محللون: توقعات بزيادة عمليات الاستحواذ بالقطاع خلال السنوات الـ5 المقبلة.. والهند الأكثر رغبة
الشركات الأجنبية تسيطر على 55% من المبيعات و”الخاصة” تحاول المنافسة و”الحكومية” تصارع للبقاء
“غرفة الدواء”: ارتفاع متوسط أسعار الدواء بنسبة 25% مع زيادة الاستحواذات
توقع محللون ومتعاملون بالقطاع الدوائى، أن يظل القطاع الأكثر شهية للاستثمار العربى والأجنبى بعد القطاع الغذائى خلال العام الجارى، فى ظل الزيادة المستمرة فى عدد السكان وارتفاع الإنفاق العام على الصحة واتجاه الحكومة لتطبيق نظام صحى شامل يغطى جميع المواطنين.
وعلى الرغم من الأزمات المتكررة التى يشهدها القطاع نتيجة التسعير الجبرى للدواء وطول فترات التسجيل وزيادة تكاليف الإنتاج، لكن المحللين استبعدوا أن تقف تلك الأزمات حائلاً أمام المستثمرين لضخ استثمارات جديدة فى السوق المصرى.
وشهد السوق المصرى صفقات استحواذ عديدة من قبل شركات عربية وأجنبية داخل السوق المصرى خلال الشهور الماضية ومن المتوقع أن تزيد الاستحواذات خلال الشهور القليلة المقبلة، حسب المحللون.
وتعد صفقة استحواذ شركة “فاليانات الكندية” للصناعات الدوائية على شركة أمون مقابل 800 مليون دولار (6 مليارات جنيه)، هى الأعلى قيمة من بين عمليات الاستحواذ التى تمت الفترة الماضية.
وتعتبر شركة أمون إحدى أهم شركات الصناعات الدوئية فى مصر، حيث يقدر حجم أعمالها السنوى بنحو 210 ملايين دولار، ويتجاوز نموها السنوى 20%، وتتصدر “أمون” السوق المصرى فى أدوية الأمعاء، وضغط الدم، والمضادات الحيوية، والعقاقير البيطرية.
ولم تكن أمون الصفقة الأخيرة خلال العام الجارى، حيث قدمت شركة “تريكويرا بى في” الهولندية للدواء عرض شراء إجبارى لأسهم شركة مينا فارما بواقع 37.5 جنيه للسهم الواحد لتبلغ قيمة الصفقة 215.5 مليون جنيه.
واستحوذت شركة المهن الطبية للأدوية على مصنع شركة أيلى ليللى الأمريكية فى مصر مقابل 4 ملايين دولار (30 مليون جنيه)، كأول خروج لمستثمر اجنبى من السوق لصالح شركة مصرية منذ فترة طويلة.
وكشفت “البورصة” الأيام الماضية عن اعتزام شركة حكمة الأردنية للأدوية – أكبر شركات الأدوية بالشرق الاوسط – تقديم عرض استحواذ على 100% من أسهم شركة إيمك يونايتد للأدوية خلال الايام المقبلة.
وتنتج “إيمك” أكثر من 18 مستحضراً لعلاج الأورام فى السوق المصري، و8 مستحضرات للأمراض العادية، وتعد الشركة الأولى فى الشرق الأوسط وأفريقيا المنتجة لأدوية لعلاج الأورام.
وتتجه شركة أدوية أمريكية كبرى تمتلك مكتب علمى فى مصر لتقديم عرض استحواذ على شركة مصرية متعثرة منذ أشهر، ومن المتوقع أن يتم الاستحواذ خلال أيام قليلة مقابل نحو 350 مليون جنيه، حسب رئيس الشركة الذى فضّل عدم الكشف عن الصفقة لحين قطع شوط أكبر من المفاوضات.
ولم تقتصر الاستحواذات على قطاع الأدوية فقط، حيث شهد قطاع المستلزمات الطبية صفقة استحواذ قوية من قبل شركة “تى فى ام هيلثكير اكويزيشن” على كامل أسهم شركة “اميكو ميديكال للصناعات الطبية”.
ويرى أحمد عبدالغنى، المحلل المالى بشركة ريدج كابيتال، أن القطاع الدوائى مازال قادر أن يحتفظ بصدارة القطاعات الأعلى جذباً للاستثمارات الاجنبية، لارتباط أعماله بالنمو السكانى البالغ 2.1% سنوياً.
وقال عبدالغنى، إن العمالة المصرية تعد من أرخص العمالة فى الشرق الاوسط ومتوفرة بكثرة وهو ما يسهل على المستثمرين دخول السوق المصرى بإطمئنان، إضافة الى توفر مصادر الطاقة للقطاع طوال العام باسعار جيدة.
“مميزات سوق الدواء المصرى تغلبت على مشاكل تأخر مدة تسجيل وأزمة التسعير” حسب عبدالغني، الذى توقع أن يشهد السوق صفقات جديدة خلال الفترة المقبلة.
