الغرامات الضخمة وتكلفة سحب السيارات قد تطيح بالعملاق الألمانى.. وزيادة الضغوط على المصنعين
تعتبر شركة “فولكس فاجن” أكبر شركة ألمانية وأوروبية لإنتاج السيارات وتحتل المركز الثانى على مستوى العالم من حيث الإنتاج بعد شركة تويوتا اليابانية، وتعد ممولا أساسيا وعاملا رئيسيا فى الاقتصاد الألمانى بما تسدده من ضرائب، وما تقدمه من خدمات ووظائف.
ولكن فضيحة الانبعاثات التى ضربت شركة «فولكس فاجن» هزت قطاع الأعمال والمؤسسة السياسية فى ألمانيا، ويحذر محللون من أن تتطور الأزمة لتمثل تهديدا شديدا لأكبر اقتصاد فى أوروبا.
وتفجرت الفضيحة يوم 18 سبتمبر الماضى، عندما كشفت وكالة حماية البيئة فى أمريكا أن العديد من محركات الديزل التابعة لـ«فولكس فاجن» و«أودى» مزودة ببرمجيات تقوم بتشغيل التكنولوجيا المتحكمة فى انبعاثات أكسيد النيتروجين، ولكن عندما تكون السيارة تحت الاختبار فقط، وهو ما يعرف بـ«جهاز خداع اختبارات الانبعاثات».
والسيارات المزودة بذلك الجهاز تساعد المحرك على الإحساس بسيناريو اختبار الانبعاثات من خلال رصد السرعة، ووضعية تشغيل المحرك، وضغط الهواء، وحتى وضعية عجلة القيادة.
وعندما تعمل السيارة فى ظروف معملية مراقبة، والتى تتضمن وضع السيارة على منصة اختبارات الانبعاثات فى وضع الثبات، تضع أجهزة الخداع السيارة فى وضع يشبه وضع «الأمان» فى الكمبيوتر، ليبدأ المحرك فى العمل بمستوى أقل من مستوى القوة العادية له، ليظهر أداء أضعف من الطبيعى.
النتيجة الطبيعية أن يصدر المحرك انبعاثات نيتروجين أقل، إذ يبلغ حد انبعاثات أكسيد النيتروجين 0.07 جرام لكل ميل عند وضع السيارة تحت الاختبار، ولكن ما أن تنطلق السيارة على الطريق ترتفع نسبة الانبعاثات لتصبح 40 مرة أكثر من الحد المسموح به.
ولن تتوقف خسائر فولكس فاجن عند تكلفة سحب 500 ألف سيارة من الولايات المتحدة، وهى التكلفة التى تقدر بنحو 6.5 مليار يورو، بل يمتد الأثر المالى على الشركة إلى غرامة مالية يحق لوكالة حماية البيئة فرضها، وتبلغ قيمة الغرامات المتوقع أن تدفعها فولكس فاجن 18 مليار دولار.
كما سيضطر العملاق الألمانى لدفع تعويضات للمشترين، فضلا عن انهيار سمعة الشركة فى الأسواق العالمية، مما يهدد بدخول الشركة فى نفق مظلم، ومواجهة خطر الإفلاس، خصوصا مع حجم التعويضات المتوقع دفعها لبلاد أخرى.
وبحسب صحيفة فاينانشيال تايمز، تراجعت أسهم شركة «فولكس فاجن» بنحو 40% منذ الكشف عن الفضيحة يوم 18 سبتمبر، كما انخفضت أسهم شركات صناعة السيارات الأوروبية الأخرى- «بى إم دبليو» و«دايملر» و«بيجو سيتروين» و«رينو»- ولكن بنسبة أقل بكثير من «فولكس»، ما يؤكد مخاوف المستثمرين من أن تعجل فضيحة «فولكس فاجن» بتدهور سوق سيارات الديزل.
وأدت فضيحة «فولكس فاجن» إلى تدقيق أكبر من قبل المنظمين وفرض اختبارات انبعاثات أكثر صرامة، وهو ما يزيد من تكلفة إنتاج سيارات ديزل «نظيفة» فى قطاع يتنافس بالفعل على هوامش ربح ضئيلة للغاية.
وفى الوقت ذاته، ازداد الوعى العام بتلوث الديزل الضار، ما يدفع المستهلكين إلى تجنب استخدام هذا الوقود، لتزيد بذلك الضغوط الواقعة بالفعل على شركات صناعة السيارات لإيجاد تكنولوجيات بديلة- كهربائية بشكل رئيسى- للامتثال لخطة الاتحاد الأوروبى الصارمة لخفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى عام 2020.
وبعد فضيحة شركة «فولكس فاجن»، تتوقع شركة «إل إم سى أوتوموتيف» أن تشكل سيارات الديزل 35% فقط من مبيعات غرب أوروبا مطلع عام 2020، وسلطت تقارير متتالية الضوء على الآثار الضارة لأكسيد النيتروجين والجسيمات – الملوثات الناجمة عن المركبات التى تعمل بالديزل، ويُعرف عنها أنها تسبب مشاكل فى الجهاز التنفسي، وتتسبب فيما يزيد على 52 ألف حالة وفاة مبكرة سنويا فى المملكة المتحدة، وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن الحكومة البريطانية.
وأكدت المنظمات البحثية، ومنها المجلس الدولى للنقل النظيف، الذى ساهم فى كشف فضيحة «فولكس فاجن»، على المستويات المرتفعة لأكسيد النيتروجين المنبعثة من سيارات الديزل على الطريق، رغم امتثالها للقواعد التنظيمية «يورو6» فى الاختبارات المعملية.