تصميم معايير قياس الجودة أهم السبل لتحديد المشكلة ومواجهتها
تجلب الابتكارات سواء كان ذلك تقنية جديدة لاستخراج المياه، أو لحصاد المحاصيل او لتقديم اللقاحات أو لتعليم الطفل، فالابتكار والإبداع يحفز التنمية البشرية والنمو والازدهار ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن يؤدى فشل الابتكارات الى الشعور بالإحباط، ويرتبط التعليم والابتكار ارتباطا لا ينفصم فأحدهما لا يتحقق من دون الآخر لكن لا ينتج عنهما دائما حلقة حميدة مع الفوائد المستدامة وهذا هو السبب أنه من المهم أن نستوعب دروس ما لم ينجح فى الماضى من أجل مساعدتنا على إيجاد الحلول لجنى الثمار فى المستقبل.
ربما كان فشل التعليم الأكثر شهرة على نطاق واسع فى السنوات الأخيرة هو برنامج «كمبيوتر محمول لكل طفل» وهى اجهزة منخفضة التكلفة منخفضة استهلاك الطاقة وكانت البشرى أولا باعتبارها وسيلة لاكتشاف التكنولوجيا والفرص التى تجلبها، لكن المشروع فشل فى تحقيق تحسينات واسعة النطاق فى مستوى تعلم الأطفال.
فى بيرو، الذى أجرى أكبر برنامج مماثل لـ«كمبيوتر محمول لكل طفل»، حسبما ذكرت مجلة الإيكونوميست فى تقرير لها أن فقط 13-30%% من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم من سبع سنوات حققت مستويات التعليم المستهدفة، وعلى الرغم من تحسين فرص الحصول على الأجهزة التى تكلفت 225 مليون دولار.
وقالت جوليا جيرارد رئيسة وزراء استراليا السابقة فى مقالها المنشور فى جريدة فينانشال تايمز البريطانية إنها لم تتفاجأ فى رحلتها الأخيرة إلى شرق إفريقيا عند رؤية الفصول الدراسية كاملة مجهزة بالكمبيوترات الحديثة لكنها دهشت من قبل غرفة مزدحمة بآلات البيانو غير المستخدمة التى غطاها الغبار وهى مما لا شك فيه هدية من شخص جيد أو شركة تتطلع لتقديم مساهمة مناسبة وهذا لم يكن مجرد مضيعة للموارد ولكن مضيعة مكلفة لوقت المعلمين الثمين والموظفين الإداريين فتقديم التكنولوجيات الجديدة والمواد التعليمية شيء جيد ولكن هذه الأمثلة يجب أن تعلمنا أن نكون حذرين من الوعود السحرية.
أظهرت نتائج بحثية لمركز وايز للتعليم ومسح سوق العمل 2015 أن خبراء التعليم يقيمون النظام التعليمى فى بلادهم بأنه أكثر فعالية فى تدريس المواد الدراسية الأكاديمية الأساسية بدلا من مجموعة متنوعة من مهارات الحياة الحقيقية، مثل روح المبادرة وهذا يعنى ان علينا تعليم الأطفال أساسيات ضرورية، ولكن الأهم هو تعليمهم التفكير بعمق على نطاق اوسع.
يمكننا الابتكار فقط للحصول على جودة أفضل لكن عندما نتمكن من التصدى للتحدى المتمثل فى ضمان ان يذهب الأطفال إلى المدرسة فمن خلال الأهداف الإنمائية للألفية، وعد المجتمع الدولى أطفال العالم بإمكانية حصولهم جميعا على التعليم الابتدائى بحلول عام 2015، ومع ذلك تخلفت الخطة بنحو 60 مليون طفل.
وتضيف جيرارد أنه فى سبتمبر الماضى وافق زعماء العالم على الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، والطموح أكبر منذ ذلك ومن بينها الهدف الرابع الذى تطلب من القادة التركيز ليس فقط على إرسال الأطفال إلى المدارس الابتدائية، ولكن أيضا ضمان استمراراه طوال الـ12 عاما من التعليم، بالإضافة إلى التعليم ما قبل الابتدائى بطريقة شاملة ومنصفة وذات نوعية جيدة.
ويجب ان تتتركز أنظارنا الآن على زيادة فرص الوصول بالتعليم الاطفال وتقديم نوعية أفضل لهم من الدراسة وكلا الامرين حيوى عندما نعرف أن حوالى 250 مليون طفل فى البلدان النامية إما توقف عن الدراسة عند الصف الرابع أو فشل فى الوصول إلى مستويات أساسية من القراءة والكتابة والحساب بحلول ذلك الوقت.
إذا لم تتحقق هذه اللبنات الأساسية من التعليم، كيف يمكننا أن نتوقع مستوى معقولا من التنمية البشرية فى هذه المجتمعات؟
النقاش حول كيفية تحسين الجودة فى التعليم الأساسى حيا كما ينبغى أن يكون. وأعتقد جازمة أن النقاش يجب أن يفيد فى وضع قياسات منتظمة وموثوقة النتائج، وهذا أمر مهم لا سيما فى البلدان النامية. والطريقة الوحيدة الفعالة لقياس التقدم الذى يحرزه الأطفال هى من خلال تقييم الجودة عبر اختبارات مصممة تصميما جيدا تسلط الضوء على العوائق التى تحول دون تعليم جيد فإذا كنا لم نفهم ما يجرى خطأ، فليس لدينا أى أمل فى اصلاح ذلك الخطأ.
ويعد قياس التعليم أمرا مثيرا للجدل لكن بغض النظر عن المكان الذى تعيش فيه يجب أن تكون جزءا من جهودنا الرامية إلى تحقيق الأهداف العالمية الجديدة فهناك ثغرات فى معرفتنا لماذا يفشل الأطفال فى تعلم الأساسيات ونحتاج للأدوات المبتكرة التى تساعدنا على الإجابة على هذه الأسئلة.
ويعمل خبراء المنظمات والمراكز البحثية مثل معهد بروكينجز فى واشنطن العاصمة، ومبادرة الشراكة العالمية من أجل التعليم إلى ايجاد الحلول، وجذب المزيد من الشركاء فى هذه الجهود.
وتتمنى رئيسة وزراء استراليا السابقة أن تبدأ حملة لتحقيق الأهداف العالمية ونحن نرى محاولة ابتكار أكبر تركز على كيفية قياس النجاح وكيفية تقييم الحواجز التى تعطل تحسين الجودة حتى نتمكن من تطوير تعليم الأطفال فى الدول الفقيرة والنامية.
من أجل فهم ما يحدث سوف نحتاج المزيد من المال، ونحن نعلم أن مليارات الدولارات من التمويل الجديد مطلوبة حيث تقدر اليونسكو أن فجوة التمويل حوالى 40 مليار دولار سنويا، وهذه الفجوة لا يمكن ملؤها من قبل الدول المانحة التقليدية وحدها، فما نحتاجه الآن هو المشاركة والالتزام بالتعليم قبل الدول المانحة الجديدة، والقطاع الخاص والهيئات ومؤسسات العمل الخيرى ويجب أن يدعم التمويل الجديد أيضا زيادة الإنفاق على المدارس من قبل البلدان النامية.
ونحن ننظر إلى ما بعد عام 2015، دعونا ننتقل بجهودنا الرامية إلى إعطاء الأطفال تعليما بجودة عالية بدلا من أجهزة الكمبيوتر المحمولة غير المستخدمة والبيانو المغطى بالغبار.
بقلم: جوليا جيرارد رئيسة وزراء استراليا السابقة