وتخطط الشركات المحلية لمنافسة نظيرتها العالمية الموجودة فى السوق المصرى من خلال تسجيل أدوية مبتكرة، وتطوير أنظمة الجودة وضخ استثمارات جديدة.
وقال أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، إن الاستحواذات الأجنبية ستؤدى إلى رفع متوسط سعر الدواء بنسبة تتراوح بين 25 و30% خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الشركات الأجنبية الجديدة دائماً ما تلجاً الى تسجيل أدوية مبتكرة بأسعار مرتفعة جداً مقارنة بمثيلاتها المحلية.
وأوضح رستم أن المستثمر الاجنبى يقوم بشراء المصانع القائمة بمستحضراتها وأنه “من الممكن أن يوقف المستثمر صناعة أى صنف ويسجل الأدوية الخاصة به بسعر أعلى”.
يرى رستم أن سوق الدواء مازال محط أنظار المستثمرين العرب والاجانب على الرغم من مشاكل التسجيل والتسعير، وقال إن أغلب المستثمرين الأجانب يستحوذوا على المصانع المصرية ويرفعوا قيمتها البيعية خلال 5 سنوات ويقوم ببيعها مرة أخرى لمستثمر آخر.
وأشار إلى أن السوق المصرى الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبى مقارنة بالدول المحيطة فى ظل نموه بنسب ثابتة تتراوح بين 10 و15%، إضافة إلى ارتفاع التعداد السكانى وتواجهات الحكومة لزيادة معدلات الانفاق على الصحة.
وتوقع رستم أن يشهد السوق خلال الـ5 سنوات القادمة عدد أكبر من الاستحواذات الاجنبية على شركات عاملة فى القطاع وبشكل خاص دولة الهند، ويضم قطاع الدواء 130 مصنعاً محلياً و6 مصانع أجنبية كبرى و20 مكتباً علمياً لشركات متعددة الجنسيات، إضافة إلى 800 شركة تجارية تصنع لدى الغير.
وحقق القطاع الدوائى مبيعات بقيمة 34 مليار جنيه خلال 2014 ومن المتوقع أن ترتفع الى 38 ملياراً بنهاية العام الجاري، حسب توقعات غرفة صناعة الدواء، وتستحوذ الشركات الأجنبية (20 شركة) على 55% من مبيعات سوق الدواء المحلى مبيعات بقيمة 20 مليار جنية، مقابل 14 ملياراً للشركات المحلية الخاصة والعامة.
وقال صلاح الشرقاوى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة نوفارتس مصر، إن المستثمر الأجنبى يضخ استثمارات فى الأسواق الواعدة، وإن الشركات العالمية لديها نظرة ايجابية ومتفائلة لسوق الدواء المصرى حالياً.
وأضاف الشرقاوى لـ”البورصة”، أن الاستثمارات الأجنبية ستساهم فى رفع جودة الدواء المصرى، مطالباً الحكومة بوضع آليات وضوابط للشركات لمنع احتكار أدوية معينة، وتستهدف “نوفارتس” التوسع داخل السوق المصرى من خلال ضخ ادوية لعلاج الأمراض المستوطنة مثل ادوية الاورام والسرطانات.
وتسعى شركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال، لمواكبة التطور فى سوق الدواء، لضمان استمرارها وسط المنافسة الشرسة من الشركات العالمية والخاصة، حيث تخطط الشركة القابضة لمشاركة شركات عالمية لإنشاء مصنع للخامات الدوائية وآخر لأدوية السرطانات، إضافة الى تطوير عدد من خطوط إنتاجها خلال العام المالى الجاري.
وقال محسن خلف، رئيس مجلس الإدارة السابق بشركة ممفيس للآدوية، إحدى شركات القابضة للصناعات الدوائية، إن شركات قطاع الاعمال تتكبد خسائر مستمرة لانخفاص أسعار الأدوية التى تنتجها مقارنة بالتكلفة الفعلية، ورفض وزارة الصحة تحريك أسعارها، إضافة الى ضعف القوة الدعائية لدى الشركات لعدم توافر سيولة مالية.
أكد خلف أن شركات قطاع الأعمال على قدر عالٍ من الجودة، وإن عدداً من الشركات العالمية تصنع بعض منتجاتها لدى شركات قطاع الأعمال.
وأضاف “لا صحة للشائعات حول عدم فعالية أدوية قطاع الاعمال وتهالك خطوط الانتاج، جميع الخطوط مطابقة للمواصفات العالمية”، وتابع أن 90% من الأطباء يتعاملون مع الشركات الخاصة والمالتى ناشيونال، نتيجة القوة الدعائية والعبوات المجانية التى يوفروها، ما ساهم فى تخفيض مبيعات الشركات الحكومية بنسبة 20%.
وتستهدف الشركات التابعة للشركة القابضة للأدوية، تحقيق ايرادات نشاط (شاملة شركة المصرية لتجارة الأدوية) تبلغ 11.3 مليار جنيه، مقابل 9 مليارات العام الماضى 2013-2014، حسب الموازنة التقديرية التى أعلنتها الشركة القابضة للأدوية.