خرجت الأسواق الناشئة من صيف ساخن نتيجة الانهيار المتسارع للعملات إلى خريف هادئ يتسم بتفاؤل طفيف.
ولكن هذا المزاج تبخر سريعاً، إذ عادت توقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية- سبب الصيف الحار للاقتصادات النامية، كما عاد الدولار إلى مساره التصاعدى مرة أخرى، وإذا أطلق بنك الاحتياطى الفيدرالى دورة من تشديد السياسة النقدية مع ارتفاع أسعار الفائدة فى ديسمبر، فمن المنتظر أن يكون شتاءً قاسياً على الأسواق الناشئة.
وقال بول ماكنمارا، مدير الاستثمار لدى «جام»: «السيناريو السيئ للأسواق الناشئة هو أن يرفع الفيدرالى أسعار الفائدة بشدة وتزداد قوة الدولار، والسيناريو المثالى أن تكون دورة عودة أسعار الفائدة إلى طبيعتها معتدلة للغاية».
وسيكون بعض الهدوء فى الأسواق الناشئة مرحباً به، لسبب واحد وهو أن تقلبات سعر الصرف المنخفضة تساهم فى جاذبية عملات الأسواق الناشئة بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن الاستفادة من تجارة المناقلة، وهى استراتيجية تتضمن الاقتراض بعملة ذات أسعار فائدة منخفضة مثل الين واليورو وشراء عملات بأسعار فائدة مرتفعة مثل البرازيل.
وتتطلب تجارة المناقلة، أيضاً، أن تكون قيمة الدولار ضعيفة على نحو معقول وأن يكون النمو أسرع بكثير فى الاقتصادات الناشئة عن الدول المتقدمة، ولكن بيتر كينسيلا، رئيس قسم أبحاث سعر صرف الأسواق الناشئة لدى «كوميرز بنك»، يقول إن هذه الشروط غير متوافرة «فالتقلبات أكثر ارتفاعاً، ونحن فى بيئة تتسم بقوة الدولار».
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن هناك دليلاً على مزاج المستثمرين الإيجابى تجاه الاقتصادات النامية، فالريال البرازيلى ارتفع بنسبة 11.5% من مستويات قياسية منخفضة نهاية سبتمبر الماضى عندما تراجع إلى أدنى مستوياته على الإطلاق وبلغ 4.24 ريال مقابل دولار، وشعر البنك المركزى أنه مضطر للتدخل ووعد باتخاذ إجراءات للحد من المزيد من الخفض.
وتعافت الليرة التركية بنسبة 7% من أدنى مستوياتها التى سجلتها يوم 22 سبتمبر وبلغت 3.07 مقابل الدولار، وكان رد فعل المستثمرين إيجابياً على النجاح الساحق غير المتوقع لحزب العدالة والتنمية فى الانتخابات البرلمانية المبكرة التى أُجريت فى نوفمبر، وذك لأنها وضعت، على الأقل، حداً للغموض السياسى.
وربما يعود تحسن مزاج المستثمرين أيضاً تجاه الأسواق الناشئة إلى انخفاض عجز الحساب الجارى فى بعض البلدان، فالبرازيل بدأت العام الجارى بعجز فى الحساب الجارى بلغ ما يزيد على 12 مليار دولار، ولكنه وصل فى سبتمبر إلى أقل من 3.1 مليار دولار، وقضت تركيا على عجزها فى الحساب الجارى الذى بلغ فى بداية العام 6.9 مليار دولار.
وقال كينسيلا، إن مثل هذا التراجع فى اختلالات الحساب الجارى جعلت عملات الأسواق الناشئة أقل عرضة لدورة قاسية من ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، ولكن أحد أسباب هذا التعافى فى ميزان المدفوعات هو الانكماش الكبير فى الواردات وهذا الأمر مقلقاً للغاية.
وأضاف كنسيلا، أنه على الرغم من أن الأسواق الناشئة يجب أن تصمد أمام أول جولتين من ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، فإن بنوكها المركزية مقيدة بمجموعة من الأدوات السياسية.
وقال كنسيلا، إن السيناريو الأفضل هو الخفض التدريجى والمتواضع فى قيمة العملة، فلا أحد يستفيد من قوة العملة فى البيئة الحالية.