابط الاقتصادية بين الدولتين يعد أساساً مشروعاً سياسياً قائماً على صفقات كبيرة، مثل عقد تصدير الغاز لمدة 30 عاماً بين «جازبروم» الروسية، و«سى إن بى سى» الصينية العام الماضى.
وأضاف كوزمين، أن العلاقات بين الدولتين تقودها إلى حد كبير القرارات السياسية، والسياسة لا تفزع من كل هذه الأشياء المتعلقة بالناتج المحلى الإجمالى.
وأوضح تقرير الصحيفة البريطانية، أن المشروعات السياسية العظيمة غير محصنة من تأثير إغماءة الاقتصاد الصينى، ففى قطاع الطاقة، كانت تأمل «جازبروم» أن توقع اتفاقاً آخر للتصدير إلى غرب الصين.
ويعد هذا الاتفاق الذى يطلق عليه «الطريق الغربى» ذو أهمية خاصة للشركة الحكومية المحتكرة لصادرات الغاز، إذ يسمح لها بتوصيل الغاز من الحقول السيبيرية الغربية التى تنتج أقل من إمكاناتها الكاملة، ومع ذلك، تقول مصادر مطلعة، إن المفاوضات تسير ببطء.
وقال جواناثان ستيرن، مدير أبحاث الغاز فى معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، إن التراجع الحاد فى الطلب الصينى على الغاز العام الماضى عزز من قبضة بكين.
وقال ستيرن، إن الصين كمن يجلس فى مقعد القيادة، فمع الأداء السيئ للاقتصاد، وهبوط الطلب على الغاز، هما فى وضع أفضل بكثير فى تفاوضاتهم مع روسيا بشأن السعر. ومع ذلك، هنا بعض النقاط المضيئة، فالتراجع الحاد فى سعر الروبل منذ ديسمبر الماضى، حفز صادرات بعض المنتجات الروسية إلى الصين مثل زيت عباد الشمس، والمشروبات الكحولية.
وقال إيفينجى جافيرلينكوف، خبير اقتصادى فى «سبيربانك سى آى بي»، إن شركات التصنيع الروسية أصبحت تتمتع بتنافسية فى السوق الصينى، مضيفاً أن الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص تتكيف بسهولة مع زيادة وانخفاض الطلب الصينى.
وفى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء «ريا نوفوستى»، قال البنك المركزى الروسي، إن التخفيض فى الرنيمبى لن يكون له تأثير كبير على الروبل، بل وأكد أن تراجعه قد يكون سبباً فى قوة الروبل مستقبلاً من خلال مساعدته على تحفيز الاقتصاد الصينى، وبالتالى زيادة أسعار السلع.
وأشار جافيرلينكوف إلى ان التقلبات فى الروبل – الذى تراجع بنسبة 44% أمام الدولار فى الـ12 شهراً الماضية – هى ما تعوق الاستثمارات الصينية فى روسيا وليس الاضطرابات فى الرنيمبى كما هو معتقد، موضحاً أن هذه التقلبات تخلق بيئة غير صالحة لاتخاذ قرارات طويلة الآجل، وهذا ما يردع الشركات عن الاستثمار فى روسيا.